جاءت استقالة رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي لتثير المخاوف ن فراغ سياسي في البلاد التي تعاني أزمة سياسية زادت حدتها بعد فشل مبادرته لتشكيل حكومة تكنوقراط وهو ما رفضته حركة النهضة التي تحكم البلاد والتي يحتل فيها الجبالي منصب الأمين العام, حيث ارادت تشكيل حكومة سياسية ائتلافية وهو ما رفضه الجبالي. وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن استقالة الجبالي أعادت بتونس إلي نقطة السفر, اذ جاءت تهديدات الجبالي بالاستقالة للضغط علي حزب النهضة الذي هدد هو الآخر بمغادرته الحكم اذا اصر الجبالي علي تشكيل حكومة تكنوقراط, وهو الأمر الذي سيقود البلاد إلي حالة ن الفراغ السياسي ويفتح مجال للتناحرت بين الأحزاب التي ستتصارع للوصول إلي سدة الحكم النظر إلي مصالح الشعب أو مطالبه التي ثار من أجل تحقيقها. ووصف البعض اقتراحات رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي بتشكيل حكومة ائتلافية مدعومة ببعض التكنوقراط بأنها لم تكن ناسبة لتونس التي تعاني وضعا اقتصاديا هشا يكاد يجبرها علي إعلان افلاسها, فكيف ستتمكن من تشكيل حكومة بهذا الشكل ستكلف ميزانية الدولة الكثير وهي عاجزة عن دفع رواتب موظفيها الشهرية؟. وبعد أن قضي الجبالي سنوات طويلة في السجون التونسية أيام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يدافع عن النهضة وأفكارها جاء اليوم ليقف أمام صقور الحزب في مواجهة شرسة أقل ما توصف به هو مواجهة تكسير العظام وهو ما يمثل تهديدا كبيرا ليس فقط علي المجتمع والشارع التونسي بل علي حزب النهضة الذي سيعاني انقساما حادا سيؤثر علي قيادته للبلاد وعلي المستقبل السياسي لتونس التي تقف علي أعتاب فوضي عارمة تكاد تعصف بالبلاد. وجاءت استقالة الجبالي بعد أكثر من15 شهرا من تعيينه رئيسا للوزراء ليبرئ نفسه من التخبط الذي تشهده المرحلة الانتقالية خاصة بعد الخلافات التي أثبتت أن هنام أحزاب تفرض سلطتها بالقوة والعنف وهو ما قد يقود البلاد نحو كارثة حقيقية ستعاني منها سنوات طويلة. ويري الخبراء ضرورة وضع خطط مستقبلية لتسيير المرحلة الانتقالية في تونس للوصول بها إلي بر الآمان لكن إصرارهم علي اللجوء للشارع كسبيل وحيد للتعبير عن غضبهم قد يؤجج حالة العنف والاضطرابات في البلاد. وفيما أكدت أحزاب المعارض أنها وقعت في الفخ لعدم مساندتها لمبادرة الجبالي التي حظت بتأييد الشارع التونسي, يري آخرون أن المبادرة جاءت مخالفة للشرعية ولذلك لم يكن إجهاضها مفاجئا, أما الجبالي الذي سارع بالوفاء بالوعد الذي قطعه علي نفسه أمام التونسيين فحظي باحترام وتعاطق الكثيرون لأنه تنازل عن مصبه لتجنيب البلاد أزمة سياسية حادة. لكنه لم يدرس جوانب الموضوع جيدا, إذ جاء قرار الاستقالة ليعمق الأزمة السياسية ويزيد ن الاضطرابات والاعتصامات التي قد تلحق بالاقتصاد أضرار كبيرة. وبالرغم من هذه الأزمة لكن النهضة لن يتنازل عن الجبالي بسهولة لما يمثله من مكانة مرموقة داخل الحزب, حيث يتجه لترشيحه مجددا لتشكيل حكومة ائتلافية سياسية, إلا أنها إتخذت احتياطاتها جيدا فمنذ تلويح الجبالي بالاستقالة شرعت في إختيار بعض الأسماء المؤهلة لخلافته في رئاسة الحكومة وأبرزها وزير الصحة عبداللطيف المكي ووزير الفلاحة محمد بن سالم ووزير العدل نورالدزين البحيري ووزير الداخلية علي العريض واخيرا وزير النقل عبدالكوريم الهاروني.