المصري الديمقراطي يعلن تعديلات على لائحة الحزب لحل أزمة عضوية المؤتمر العام    رئيس الرقابة النووية يختتم فعاليات "الاجتماع الفني حول التحديات التي تواجهها الهيئات الرقابية"    افتتاح مسجد الرحمن بمنطقة "ابن بيتك" شرق النيل ببني سويف    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد مخر السيل وبحيرات التجميع استعدادا لموسم الأمطار    انخفاض 30 جنيها.. تراجع ملحوظ في أسعار الفراخ والبيض بعد تدخل حكومي لضبط السوق    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المشروعات في السويس.. غدا    يوم توعوي ل أوقاف الدقهلية بدكرنس لمحاربة الأفكار الهدامه    العراق .. مق.تل 5 نتيجة القصف التركي علي مواقع حزب العمال الكردستاني    بلينكن :هناك حاجة ملحة للتوصل الي حل دبلوماسي ينهي الصراع في لبنان    الأمم المتحدة: أطفال غزة يموتون مع تباطؤ عمليات الإجلاء الطبي    على رأسها قمة حاسمة.. 3 أطقم مصرية ضمن حكام مباريات ختام تصفيات أمم أفريقيا    تطورات جديدة فى قضية نداء وحماتها بالشرقية، محامِ الزوجة يفجر مفاجأة    نفوق 7 رؤوس ماشية في حريق حظيرة بأسيوط    محمود حميدة: لا أندم على أفلام وغير مهتم بالإيرادات    أخبار الفن.. موعد طرح فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو.. ومحمود حميدة: لو مش بنسلي الجمهور هيتفرجوا علينا ليه    عبد الفتاح سراج: سوهاج واجهة حضارية وتاريخية عظيمة بين محافظات الجمهورية    الشيخ أحمد الفرماوي: الكلمة الطبية لها أثر في النفس والإصلاح بين الناس    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    قافلة طبية مجانية بعزبه الأقباط بمنوف والكشف على 327 مواطن    «الصحة» تنظم جلسة حوارية تحت عنوان «بناء القدرات في الطب النفسي»    هيئة الدواء تحذر من مستحضر شهير لعلاج الصرع    محدش يشتريه..هيئة الدواء تحذر من تشغيلة مغشوشة من علاج شهير للصرع    استمرار تذبذب أسعار الذهب في مصر والجرام يسجل 3730 جنيها    مؤتمر أنشيلوتي: مبابي سيلعب دورا كبير في الكلاسيكو.. ولا أريد المقارنة بين فليك وتشافي    الإثنين.. مجلس الشيوخ يناقش مد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية    اليونيفيل تتهم جيش الاحتلال بإطلاق النار وتخريب معداتها في مواقع المراقبة بلبنان    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    قمة بريكس.. روسيا تقترح نظاما ماليا جديدا والهند ترفض مقاطعة الغرب    صحة غزة تعلن مقتل 38 شخصا في قصف إسرائيلي على خان يونس    مصر تعلن إنجازًا جديدًا في محطة الضبعة النووية    أسعار البيض المستورد في منافذ وزارة التموين.. ضخ 10 آلاف طبق أسبوعيا    المشاط توقّع مع أمين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مذكرة تفاهم لتجديد البرنامج القطري حتى عام 2025    مركز الأزهر العالمي للفتوى: الإخلاص في العمل يغير الإنسان والمجتمع    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد بدر بالسويس    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد في بنها    «غادرت دون أن أودعها».. راغب علامة ينعى شقيقته برسالة مؤثرة: «صديقتي وابنتي وأمي»    ضبط 11 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مصر ملتزمة باستمرار إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة رغم التعنت الإسرائيلي    خلال 24 ساعة.. تحرير 617 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    القبض على عصابة تزوير المحررات الرسمية بالبحيرة    هل يأثم الرجل عن عدم صلاة أهل بيته من زوجة وأولاد؟.. الإفتاء توضح    بمشاركة 4 محافظين وشركاء التنمية.. وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تترأسان لجنة تسيير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة.. وزيرة البيئة: الدولة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لحل هذه المشكلة    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    تين هاج يفسر قراره المفاجئ بشأن مزراوي    وزير الإسكان: 4 نوفمبر.. بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتوسط بالمنيا الجديدة    محافظ أسيوط يشهد انطلاق مؤتمر اليوم الواحد الأدبي تحديات الأدب في عصر الرقمنة    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عدداً من الأنشطة والفعاليات    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    طريقة عمل الشكشوكة، وجبة متكاملة سريعة التحضير    مريم الخشت تعلق على أول ظهور لها مع زوجها بمهرجان الجونة بعد زفافهما    ترامب: هاريس تصفني بالفاشي بسبب خسارتها السباق الانتخابي    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    وسام أبو علي: السوبر المصري هدية من الأهلي إلى فلسطين    مي فاروق تختتم مهرجان الموسيقى العربية بأغنية "ألف ليلة وليلة" لأم كلثوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الليالي السوداء
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 01 - 2013

كانت نهلة تنقل خطواتها بسرعة وحيوية في حالة لا توصف من البهجة والفرح بعد أن سلمت علي حبيبها وليد عقب قضاء وقت من السحر والخيال معاً بإحدي الحدائق شبه المهجورة التي لا تطؤها قدم منذ فترة في إحدي ضواحي مدينة مغاغة تطير وسط أمواج من السعادة تود أن تسلم وتحتضن من تعرف ومن لا تعرف في في تودد لا ينتهي
هكذا كان شعورها، ألم يعترف لها وليد أنها حبه الكبير؟ ألم يقسم لها أنه لن يخرج من الدنيا إليا ويداهما متشابكتان إلي الأبد؟ ألم يكن صادقا حين قبل يدها وهمس بأنه أسعد رجل في العالم لأنه يعيش ويجلس إلي جوارها؟ هكذا كانت تسأل نفسها، إذن فلماذا لا تكون أسعد فتيات البلدة وأوفرهن حظا.
