مع الأرقام والمعدلات التي أعلنها أخيرا الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط عن معدلات الاستثمار ومع اتجاه عدد من دول العالم تجاه اتباع سياسات تقشفية خلال العام الحالي كالولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا نتيجة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية قام الأهرام المسائي بطرح تساؤل حول مدي قدرة الحكومة المصرية علي الوصول بمعدلات النمو إلي5.5% في العام المقبل وسط حالة التنحار السياسي المنعكس علي الأداء الاقتصادي. وفي هذا الصدد أجمع عدد من الاقتصاديين صعوبة مضاعفة معدل النمو في العام المقبل, وسط المخاوف المسيطرة علي أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية والمصرية الناتجة عن حالة الضبابة علي أوضاع الدولة مع عدم عودة الحالة الأمنية لصورتها الطبيعية. أكدت مينوش عبد المجيد العضوة المنتدبة لأحد بنوك الاستثمار صعوبة الوصول بمعدل النمو إلي5.5% نتيجة عزول مختلف دول العالم عن الاستثمار في مصر لأجل غير مسمي لحين الانتهاء من الفوضي العارمة التي يشهدها الشارع المصري والغياب التام للأمن. وأوضحت أن الاستثمارات الموجهة لمصر باتت تقتصر فقط علي الاستثمارات القطارية دون غيرها, وذلك ليس ثقة في الاقتصاد المصري وقوته وإنما نتيجة لطموح المستثمرين القطريين في غزو الاقتصاد المصري منذ النظام السابق الذي كان يقف حائلا أمام استقبال الاستثمارات القطرية. وتوقعت مينوش ألا يتجاوز معدل النمو الاقتصادي نسبة3% للعام الجاري بشرط هدوء الأوضاع السياسية وحصول مصر علي قرض صندوق النقد الدولي مما يرفع من التصنيف الانتمائي لمصر بعد سلسلة التراجع في تصنيفها منذ اندلاع ثورة يناير. فيما قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد عميد البحوث والدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات من أجل تحقيق معدل نمو5.5% فيجب رفع معدل استثمار الاقتصاد المصري بما لا يقل عن25% إلي30% من الناتج القوي لأنه من غير المقبول أن يكون معدل الاستثمار الحالي17% فهو معدل منخفض للغاية. وأكد أنه للوصول إلي معدل النمو المرغوب ينبغي توفير موارد مالية لتمويل هذا المعدل في ضوء معدلات الأداء الحالية للاقتصاد المصري وذلك بجلب استثمارات أجنبية مباشرة في مجالات الإنتاجية الحقيقية وليس في التدفقات المالية السريعة في البورصة أو في أذون أدوات الدين من أذون الخزانة أو غيرها وذلك في مجالات الصناعة والزراعة الحديثة والتطبيقات التكنولوجية المختلفة. وأضاف عبد المطلب أن معدل النمو المستهدف الذي تريد أن تحققه الحكومة خلال العام المقبل لن يكون أمرا سهلا إذا سرنا بهذا البطء لذلك فلن يتحقق ذلك بسهولة وأنه ينبغي صياغة سياسات اقتصادية محددة وتوفير بيئة مناسبة لجلب هذه الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأشار إلي أن كل هذا لا يبدو واضحا في السياسات الحالية التي اتجهت إلي القروض من المؤسسات الدولية بغرض توفير موارد لتغطية العجز في الموازين الاقتصادية الكلية للاقتصاد المصري وأن هذا لا يحقق رفع معدل النمو المستهدف في ضوء الارتفاع الكبير في المديونية الداخلية للحكومة المصرية والتي أدت إلي تحول البنوك عن تمويل الاستثمارات الحقيقية إلي تمويل العجز في الموازنة العامة وهذا كله يؤثر سلبا علي قدرة الاقتصاد المصري في رفع معدل النمو. الدكتور أحمد الأطرش أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة قال إن الكلام عن رفع معدل النمو في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة هو نوع من أنواع الاطمئنان للشارع المصري فالحكومة الحالية والحكومات السابقة لم تفعل أكثر من تسيير الأعمال دون التأثير فيها حجما أو اتجاها. وأشار إلي أنه يجب ابتداء الاهتمام بالوضع السياسي وأن ننتظر حتي يحدث الاستقرار ثم بعد ذلك نناقش الوضع الاقتصادي وعلي الحكومة أن تجيب عن كل الأسئلة سواء المتعلقة بالمدة القصيرة التي تهتم بمواجهة التضخم وارتفاع الأسعار والمدة الطويلة والتي يتم وضع تصور للتنمية وركائزها, ذلك أن الحكومة الحالية ليس لديها أي تصور للنهوض بالاقتصاد القومي.