قررت لجنة الزراعة بمجلس الشعب تأجيل اجتماعها مساء أول من أمس وذلك بعد أن فوجئ أحد أعضاء اللجنة بغياب رئيس ووكيلي اللجنة البرلمانية ليس هذا فقط, بل فوجئ بعدم حضور أي من النواب وانتظر النائب قليلا, ثم دخل نائب آخر الذي طالب بتأجيل الاجتماع والذي كان مخصصا لمناقشة موضوع القطن المصري لحين حضور وزير الزراعة وبقية الأعضاء. انتهي الخبر, ولن اتساءل هنا مع المتسائلين عن سبب غياب النواب عن اللجنة, فلم يعد ذلك محل استغراب, ولن اسأل مع المتسائلين عن عدم حضور وزير الزراعة, فلم يعد ذلك أيضا محل علامات استفهام, ولكن ما تساءلت عنه حقيقة هو: من يهتم بالقطن المصري ؟ القطن الذي كان يسمي الذهب الابيض فيما مضي ليس مجرد محصول, ولكنه جزء من تاريخ حياة هذا البلد. والقطن المصري عندما يذكر في أي مكان في العالم ساعتها لا يقفز إلي الأذهان إلا القيمة العالمية و الجودة, و في تاريخ الاقتصاد المصري فإنه المحصول الذي كان يعد العمود الفقري للاقتصاد الزراعي القومي, بل وساهم في رسم الخريطة السكانية ونشأة العديد من المدن المصرية. وقد عاشت مصر زمنا اعتمادا علي صادراتها من القطن, و في الماضي كان الكثير من اهل مصر يربطون الكثير من تطورات حياتهم بمواسم حصاد القطن, وفي الخارج كانت هناك مصانع تصمم خصيصا في أوروبا لتتواءم مع مواصفات القطن المصري. اليوم ماذا حدثللذهب الأبيض ؟ ولماذا يبدو مستقبله لا علاقة له بلونه ؟ وهل انتهي عصر القطن المصري الطويل التيلة ؟ وهل نقبل بهذا ونقف نتحسر علي أيام كانت ؟. لست مع نظرية المؤامرة, ولست مع من يعتقدون أن هناك من يخطط لتدمير القطن المصري, ولكني مع الرأي الذي يقول إن هناك مشكلات حقيقية تعاني منها زراعة القطن في مصر, وأن هناك استهانة بالتوجه الحادث من قبل كثير من الفلاحين لاستبدال زراعة القطن بزراعة محاصيل اخري أكثر جاذبية اقتصاديا لهم كاللب والكانتلوب والفراولة, وهناك سلوك يؤدي إلي وضع معوقات أمام زراعة القطن. أين تكمن المشكلة إذن ؟ وكيف يمكن تجاوزها ؟ هذا مقام آخر في مقال آخر.