ظل محصول القطن الي وقت قريب يمثل أهم محصول زراعي استراتيجي في مصر حتي أنه تم إطلاق وصف الذهب الأبيض عليه لأنه كان يمثل اغلب دخل الفلاح الذي كان يعتمد عليه بشكل اساسي وكان الفلاحون ينتظرون موسم حصاده بفارغ الصبر لبيعه وتسويقه وشراء جميع مستلزمات حياتهم بداية من الطعام والملابس وزواج ابنائهم وتجهيزهم حيث كانوا يطلقون عليه المحصول النقدي الذي كان يحقق لهم ايرادات وارباحا مادية. ولكن السنوات الاخيرة شهدت تدهورا سريعا في زراعة محصول القطن وبدأت زراعة المحصول تتقلص عاما بعد عام حتي وصلت هذا العام الي أدني تقدير بعد ان وصلت الي نحو17 الف فدان فقط في جميع مدن ومراكز محافظة الغربية الثمانية بينما كانت في الماضي القريب تبلغ أضعاف اضعاف هذه المساحة, ولكن الأحوال تغيرت سريعا لوجود خلل واضح كما أصبح محصول القطن من المحاصيل المرهقة سواء للفلاح او الدولة بسبب العديد من العوامل سواء الداخلية أو الخارجية وسوف نحاول الكشف عنها من خلال جميع الاطراف لمعرفة ماذا حدث للذهب الأبيض الذي فقد بريقه الآن. ويؤكد المهندس عثمان فراج وكيل مديرية الزراعة بالغربية أن المساحات التي تمت زراعتها بمحصول القطن الطويل التيلة علي مستوي مدن ومحافظة الغربية هذا العام بلغت نحو17 ألف فدان حيث يبلغ انتاج الفدان الواحد9.5 قنطار ليصل اجمالي الانتاج هذا العام في جميع انحاء المحافظة154.980 قنطار, وأشار إلي أن المحصول لا يتم توريده للدولة لتسويقه كما كان يحدث في الماضي عندما كانت الدوله تورد عملية توليد المحصول لتجار وجمعيات توزيع المحاصيل. وفجر وكيل مديرية الزراعة بالغربية مفاجأة عندما أكد أن المساحات التي تقررت زراعتها في شهر فبراير من العام المقبل بالقطن سوف تنخفض وستكون اقل من العام الحالي حيث من المتوقع ان تصل الي10 الاف فدان فقط وسيكون السبب الرئيسي في ذلك هو ارتفاع أسعار التكلفة للبذور والأسمدة والتقاوي وهو ما دفع الفلاحين للبحث عن زراعة محصول آخر بدلا من محصول القطن يضمن لهم تحقيق عائد مادي مربح بعد أن أصبح محصول القطن لا يحقق لهم أي عائد مادي كبير كما كان في الماضي, وأصبح زراعة محصول القطن يسبب لهم خسائر مادية. وضرب وكيل وزارة الزراعة بالغربية مثلا علي ذلك عندما أوضح أن جمع قنطار واحد من القطن يكلف الفلاح300 جنيه هذا بخلاف مشكلات أسعار التوريد حيث يتم توريد القنطار بسعر980 جنيه فقط وهو ما جاء عكس تصريحات وزير الزراعة التي اكد خلالها ان سعر التوريد للقنطار القطن الواحد جيزه86 سيكون بمقابل1100 جنيه للقنطار وهذا لم يحدث بالطبع. وأضاف أن دور الدولة أصبح يقتصر الأن علي تحديد أماكن توريد محصول القطن للفلاحين فقط ودون أي تدخل آخر, ويري أنه أصبح من الضروري رفع أسعار بيع محصول القطن كي يحقق العائد المادي المناسب للفلاح ويشجعه علي الاستمرار في زراعته لكن هناك مشكلة تعرقل تحقيق ذلك نظرا لارتباطنا بالأسعار العالمية, وهو ما أصبح يتطلب ضرورة وسرعة البحث عن طرق وسبل جديدة وفتح منافذ ومصادر أخري للتصدير لمواجهة هذه المشكلة التي أصبحت تهدد محصول القطن في مقتل بعد أن