فاز فيلم الخروج للنهار للمخرجة المصرية هالة لطفي بجائزة الوهر الذهبي( أحسن فيلم) بمهرجان وهران للفيلم العربي الطبعة السادسة, والذي شارك فيه عدد من نجوم السينما في مصر والمغرب العربي وفلسطين وتونس والإمارات ولبنان والكويت والأردن, وعرضت أفلامهم علي مدار8 أيام, ما بين أفلام روائية طويلة وأفلام قصيرة والوثائقية, وكذلك فازت الممثلة سوسن بدر بجائزة أحسن ممثلة عن فيلم الشوق للمخرج خالد الحجر, وقد كرمت إدارة المهرجان الممثلة نادية لطفي وتلقت التكريم عنها الفنانة الشابة دعاء طعيمة والفنان أحمد راتب, واستضاف عددا من النجوم المصريين منهم الممثلة رانيا فريد شوقي ووفاء الحكيم وسامح الصريطي. اللافت أن الفيلمين المصريين لقيا حفاوة شديدة وإقبالا واسعا من الجمهور, فما أن بدأ فيلم الخروج للنهار الذي يروي معاناة فتاة وأمها مع والدها المريض والذي لا يغادر فراشه مطلقا, حتي امتلأت قاعة العرض عن آخرها, متجاوزا الفتنة الكروية, فما أن يذكر اسم مصر حتي أكد الحضور من الجزائريين علي مختلف طبقاتهم انها لم تكن شيئا ولم تغير من حبهم وقلقهم علي مصر شيئا. الأفلام العربية لا يراها الجمهور الوهرانيوالجزائري إلا في المهرجانات فقط نظرا لندرة دور السينما والتخوف من الحالة الأمنية, مع ذلك ما أن رفع الحظر عن شاشات السينما, حتي امتلأت القاعات عن آخرها بالمشاهدين من جميع طبقات المجتمع الجزائري, ربما هذه القيمة الكبري لمهرجان مثل مهرجان وهران للفيلم العربي الذي انتهت فعاليات الطبعة السادسة منه مساء الأحد الماضي. حالة العطش تلك لا تخص الجمهور وحده, إذ ينتظر الممثل الشاب عبد الحق المهرجان في كل عام حتي يلتقي بالنجوم والمصريين منهم خاصة, يكتب خطابات صغيرة يقول فيها انه يريد فرصة صغيرة للتمثيل في فيلم مصري, لكنه هنا في وهران البعيدة عن كل شيء لا يجدها, يطوي الورقة ويضعها في أيديهم ويعلو وجهه حمرة خجل حين يبدأ في التحدث باللهجة المصرية الخالصة قائلا انه يحب مصر والمصريين, عبد الحق هو ممثل شاب لم يستطع أن يجد طريقا للجمهور خارج وهران, يقول انه يعاني الاكتئاب في كل عام بعد انتهاء المهرجان, إذ تنطفيء البهجة في شارع محمد بن مهيدي وهو قلب المدينة القديمة وتختلط فيه العمارة الاسبانية والفرنسية بالمباني الحديثة نسبيا, بعد أن تعاود القاعات السينمائية الثلاث المتبقية من زمن الارهاب للإظلام مرة أخري. عبد الحق هو نموذج لكل المبدعين الشباب في المغرب العربي المقصون من جنة الانتاج السينمائي العربي المتمركز في مصر ولبنان, يقول: لا ينجح ممثل جزائري أو مخرج إلا بعد أن يسافر إلي فرنسا, لكنه يظل مجهولا في العالم العربي, يضيف ذلك للمهرجان بعدا آخر, إذ تطرح سينما دول المغرب العربي نفسها علي صناع السينما في المشرق العربي, سواء كسوق متعطشة للثقافة العربية أو كمبدعين يمكن أن يثروا حركة السينما في الوطن العربي. احتفي المهرجان هذا العام بمرور خمسين عاما علي استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي بعد ثورة فقدت خلالها مليونا ونصف المليون شهيد, لكن صورة الحرب ضد الاستعمار لم تكن حاضرة في أفلام المهرجان الذي اكتفي بعرض الأفلام القديمة عن الثورة مثل فيلم معركة الجزائر للمخرج الفرنسي جيلو بنتكرفو والذي انتج عام1966, وفيلم العصا والأفيون لأحمد رشدي1969 وهي باكورة الأفلام السينمائية التي وثقت لحركة التحرير والنضال الوطني في الجزائر, لكن آثار الثورة ضد الاحتلال غابت عن الأفلام حديثة الإنتاج