مابين تغطية حيادية للأحداث الجارية وإشعال الفتنة في الشارع وزيادة حدة الاحتقان بين الأطراف تقف وسائل الإعلام في قفص الاتهام وذلك بعد الهجوم الشديد الذي تتعرض له وسائل الإعلام المختلفة خاصة المرئية التي تدخل كل بيت مصري لتنقل له مايحدث في كل مكان.. أحداث ساخنة وتصريحات أكثر سخونة هي مادة كل ليلة من ليالي التوك شو علي القنوات الفضائية التي تنطلق علي الهواء مباشرة وتنقل كل مايحدث بالصوت والصورة..وهنا يكمن أصل الاتهام حيث يلقي الكثيرون مسئولية ماتشهده مصر الآن من أحداث عنف علي عاتق الفضائيات التي تنتقل مابين المؤيدين والمعارضين والاتحادية والتحرير بحثا عن الأحداث لأنها في النهاية مهمتها التي تظهر من أجلها..والسؤال الذي يبحث عن جواب علي طاولة الخبراء: أين تقف حدود الإعلام وهل هو المسئول عما نشهده حاليا في كل أنحاء البلاد؟ في البداية يقول الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة أن مهمة الإعلام الجاد أن يتيح المعلومات للمواطنين من خلال النقل الموضوعي المحايد لمايحدث علاوة علي نقل كل الحقائق, ويري أن الإعلام يتعرض لعجمة شرسة ومحاولة توجيهه علي النحو الذي يحقق أهداف البعض. ويؤكد مكاوي أن سخونة الاحداث هي التي تفرض نفسها علي وسائل الإعلام المختلفة حيث لايمكنها تجاهل مايحدث في الشارع وتمريره دون تحليله ومناقشته وذلك لاعتماد المواطنين علي وسائل الإعلام في معرفة كل مايدور في المجتمع مشيرا الي أن افتعال الحدث شيء ونقل حدث مثير وساخن بطبيعته شيء آخر. وتري الدكتورة مني الحديدي أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة أن وسائل الإعلام في الفترة الحالية عليها مراعاة المهنية والمسئولية الإجتماعية والوطنية وأنه ليس وقت المنافسة علي التغطية الإخبارية علي حد قولها,وتقول أن الأحداث الحالية لاتحتمل مزيدا من الجدل لأن ذلك يساهم في إشعالها مشيرة الي أن مصير البلاد أهم من أي شيء. وتؤكد الحديدي أن المهنية والمسئولية لاتقتصر علي وسائل الإعلام المرئية وبرامج التوك شو بل ومواقع التواصل الاجتماعي التي تساهم بقدر كبير في إثارة الفتن من خلال إطلاق بعض الشائعات, وتوضح أن الفضائيات كثيرا ماتخلط بين التغطية الإخبارية والرأي حيث لاتقدم المعلومة مجردة وبالتالي لايستطيع المشاهد أن يميز مابين المادة الخبرية وآراء ضيوف التوك شو الذين يعبرون عن توجهاتهم السياسية. وتري أن كل محطة فضائية تستقطب الخبراء والمعلقين الذين يتفقون مع توجهها الأساسي, وأشارت الي أن الأحداث الجارية اخترعت تخصصات للضيوف الذين تقوم الفضائيات باستضافتهم, وتري أن أفضل ما في تغطية الفضائيات هي بث صورة من قلب الأحداث ولكنها في الوقت نفسه لاتهتم بتفسير الصورة لتقوم كل فضائية وضيوفها بتفسير الصورة وفقا لرؤيتهم الخاصة, وتناشد وسائل الإعلام قائلة إنه وقت إعلام الأزمات ولابد من التفريق بين الخبر والرأي حرصا علي مصلحة الوطن مشيرة إلي أن الوضع ينطبق علي القنوات الخاصة والحكومية. ويقول الدكتور منصور ساطور عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر سابقا أن الإعلام لايلتزم بحدوده ولايقوم بدوره في نقل الخبر وتوضيح حقائق الأمور التي يجهلها غالبية المواطنين مشيرا الي دور الإعلام في هذه المرحلة الحرجة خاصة الفضائيات التي تجاوزت دورها علي حد قوله. ويري ساطور أن كل قناة فضائية تحولت لأداة في يد الجهة المسئولة عنها أو الممولة بالإضافة إلي حضور ضيوف يتوافقون مع رؤيتهم وتوجهاتهم, ويري أن إعلان كل إعلامي عن توجهه ورأيه في القضايا السياسية المختلفة يخرج به عن إطار الحيادية الإعلامية.