لا أستطيع أن أستوعب طلب اللجنة التشريعية فتوي من مجلس الدولة بجواز أو عدم تولي عضو في مجلس الشعب وظيفة حكومية أثناء نيابته عن الشعب تحت قبة البرلمان. ربما يقول البعض إن المتغيرات الاقتصادية الأخيرة أخرجت قطاعا من النشاط الاقتصادي من تحت عباءة الحكومة وجعلت منه شركات أو هيئات وخلافه مما يخرجها من دائرة الوظائف الحكومية المباشرة. وفي الحقيقة فإن هذا التفسير مضحك و دليل إدانة لمن يدافع عنه, بل هو تأكيد علي محاولة التحايل والالتفاف باستخدام أشكال قانونية في غير محلها, لتحقيق استفادة غير مشروعة. ويذكرني ذلك التفسير الملتف حول القانون يلجوء بعض المرشحين الي محكمة القاهرة للأمور المستعجلة طعنا علي أحكام القضاء الإداري في القرارات الإدارية ذات الصلة بالانتخابات, وهم يعلمون أنها مسألة شكلية لن توقف الحكم ولكن ستعطل تنفيذه إلي حين تغيير المراكز القانونية بالاستفادة من حق قانوني لكنه للأسف يراد به باطل. في الأصل الهدف من منع التعيين في وظائف حكومية أثناء النيابة البرلمانية هو ضمان لاستقلال النواب عن الحكومة وممارسة دورهم الرقابي عليها من جهة, و غل يد الحكومة عن استغلال امكانياتها لإغراء النواب واستمالتهم لصالحها من جهة أخري. وسواء كانت هذه الوظائف خاضعة بصفة مباشرة للحكومة, أو هي شركات أو غيره من المسميات الكثيرة التي تنوعت في السنوات الأخيرة, إلا أنها مازالت عمليا تحت سلطة الوزير ولو حتي المعنوية, وتحت سطوته ونفوذه. من هنا فإن التفسير مهما تنوع أو تبدل فإنه للأسف لا يمس الجوهر, بل إنه يزيد الأمر سوءا وترديا, ويؤكد وجود شيء غلط إما في الحكومة أو في النواب المستفيدين. ليست القضية في النصوص الشكلية وإنما في روح القانون و جوهره وضمان الالتزام به شكلا ومضمونا من أجل زرع الثقة في نفوس الناخبين, وتاكيد مصداقية بيت الأمة. الأمر لا يمتد إلي كل البرلمان و أعضائه, وإنما القرار النهائي هوالذي سيحدد الموقف الرسمي لبيت الأمة, وهل يلتزم بروح القانون والممارسة الجادة, أم سيختار الطريق الآخر. الترقب هو سيد الموقف لمعرفة النتيجة. [email protected]