نعرف عن الفرنسيين اليوم ولعهم واهتمامهم بالموضة وابتكار أحدث خطوط الأزياء واكثرها ابداعا وجنونا نعرف عنهم إنتاجهم المتميز لأفخر وافضل أنواع العطور, لغتهم رقيقة هامسة اهتمامهم بأصول الإتيكيت لا سيما في التعامل مع المرأة لا يباري. وإجادتهم لأحاديث الحب والغرام خارج المنافسة.. هذه هي صورة فرنسا الآن.. أما في ا لماضي القريب وبالتحديد خلال الفترة الاستعمارية التي بدأت فصولها الأولي مطلع القرن السابع عشر حيث أسست ثاني أكبر امبراطورية بعد بريطانيا العظمي بلغت مساحتها نحو13 مليون كيلو متر مربع فالصورة كانت مغايرة تماما حيث كانت جيوشهم باطشة لا تعرف الرحمة, ولا تتحدث إلا بلغة البارود, أسالت أنهارا من الدماء تفوق كل ما انتجوه من عطور لاحقا, في أمريكا الشمالية والبحر الكاريبي والهند, وتواصلت في شمال ووسط افريقيا وشرق وغرب آسيا. وفيما بعد تخلت عن اغلبها مرغمة مع قيام حركات التحرر الوطني رغم تشبثها الشديد بالبقاء في الجزائر وفيتنام علي وجه الخصوص. الفرنسيون كانوا قتلة متغطرسين ولم يسلموا البلاد التي احتلوها واستنزفوها ونهبوا خيراتها إلا بعدما أسالوا دماء شعوبها غزيرة لأنها طالبت بالحرية. الخميس الماضي قام الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند بزيارة للجزائر اعترف خلالها بأن استعمار بلاده للجزائر كان وحشيا وظالما لكنه احجم عن الاعتذار للدولة التي تعتبرها باريس الآن شريكا تجاريا رئيسيا, فهل يمكننا وصف هذا ببقايا غطرسة وكبرياء استعماري وعنصرية وحياد عن الحق؟ أولوند أقر أمام البرلمان الجزائري بأن زيارته تهدف الي تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الجزائر بعد132 عاما من الوحشية والظلم والمعاناة, ولم يعتذر قال بالحرف: نحترم الذكريات.. كل الذكريات.. من ا لواجب الاعتراف بحقيقة أعمال العنف والمظالم والمذابح والتعذيب ولم يعتذر! استقبله الاف الجزائريين في إشارة واضحة لكرم أخلاقهم ولسان حالهم يقول: عفا الله عما سلف رغم قوله انه لم يأت للندم والاعتذار. الغريب ان احد الجزائريين انحني لتقبيل يده ما أثار موجة هائلة من الغضب في أوساط الشعب الجزائري وعلي شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك. لست من هواة النبش في الماضي, ولكن حقائق التاريخ لا تمحوها السنون. 700 ألف جزائري يعيشون الآن في فرنسا و200 ألف آخرون يحصلون علي تأشيرة دخول إليها سنويا, وأعداء الأمس اصبحوا أصدقاء اليوم هذا هو حال السياسة, إلا ان هذا لا يمنع أو ينفي حقيقة انه إذا كان الاعتراف الفرنسي بالوحشية والظلم في حق الجزائريين واجبا فإن الاعتذار لهم أوجب. [email protected] رابط دائم :