تماما لصالح قضية حرب العشرية السوداء وجرائم القتل ضد المدنيين خلال تلك الفترة. فكما خلفت السنوات العشر السوداء حظر التجول واختفاء ثقافة التنزه والاستمتاع بالسينما والمسرح, سيطرت أحداثها علي الأفلام الجزائرية المعروضة في المهرجان, وفي مقدمتها فيلم عطور الجزائر للمخرج رشيد بن حاج, ويروي قصة صحفية جزائرية اسمها كريمة سافرت إلي فرنسا هربا من تسلط أبيها وعاشت حياة الغرب وانخرطت بها, لكنها عادت بعد أن استنجدت بها أمها لتجد أخاها قد صار إرهابيا وقد أسرته السلطات, لتخوض رحلة للبحث والنقاشات تكتشف فيها الجرائم التي ارتكبها أخوها بنفسه ضد المدنيين العزل. ويتناول فيلم يما للمخرجة والممثلة جميلة صحراوي سنوات الحرب الأهلية في الجزائر, وقد فاز الفيلم بجائزة أحسن إخراج, ويروي قصة أخوين أحدهما ضابط في الجيش والآخر انضم للحركات الإسلامية المسلحة وقتل أخاه, يروي الفيلم الحكاية من خلال شخصية الأم التي يعين ابنها حارسا لها مخافة أن تبلغ دوريات الجيش عنه, لكن حارسها وبعد فترة يتعاطف مع الأم ضد الابن الثائر لينتهي بها الحال إلي تحريض الحارس علي قتلها إبنها. وامتاز الفيلمان بالثراء البصري بين صورة مبهرة من إضاءة, ملابس وديكور, إلا أن عطور الجزائر وبطلته الإيطالية مونيكا جريتوري لم ينالا حفاوة مشاهدي المهرجان إذ وجدوا في البطلة الإيطالية التي تمت الاستعانة بالدوبلاج العربي لتركيب اللكنة الجزائرية علي صوتها نموذجا استشراقيا لمعالجة جرح جزائري لم يتعاف بعد, بينما اختارت جميلة صحراوي في فيلمها يما اختزال الحوار لصالح صورة شديدة الثراء للمرأة الجبلية التي تزرع الأرض وتصبر عليها, وتتمسك بعاداتها الأمازيغية رغم تكفير الابن الأصغر لها ومضايقاته المستمرة. لم يغب الربيع العربي عن المهرجان إذ شاركت تونس بفيلم الأستاذ سيناريو وإخراج محمود بن محمود والذي فاز بجائزة أحسن سيناريو, وتتناول أحداثه فترة نهاية حكم الحبيب بورقيبة إلا أنه لا يخلو من الإسقاط علي نهايات نظام بن علي, وقد أنتج الفيلم وبدأ تصويره قبيل الثورة التونسية, وقد صاحب تصويره جدل كبير في المجتمع التونسي إذ تعرض للمنع من التصوير والعرقلة عدة مرات, يدور الفيلم حول شخصية أستاذ القانون بجامعة تونس خليل الذي يمثل الحزب الحاكم في رابطة حقوق الإنسان, علي أن يدافع عن مواقف الحكومة وانتهاكاتها, غير أن حبيبته وإحدي تلميذاته تقع في أسر النظام بعد مساعدتها لصحفيين إيطاليين في تغطية أحد إضرابات العمال, ليخوض معركة الدفاع عنها ويخسر منصبه وحياته الاجتماعية. أما فيلم الجمعة الأخيرة للمخرج الأردني يحيي العبد الله فيربط قضايا الفقر والبطالة بفساد أنظمة الحكم العربية, فيروي الفيلم قصة سائق تاكسي فقير يعيش مع ولده المراهق بعد انفصال زوجته التي يحبها عنه بسبب الفقر, ويكتشف البطل مرضا في قدمه فيبدأ رحلة توفير الأموال للعلاج ولتأمين مستقبل ولده, ويستدعي المخرج أحداث الثورات العربية وخطاب الرئيس السابق حسني مبارك الأول بعد جمعة الغضب ووعوده بالانحياز للفقراء والإصلاح السياسي والاقتصادي في مفارقة واضحة للواقع البائس الذي يعيشه البطل. كانت المنافسة علي جوائز المهرجان بين13 فيلما طويلا, و14 فيلما قصيرا, و10 أفلام وثائقية, خصصت خمس جوائز للأفلام الروائية الطويلة وجائزتان للأفلام القصيرة وجائزة الجمهور للأفلام الوثائقية, وقد صاحب أحداث المهرجان عدد من ورش العمل حول فيلم الدقيقة الواحدة وتقنيات أخذ الصورة والترقيم. رابط دائم :