كيف نشأ مفهوم الشرق الأوسط وما هي دلالاته وارتباطاته؟.. ولماذا نجد مجموعة متنوعة من التسميات التي تشير كلها إلي منطقة يختلف في تحديدها فتارة يكون الحديث عن الشرق الأوسط, وتارة أخري عن الشرق الأدني أو حتي( الشرق الأوسط شمال افريقيا) وأحيانا يتحدثون عن الشرق بكلمةlevant الفرنسية وأحيانا أخري بكلمةOrient, وهناك أيضا من يتحدث عن العالم العربي والمنطقة العربية والأمة العربية والعالم العربي الإسلامي. الشرق الأوسط وفقا لدراسة الباحث هشام القروي ارتبط مفهومه وتاريخ تطوره بالخطط الإمبريالية كما أن جميع الإدارات الأمريكية كانت تصنع مسار عمل ما في الشرق الأوسط. وقد أبدي كارل ماركس اهتماما كبيرا بالعلاقة بين واشنطن والشرق الأوسط, وحيث كتب عام1835 عندما كان مراسلا لصحيفة نيويورك تريبيون انه علي الرغم من أن واشنطن لا تعد قوة ذات نفوذ في الشرق الأوسط فإنه لم يعد بإمكانها أن تقبل المنزلة المتواضعة التي كانت لها في الماضي بعد أن أحرزت درجة كبيرة من الثروة والحضارة والقوة ذكر ماركس أيضا عددا من التقارير الدبلوماسية والصحفية التي تتجه الوجهة نفسها قائلا إن واشنطن كانت تسعي منذ عام1840 إلي كسب قاعدة بحرية في حوض البحر المتوسط مؤكدا أن الحكومة الأمريكية حاولت الحصول علي إذن باستخدام مؤقت ل سيرا كوزا من ملك الصقليتين. يشير ماركس أيضا إلي معلومات مصدرها ألمانيا تتعلق بمعاهدة سرية زعم أنها عقدت بين الولاياتالمتحدة وتركيا تحصل بموجبها الأخيرة علي أموال ودعم بحري, فيما تحصل الأولي علي مرفأ أنوش وهو ما يوفر مكانا جيدا وآمنا لإقامة محطة تجارية وعسكرية للجمهورية الأمريكية في البحر المتوسط, وتوقعت أوروبا منذ ذلك الحين دخول واشنطن إلي البحر الأبيض المتوسط منذ قرن كامل قبل أن يدخل إليه الأسطول السادس بالفعل! بلغ الغرور الأمريكي إلي اعتقاد الرئيس الأمريكي روزفلت أن الرجل الأبيض عليه أن يتحمل عبء تغريب شعوب آسيا وافريقيا التي ادعي انها تغرق في الظلمة ووصل تطاوله إلي قوله انه من المستحيل أن نتوقع السعادة الأخلاقية والفكرية والمادية في الأماكن التي يسود فيها الدين الإسلامي علي حد ادعاداته. وارتبط مفهوم الشرق الأوسط بلا شك بالمشاريع الاستعمارية والتنافس بين القوي الكبري للهيمنة علي منطقة تحتوي ثروات لا مثيل لها من النفط والغاز ذلك الغذاء الحيوي للصناعات الغربية. مصطلح الشرق الأوسط كما يري المؤلف يفتقر إلي الدقة, فبالنسبة لهذا المصطلح فهو يشمل ايران بينما يري البعض انه يتوقف عند الخليج العربي, ولدي البعض الاخر يشمل المصطلح شمال افريقيا وليبيا وما يقع بعدها فيما يقول أخرون أن مصر هي الحد الفاصل للشرق الأوسط وهكذا يقترح الأطلس تعريفا يشمل تركيا وايران ومصر وليبيا. والسعودية والعراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين واسرائيل بحيث لا يمتد إلي شمال افريقيا ولا إلي آسيا الوسطي. وأهم سمات الشرق الأوسط المميزة الاسلام بصفته دين الأغلبية وأنه منطقة تقع في مفترق العالم القديم حيث تلتقي أوروبا وافريقيا واسيا. ولكن المؤلف يري أن هذه السمات ليست حكرا علي الشرق الأوسط حيث يمتد الاسلام شرقا عبر أفغانستان إلي باكستان وفي شمال افريقيا نحو المغرب. وكتب الصحفي البريطاني براين وتيكر عام2004 أنه غير متأكد من قدرته علي الإجابة عن السؤال المتعلق بتحديد الشرق الأوسط علي الرغم من أنه يكتب عن المنطقة منذ سنوات! وقال وتيكرر: العزاء الوحيد لي هو أن وزارة الخارجية الامريكية ووزارة الدفاع والجيش يشعرون بالأرتباك مثلي ولاحظ الصحفي بعد البحث ان التعبير ماهو إلا اختراع وأن الشخص الأول الذي استعمله كتابيا هو الجنرال سير توماس جوردن موظف المخابرات البريطاني في مقال نشر عام1900. ويوضح المؤلف انه منذ زمن بعيد ضمنت واشنطن الشرق الاوسط ضمن استراتيجية جديدة شاملة لها لاكتشاف بعد جديد لدورها علي المسرح العالمي وذلك وفقا لماهان المتخصص في علم الجغرافيا السياسية الذي أكد ان مولد الشرق الاوسط كمفهوم ارتبط منذ البداية بتطور التفكير الجيوبولتيكي والاستراتيجي الغربي وحاجاته. ويؤكد المؤلف إنه مع نمو أهمية النفط علي نحو متزايد في الاقتصاد العالمي لم يكن في وسع الأمريكيين الذين أدركوا أن احتياطاتهم في تناقص أن يفعلوا شيئا سوي الدخول في سباق كبير مع الدول الكبري في العالم من أجل السيطرة علي مصدر الطاقة المعروفة باسم الشرق الاوسط فقد شعرت واشنطن أن الاتفاقيات الثنائية بين فرنسا وبريطانيا العظمي لاقتسام المناطق النفطية بينهما( معاهدة سان ريمو1921 قد تجاوزتها, وفي الحقيقة فإن تاريخ العلاقات الدولية في هذه المنطقة بين الحربين العالميتين قد يكون تاريخ التنافس والسباق علي النفط. وقد تبنت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة واضحة في هذا الصدد وهي فتح ابواب حقول الشرق الأوسط النفطية للشركات الأمريكية وقد تحقق ذلك من خلال اتفاقية عام1928 ومنذ ذلك الحين زاد عدد الشركات الامريكية في الخليج خلال العقد الذي أعقب توقيع هذه الاتفاقية. هذا المفهوم القائم علي أساس مصالح القوي الأجنبية الاستراتيجية يواجه مقاومة متزايدة داخل المنطقة ففي العالم العربي. برز تيار يعارض هذا المفهوم باعتباره يمثل مشروعا إمبرياليا مؤكدا أن الشرق الأوسط المعاصر هو اختراع لم يحصل علي شهادة ميلاد من شعوب المنطقة بل من القوي الأجنبية. ويوضح المؤلف أن الشرق الأوسط هو النظام التحتي للعلاقات الدولية الأكثر اختراقا في العالم اليوم. ويقول المؤلف أن أكثر الأطماع في الشرق الأوسط من جانب الادارات الامريكية كانت من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والذي سقطت أركانه مع فشل الحرب علي العراق عام2003 في إحراز أهداف واشنطن. رابط دائم :