وما أن وصلت نهلة إلي بيتها حتي كان لافتا احمرار وجهها المتوقد وحماسها وهي تتحدث مع ذويها وما أن دلفت إلي حجرتها حتي أغلقت بابها ووقفت تستند بظهرها خلفه وعلت وجهها الابتسامة وشعرت بالرضا يملؤها وقبل أن تخلع نعليها كان هاتفها يرن بالنغمة المفضلة للحبيب وليد وبالطبع لم يكن غيره يتحدث والتقطت الهاتف بلهفة وهمست وهي تلتفت تطمئنه علي وصولها غانمة وتطالبه بإنهاء المكالمة بسرعة علي أن تهاتفه فجرا قبل لقائهما غدا وعذرها دائما جاهز البحث عن عمل مع صديقتها الأثيرة التي تتفنن في المداراة والكذب لئلا يفتضح أمر الغرام الملتهب بين نهلة ووليد.
ومع استمرار اللقاءات الدافئة والغوص في الأحلام منفردين تطورت اللقاءات إلي ما يشبه لسع النيران وحتي يرسل ويثبت وليد كل الطمأنينة الممكنة في عقل وقلب نهلة ووجدانها أخبرها أنه يعدلها في اليوم التالي مفاجأة كبيرة لأن ظروفه لا تسمح بالزواج الآن ارتبكت نهلة بسرعة وتلعثم لسانها وهي تذكره بوعوده القديمة، ولكن وليد نطق لسانه وهو يحافظ علي ثبات كلماته أنه يحبها حباً لا يوصف وستري غدا ما يؤكد ذلك.
ونامت نهلة تحلم بخاتم من الألماظ يحيط بإصبعها الدقيق ثم يتحول إلي ذهب ثم خاتم دون فص، وأحست بقبلة وليد فوق رأسها وملابس الزفاف تزينها والزغاريد تلفها والطبول تقرع أذنيها وأمها تقترب منها وعيناها تدمعان فرحا علي زفافها وانتقالها لعش الزوجية ونادت عليها واستيقظت فجأة علي صوتها يناديها مستفسرة عن سر همهمتها أثناء نومها فانتبهت أنها تحلم فأعادت الأم سؤالها فأخبرتها بأنها تشعر بالأرق وعادت للنوم.
وفي الموعد نفسه كان وليد حليق الذقن يتعطر تعلم نهلة أنه زهيد الثمن وغير راق ولكنها تعففت وامتنعت عن أن تخجله بذكر ذلك وأمسك يدها وبدأ يبث في رأسها عذب الحديث المتكرر التي باتت لا تمل منه وتصدقه بلا أي شكوك وشعرت نهلة بأنها ارتفعت عن الأرض وسكنت وسط النجوم وفجأة أخرج وليد ورقتين طبع بآخرهما خانتين فارغتين كتب فيهما "الزوج الزوجة" وأخبرها بأنه من فرط حبه لها يحافظ عليها لأنه اشتاق كثيرا لئلا يفترقا للأبد وبشكل رسمي وارتعدت نهلة ممتنعة ولكن مغناطيس حديثه الساحر حقق مبتغاه ودار حوار سريع في رأس نهلة ألست زوجته ويحبني بدون الورقة هو بالفعل لم يمسني ولكني أثق في حبه وإذا كان يريد بي مكروها لفعل منذ أن اختلي بي، واطمأن عقلها لما بثه شيطانها في رأسها، وأسرعت توقع باسمها كاملا علي ورقة الزواج العرفي وأجاد وليد اللعبة صرفها سريعا مؤكدا أنه يجب الاستعداد للاحتفال غدا بهذا الزواج الذي شهدت عليه الأشجار والزهور الذابلة حولها.
وكعادتها طارت عائدة إلي البيت تقبل الأرض والسماء فرحة تريد إهداء ما تشعر به إلي الجميع.
