إن البر بالأبوين معا يجب أن يكون نابعا عن ايمان راسخ فمكانتهما عظيمة إذ أمرنا المولي عز وجل بالإحسان إليهما واختص الأم بمزيد من الاحسان وحسن المصاحبة. وأخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بأن الجنة تحت أقدام الأمهات وقد دلت الأحاديث النبوية علي وجود عقوبة دنيوية لعاق والديه من بينها ما جاء في الحديث الشريف "كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلي يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله تعالي يعجل لصاحبها في الحياة قبل الممات. ومن النماذج الصارخة لعقوق الوالدين في هذه الأيام إقدام بعض الأبناء علي إلقاء أبائهم المسنين في دور المسنين لكي يتخلصوا من مسئوليتهم دون أن يدركوا أن البر بهما عند كبرهما له عظيم الأثر في تفريج الكربات والشدائد. قال رسول صلي الله عليه وسلم "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم إذ أصابهم مطر فآووا إلي غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه وبما عمل صالحا خالصا. وتوسل أحدهم ببره بوالديه حيث أنه كان يحضر لهما اللبن كل يوم ويصر علي أن يشربا منه قبل أولاده الصغار وذات يوم جاءهما فوجدهما نائمين فكره أن يوقظهما وظل واقفا بجوارهما حتى الفجر وأطفاله حوله يصيحون ويستغيثون من شدة الجوع ثم دعا الله فقال: فإن كنت تعلم اني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانفرجت الصخرة بعد توسله بهذا العمل الصالح". إن أهمية البر بالوالدين بدت واضحة حين تناولها القرآن الكريم والأحاديث النبوية عن أنبياء الله تعالي ورسله فكان ابراهيم عليه السلام بارا بأبيه برغم كفر والده فكان يخاطبه بكلمة "يا أبتي" ويحيي بن زكريا عليهما السلام قال تعالي عنه "وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا" وعيسي عليه السلام كان كثير البر بأمه السيدة مريم فقال تعالي علي لسانه (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) وأقول إن البر يستمر بعد الوفاة وليس مقصورا علي حياة الأبوين فقط ولا ينتهي بوفاتهما أو وفاة أحدهما بل إن البر ممتد إلي ما بعد وفاتهما ويدل علي ذلك حديث النبي صلي الله عليه وسلم عندما جاء رجل من الأنصار وسأله كيف يبر أبويه بعد موتهما؟ فقال له بأربعة أشياء الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعد موتهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما فقال الرجل ما أكثر هذا وأطيبه يا رسول الله". حمد عبدالعال توفيق - المنصورة كفر البرماص رابط دائم :