اعتاد الحاج محمد ابن قرية الطوايل بمركز ساقلتة بسوهاج, التوجه إلي أرضه الزراعية فجر كل يوم علي ظهر دابته, ليمارس عمله اليومي في فلاحة أرضه, وكسب قوت يومه بكده وعرقه, ممسكا فأسه في يده متحليا بالصبر وقوة العزيمة, ليوفر لقمة العيش لزوجته وأولادهما وأحفادهما. كان يظل في أرضه حتي غروب الشمس ليكفي نفسه وأسرته ذل الحاجة وسؤال اللئيم, ويحصل علي لقمة هنية من منتجات أرضه بدلا من شرائها من السوق وبعدها يمتطي حماره عائدا إلي بيته. وقد أنهكت قواه, لكن زوجته كانت تهون عليه تعبه; إذ تستقبله ببشاشة تخفف عنه مشقة يومه الطويل. وفي المساء يتبادل الحاج محمد أطراف الحديث مع زوجته وأبنائهما حول أحوال القرية, وأحوال العائلة, وقبل انتصاف الليل بساعتين يأوي إلي فراشه خالي البال, صافي الذهن, لا يشغله من الدنيا شيء, سوي الاستيقاظ في فجر اليوم التالي ليبدأ مسيرته اليومية. ومنذ أيام, استيقظ الحاج محمد من نومه وأيقظ أبناءه لصلاة الفجر, وأخذ يبادلهم أطراف الحديث الممتع, الذي تنوع بين المرح والفكاهة, وراح الرجل يستعيد ذكريات حياته, ويقصها علي أولاده, وكأنه لا يريد للحديث أن ينقطع, وكان يرمق أولاده وزوجته الحبيبة بنظرة غريبة بها محبة واشتياق, يريد أن تشبع عيناه برؤيتهم في هذه اللحظات الأخيرة التي يعيشها بينهم, وكأن قلبه كان يحدثه بشيء ما سوف يحدث. وكعادته يوميا امتطي الحاج محمد حماره متوجها إلي ارضه الزراعية, وفي أثناء سيره المتمهل علي الطريق, كان يردد الأغاني ويسلي طريقه, وفجأة شعر بدوار مؤلم جدا في رأسه, وأحس بأن الدنيا تموج من حوله وتسارعت ضربات قلبه بشدة, وبدأ يتساءل عما أصابه, فقد كان معافي وفي كامل صحته منذ قليل, وكانت ضحكاته مع أولاده تملأ الدنيا فرحا وسرورا, خاصة وأنه لم يشك طيلة حياته من أي أمراض مزمنة أو خطيرة إلي أن اختل توازنه وسقط علي الأرض وقد فارق الحياة. ترجع أحداث الواقعة عندما تلقي اللواء محسن الجندي مساعد وزير الداخلية لأمن سوهاج بلاغا من مستشفي ساقلتة المركزي, بوصول محمد58 سنة فلاح ومقيم بقرية الطوايل الغربية جثة هامدة. اهتم العميدان محمود العبودي والحسن عباس مدير ورئيس المباحث الجنائية بكشف ما وراء الواقعة. وتوصلت تحريات المقدم محمد سعد رئيس مباحث المركز, إلي أنه في أثناء امتطاء المجني عليه دابته بأرضه الزراعية, اختل توازنه وسقط أرضا, ما نتجت عنه وفاته. وبمعاينة جثة المجني عليه, لم يتم العثور علي أية اصابات أو خدوش, وبسؤال نجله جمال أيد ما جاء بالتحريات, ونفي الشبهة الجنائية. تم تحرير محضر رقم111 إداري المركز, وأخطرت النيابة فصرحت بدفن الجثة لعدم وجود شبهة جنائية في الواقعة, وباشرت التحقيق.