قبلة طويلة سلمت لها نهلة ساكنة مذهولة في لقاء ثاني يوم لتوقيعها علي الورقة ووليد يقف أمامها وبمجرد اعتراضها ابتسم لها بخبث لائما لها كيف لزوجة أن تلوم زوجها، ولم يستمر الأمر طويلا، زوجة تقابل زوجها سرا في مسكنه بعيدا عن الناس، وكلما ارتفع صوت عقلها محذرا العواقب أخرج لها وليد الورقة وطالبها بإخراج نسختها من حقيبتها التي لا تفارقها وأكد لها أن نهلة زوجة وليد ولن يفرقهما إلا الموت، أيام عديدة مرت أم شهور لا تعلم نهلة ولكنها تعرف أنها تشعر بالإغماء وفقدان الشهية بشكل كبير وشعرت بأنها تقترب من الموت فهاتفت صديقتها الأثيرة، وبعد ساعة ونصف الساعة كان السؤال يعاد علي أسماعها من الطبيب للمرة الرابعة وهو يمسك شرائط التحاليل الطبية هل هي متزوجة أم آنسة!
لم تعرف نهلة هذه الشفاه المرتعشة من قبل ولكنها كانت تنتفض وهي تقول إنها آنسة وانتقل بطء الكلمات إلي الطبيب وهو يخبرها بأنها حامل في الشهر السادس ويجب متابعة حملها.
ضغطت صديقتها يدها بقوة وجففت عرقها واحتضنتها وهي تبكي وأوصتها بضرورة إخبار والد الجنين الرابض في أحشائها، لن يستطيع أن يتحمل مسئولية أسرة في ذلك الوقت كان ذلك رد وليد الهابط كالمطرقة علي رأس نهلة المتصبب عرقا وهي مذهولة غير مصدقة وأسقط في يدها ولكن وليد تمادي في رعونته وطالب منها أن تسأل طبيبها إجهاض من بدأ يتحرك في أحشائها ودار حوار السحر والساحر ولعب وليد دوره الشيطاني الأثير لديه وزف إليها كلمات العسل والحب الذي لا يوصف حتي تخدر رأسها، وقادت قدما نهلة جسدها إلي الطبيب في اليوم التالي سائلة إياه إمكان التخلص من جنينها إلا أنه نهرها بشدة مؤكدا استحالة حدوث ذلك للخطورة الشديدة، فتوجهت مسرعة إلي منزل وليد عش الغرام الأثير وظلت تروي له متقطعة الأنفاس ما رواه الطبيب، من أدراني ربما لا أكون والد هذا الطفل كان الخاطر يدق بقوة في رأس وليد وهو صامت يسمع ولا يتحدث واتخذ قراره بضرورة التخلص مما يثبت بنوته لثمرة لقائهما الحرام.
فالتفت لها وهتف فيها صارخا أنه في عصر اليوم التالي سيكون حل كل المشكلات جاهز ولجأ في الموعد المتفق عليه إلي حيلة والكلام اللطيف والأحلام التي يجب أن تتحقق وخرجت نهلة خالية اليد دون حل يذكر وبعد مغادرتها إلي بيتها اطمأنت علي الحقيبة كعادتها برؤية ورقة الزواج العرفي اللعينة إلا أنها فوجئت باختفائها طار عقلها وجنت وشعرت باختناق يكتنفها.
فتحايلت علي الخروج حتي عادت إلي وليد بمنزله وواجهته بسرقته العلامة الوحيدة علي ارتباطهما.
خرجت أصابع وليد بهدوء من جيب بنطاله متحديا وبسطها في برود والورقة في يسراه وبدأ يمزقها وكأنه يقطع جسد نهلة جزء تلو الآخر، أغمضت عينيها وانهمر المشهد الذي سلبها حظها أمام عينيها ورأت الشيطان بوجهه الحقيقي لأول مرة وقبل أن تفيق من مصيبتها، صرخ فيها مؤكدا شكه في بنوته لمن يصرخ في بطنها ولا يعلم من أبوه.
ونظرت نهلة إلي عين وليد الذي لم تعرف رجلا قبله ولملمت روحها وغادرت مسرعة إلي أسرتها مؤكدة أن زوجها مزق ما يثبت علاقتهما وبعد بكاء وعويل وتعاز علي مأتم لم ينته جمعت أسرتها شتاتها معاتبة وليد محاولة إجباره علي الاعتراف بالجنين، كانت الإهانة والإصرار علي موقفه الرد الذي ذبحهم به وليد، ومرت الأشهر وهبط طفلها إلي الأرض صارخا وأسمته محمد حتي لا يهينه الناس، ولم تستخرج له شهادة ميلاد وحملته وتوجهت إلي أبيه مذكرة إياه بحبهما وما كان يملأ به حواسها، حجر قلب وليد وصخورا كانت مشاعره انهارت عليه دموع نهلة وتوسلاتها وتركت قبلاتها فوق حذائه واستمعت لمن نصحها باللجوء للقضاء لإثبات بنوة محمد لأبيه وذهبت إلي المحكمة وكالعادة كبر محمد وتداولت القضية عاما بعد آخر حتي وصل إلي السادسة من عمره بين أم حولها الدمع إلي شبح من الهزال وأب لان الحديد ولم يلن قلبه حتي الآن.
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.