رحل عن عالمنا فنان الكاريكاتير رمسيس عن عمر يناهز69 عاما بعد صراع مع المرض وقد ظل رمسيس بخفة ظله وابتسامته التي لا تفارقه يقدم الكثير من الأعمال في مجال الكاريكاتير وأيضا الكتابة الساخرة وحينما نذكر اسم الفنان الراحل رمسيس تعود بنا الذاكرة إلي فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي من خلال برنامجه التليفزيوني الرائع يا تليفزيون يا الذي دام عرضه خلال شهر رمضان الكريم علي مدار عشرين عاما تقريبا, واستضاف خلال حلقاته ألمع نجوم الفن في العالم العربي وأتذكر في طفولتي أننا كنا ننتظر اللوحة الكاريكاتيرية التي ستخرج علينا علي الشاشة في نهاية الحلقة منتظرين كيف صور هؤلاء الفنانين في مخيلته وكيف خرجت اللوحة بهذه السرعة!! وكان البرنامج يتميز بخفة ظل تنم عن شخصيته المرحة المحببة لكل من حوله.. كما أصبح تقليدا لانتشار فن الكاريكاتير في القنوات التليفزيونية وبالفعل استطاع أن يفتح المجال لبعض فناني الكاريكاتير لتقديم برامج تليفزيونية فيما بعد. وكان مشوار رمسيس الفني منوع فيما بين الكاريكاتير وبعض الكتابات فضلا عن التمثيل حيث بدأ برسوماته الكاريكاتيرية المعبرة في مجلة روز اليوسف ثم انتقاله إلي مجلة صباح الخير منذ السبعينات من القرن الماضي وحتي وفاته تقريبا.. حيث واظب علي تقديم بابه) يا تليفزيون يا( إلي أن اشتد عليه المرض في الفترة الأخيرة.. هذا بالإضافة لنشاطه الدائم منذ عقود في المهرجانات التابعة لوزارة السياحة في أمريكا وبعض الدول الأوربية مثل لندن وإيطاليا وألمانيا وذلك من أجل ترويج وتنشيط السياحة المصرية عن طريق بورتريهاته الكاريكاتيرية التذكارية علي ورق البردي للأجانب الزائرين للجناح المصري وظل يشارك في هذه المهرجانات لفترات طويلة من عمره.. ومن ضمن أعماله المحببة كانت مشاركته في المؤتمرات الطبية التي تقام من وقت لآخر لعمل لوحات تذكارية لكثير من أطباء مصر خلال هذه المؤتمرات..وبعد توقف برنامجه التليفزيوني يا تليفزيون يا قدم بعدها برنامج آخر لمدة عامين علي قناة النيل للمنوعات بعنوان هاني ورمسيس كل خميس مع صديقه الفنان هاني شنودة وكانت فكرة البرنامج مميزة حيث يقوم شنودة بتأليف أغنية في الحال تناسب اسم المتصل تليفونيا بالبرنامج ويقوم رمسيس بعمل كاريكاتير من خلال وصف المتحدث لملامحه الشخصية وهي فكرة جديدة وكانت تتسم بالفكاهة والمرح. وظل رمسيس شديد الإعجاب والتأثر بالعظيم الراحل صلاح جاهين وكانا يتشابهان في بدانة الجسم والأسلوب الساخر الذي تعلمه من جاهين, وقد ظهر هذا التأثر واضحا في مجلة كل الناس التي تقدم حكايات فهيمة اللئيمة والتي كتبها بأسلوب ساخر باستخدام السجع مقاربة من رباعيات جاهين.. ونظرا لعلاقاته القريبة ببعض الفنانين فكان يكتب أحيانا بعض الأخبار الفنية أو الاجتماعية المتعلقة بهم في باب) اكتم السر( بمجلة صباح الخير.. ويعزو لارتباطه بالتمثيل كأحد العناصر المهمة في فريق الجامعة والكنيسة في فترات مبكرة أن شارك زملائه في بعض الأفلام والمسلسلات مثل توت توت والجبلاوي ودور صلاح جاهين في دموع صاحبة الجلالة.. كما قدم رمسيس بعض الكتب عن فن الكاريكاتير وكتاب رحلات وحكايات الذي صدر عن هيئة الكتاب في جزئين ووصف فيه أهم المواقف الكوميدية التي تعرض لها أثناء زياراته المتعددة إلي ألمانيا بأسلوبه الساخر الشيق.. أما عن الجانب الإنساني في حياته والذي قد لا يعرفه الكثيرون فهو شخص مرح وخفيف الظل يتمتع بدماثة الخلق وطيبة القلب, كما كان شديد التعلق بأسرته عاشقا لزوجته السيدة سميحة رحمها الله والتي ظلت بجواره في هذا المشوار الطويل متفرغة إلي التزاماته وتنظيم أوقات عمله حتي أطلق عليها) دينامو الحياة(.. وكانت خير رفيق إلي أن توفاها الله إثر حادث منذ أربع سنوات, وكان لهذا الفراق أثر سيئ جدا علي حياته حيث شعر بالوحدة من بعدها.. ولكن كانت ماريان وليليان ابنتاه هما العوض والسند بجانب أحفاده رزان ونيكول وأخيرا حفيده الأصغر كريم والذي ظل بجواره يطعمه من يديه الصغيرتين حتي اللحظات الأخيرة. لقد افتقدنا فناننا الكاريكاتيري الساخر رمسيس أحد رواد هذا المجال في مصر والعالم العربي والذي من الصعب تعويضه.