كان هو المحصول الاستراتيجي الأول في مصر. أما المهندس السيد السيسي مهندس زراعي فيوكد أن المشكلة أصبحت كبيرة خاصة للفلاح الذي يضطر في النهاية إلي بيع محصوله من القطن بخسارة نتيجة ضغط التجار لتحديد الأسعار بمعرفتهم, مشيرا إلي أن المزارعين كانوا يأملون ويتطلعون هذا الموسم أن يصل سعر قنطار القطن الي1700 جنيه لتعويض تكلفة زراعته خاصة عندما أكدت الدولة ذلك, ولكن للأسف الشديد فقد حدث تراجع وهو ما سيكون له أثر عكسي في المواسم القادمة بعد ان قرر معظم المزارعين عدم زراعة محصول القطن المواسم القادمة. وأضاف ان عدم تسلم الدولة لمحصول القطن لتوريده للتجار والجمعيات كما كانت تتولي عملية تسويقه وتوزيعه علي المحالج والمغازل التابعة لقطاع الأعمال أسهم في الأزمة لكن الأمر تغير الآن بعد ان توقفت معظم هذه المحالج والمغازل عن العمل لأنها لا تستطيع التعامل مع القطن القصير التيلة حيث إنه تم تصميمها للتعامل مع القطن الطويل التيلة فقط, وهو ما أصبح يتطلب سرعة تطوير هذه المغازل, كما أكد أنه في الماضي كانت تبلغ نسبة إنتاج محصول القطن الطويل التيلة65% من الإنتاج العالمي وكان يتم تصديره الي دول الخارج بخمسة أضعاف أسعار القطن القصير التيلة الذي كان يتم استيراده, ولكن بدأت المشكلة الآن بعد أن أصبح الاعتماد الكامل علي القطن القصير التيلة وتراجع الاعتماد علي القطن الطويل التيلة واصبحت جميع دول العالم الخارجي تعتمد بشكل كبير في تصنيع منتجاتها علي القطن والمتوسط والقصير التيلة لمواكبة التطور في الاسواق العالمية وبدا الاعتماد علي الحصول علي القطن القصير التيلة من دول شرق آسيا والتي تشهد حاليا منافسات في الاسعار حيث يتم استخدامه في انتاج وتصنيع الملابس الجاهزة وخاصة الملابس الكاجوال والتي تباع في الاسواق باسعار منخفضه عن اسعار الملابس القطنية التي كانت تستعين في صناعتها بالقطن الطويل التيلة وذلك بعد ان تغيرت الأزواق حاليا في الاسواق العالمية واتجهت للملابس الكاجوال الأقل سعرا لاعتمادها في تصنيعها علي قطن متوسط وقصير التيلة. بينما أكد المهندس عبدربه محفوظ أنه يتحكم الآن علي الدولة ضرورة التدخل وإعادة النظر للتفكير في إنشاء صندوق دعم للفلاح يمكنه أن يعطي فارق السعر الخاص بالسعر الضامني الذي ستحدده الدولة للمزارع مثلما هو الحال في الدول الكبري مثل أمريكا ودول شرق آسيا حيث يتم تمويل الصندوق من الجهات المعنية المهتمة بزراعة القطن ومن المزارع نفسه في حالة ارتفاع الأسعار بحيث لو حدث انخفاض في الأسعار يتم تعويض المزارع من هذا الصندوق الذي سيكون بمثابة توازن للحفاظ علي انخفاض وارتفاع الأسعار العالمية والتي تتغير من عام لآخر علي ان يشترط عدم استخدام مخصصات هذا الصندوق في أي أغراض أخري, كما لابد من مراعاة بعض المؤثرات الخارجية مثل الارتباط بالسعر العالمي, وهو ما يؤثر علي السوق المحلية أو بعض المؤثرات الداخلية الخاصة بعدم تطوير وتحديث المغازل التي تشتري المنتج من المزارع وأصبحت تحتاج لسرعة وضرورة تطويرها وتحديثها لتساير وتواكب المتغيرات الجديده في الاسواق العالمية.