جلس العاطل يتلفت ويقلب بعينيه في الوجوه الوافدة وسط شلالات البشر في ميدان رمسيس يفرز ويختار ويتحين الفرص لاصطياد فريسة جديدة يبدو عليها ضعفها المتخفي خلف ملامح الرهبة والتردد والغربة بخبرته المتمرسة يحول ملامحه إلي اللين بمجرد رؤيته طفلا أو فتي قاده قدره لهجرة بيت ذويه.... وسحبته قدماه إلي قطار يتجه إلي المجهول ومن محطة إلي أخري حتي يهبط إلي محطة السكة الحديد أو طفل يسترزق ببيع منادبل أو سلعة يدور بها في الشوارع.. هذه هي الفريسة الباحث عنها العاطل كل يوم في ميدان المحطة وما ان تظهر الفريسة يقترب العاطل مطلقا لحيته ناشرا طيبته ويتحايل علي الطفل عارضا استضافته وايواءه من الشارع وبعد فترة من شعور الضعيف الصغير بالأمان والطمأنينة والحنان المزعوم تظهر أنياب الذئب ويستغل قوته الجسدية ويأتي بالفعل الذي يغضب الله ويذل الصغير بهتك عرضه ويهدده ويساومه بالفضيحة وسط الأفراد نزلاء الذئب مدعي الكرم بايوائهم فينضم منصاعا للأمر مكرها إلي فريق التسول مع باقي الصبية المقهورين والذين منعهم نفس الفعل من الاغتصاب والإجبار علي التسول بالشوارع.... هكذا كان حال عبد الرحمن العاطل ذي الاثنين والأربعين عاما والمشهور بالشيخ وهو اللقب الذي كان غطاء يستتر خلفه.... وفي احدي الحملات التي قادها العميد خالد عبد العزيز مدير إدارة رعاية الأحداث بالقاهرة لرصد أماكن تجمع الصبية والمتشردين بمناطق أول غمرة وخلف قطارات السكك الحديدية وبالقرب من منطقة جزيرة بدران وبجوار احدي الحدائق المهجورة التي يمارسون فيها الموبقات معا واستنشاق الكلة. ارتاب مدير ادارة الاحداث في العاطل وبحاسته الأمنية وخبرته الطويلة اشتم رائحة جريمة مستترة خلف الملامح الملتوية البادية علي وجهه ولكنها لم تنطل علي الضابط الذي سأل العاطل عن الطفل ذي الأعوام العشرة فجهر بصوته مدعيا أنه ولده, فاقترب الضابط أكثر من العاطل وقد تأكدت شكوكه وسأله إلي أين يتجهان فتلعثم الذئب وارتبك فنظر العميد إلي الطفل الذي أحمر وجهه سريعا وتجمعت الدموع في عينيه وابتعد عن العاطل مادا يده إلي العميد خالد عبد العزيز وهو يؤكد أن العاطل ليس أباه وأنه هتك عرضه هو وأطفال آخرون وقال للضابط.. يجبرنا علي التسول ويحصل النقود من الجميع. وتم القبض علي العاطل وأحيل إلي النيابة التي أمرت بالبحث عن باقي الضحايا وإحالتهم إلي الطب الشرعي لإعداد التقارير اللازمة.