نسعي لتحقيق تكامل اقتصادي شامل بين البلدين وأناشد الجانب المصري تذليل العقبات تتميز العلاقات ما بين مصر والسودان دائما بأنها شديدة الخصوصية, فمهما تعاقبت الحكومة وتوترت الأجواء السياسية أحيانا يظل الحب والمودة قائما بين الشعبين لارتباطهما بعادات وتقاليد تمتد عبر جذور التاريخ إلا أنه من المحزن ان تظل القرارات والاتفاقيات التي وقعت بين البلدين شبه مجمدة, تخرج من درج لتسكن في آخر, حتي اتفاقية التكامل التي كانت مفعلة بين أسوان والمديرية الشمالية تجمدت هي الأخري دون أسباب مفهومة, اللهم إلا الخوف من أوهام أمنية لا وجود لها علي أرض الواقع في هذا الحوار يكشف السفير الدكتور أيمن زكريا سلامة القنصل العام لجمهورية السودان بأسوان عن أفكاره ورؤيته لكي تعود هذه العلاقات إلي عصرها الذهبي, خاصة في العهد الجديد الذي تعيش مصر من خلاله أجواء الحرية والديمقراطية, حيث أكد أن السودان يفتح ذراعيه أمام الاستثمار المصري, للوصول الي التكامل الاقتصادي الشامل الذي وحسب قوله يسعي لتحقيق هدف واحد هو المصلحة المشتركة للسودان ومصر. تحدث القنصل العام عن الطرق واتفاقية دول حوض النيل وتوجيهات الرئيس عمر البشير حول تيسير العقبات امام المستثمرين المصريين, خاصة في شمال السودان. ** سألناه.. كيف تبدو العلاقات بين مصر والسودان في هذه الفترة التاريخية باعتباركم قنصلا عاما في نقطة الالتقاء بين البلدين في أسوان؟ * دعني أقول أن هناك تنسيقا كاملا في مجمل ما يطرح من اتفاقيات, حيث جئت إلي أسوان وأنا أحمل توجيهات صريحة من الرئيس عمر حسن البشير بمد أيادينا للأشقاء في مصر علي جميع المستويات, من أجل خلق المصالح المشتركة الحقيقية بين الشعبين في إطار تكامل اقتصادي شامل ومتعاف ومبني علي ثوابت راسخة.. وبصراحة لم تكن اتفاقية التكامل القديمة التي مر عليها32 عاما شاملة لافتقادها لمقومات الاقتصاد والتبادل التجاري مثل استكمال الطرق البرية التي تربط مصر والسودان شرقا وغربا. ** ولماذا توقفت هذه الطرق رغم الوعود السابقة بتنفيذها, خاصة طريقي قسطل/ أشكيت شرقا وأبو سمبل/ ارقين غربا؟ * أقولها بصراحة ان هناك عراقيل توضع لانجد لها سببا وجيها, فقد انتهينا نحن كجانب سوداني من اعمال الرصف بالطريق الشرقي وقمنا بعمل كرافانات مؤقتة للجهات المعنية ونقاط الجمارك والحجر الزراعي والصحي وغيرها, في الوقت الذي يطالب فيه الجانب المصري بان تكون هذه المنافذ مباني ثابتة, واتمني سرعة تفهم هذا الوضع وافتتاح الطريق الذي سيساعد في انعاش التبادل التجاري بأقل تكلفة نقل, فمثلا يتكلف سعر نقل طن البضائع حاليا نحو1200 دولار وبوجود طريق بري سينخفض الي300 دولار تقريبا وهو ما سينعكس علي تكلفة السلع ويضعها في قمة المنافسة امام اي سلع اخري في السودان. وأري أن الفترة القادمة ستشهد انفراجة في ظل توجيه الرئيس محمد مرسي للمستثمرين ورجال الاعمال المصريين باستثمار اموالهم في السودان, فالتأخير لا محل له من الاعراب في ظل العلاقة الحميمة الآن. ** يدفعنا ذلك لسؤال يتعلق بحجم الاستثمار المصري في السودان والرؤية المستقبلية له في ضوء عملكم هنا؟ * بمنتهي الصراحة اقول ان مصير السودان ومصر هو مصير واحد في جميع النواحي, فالسودان هو العمق الاستراتيجي لمصر والمدخل للدول الافريقية, والاستثمار حتي الآن لم يرق للمستوي المطلوب, ونحن نؤكد أن السودان يفتح ذراعيه أمام الاستثمار المصري الذي نسعي لكي يحتل المرتبة الاولي, ولذلك اصدر وزير التجارة السوداني قرارات مهمة بفك الحظر عن تصدير بعض السلع مثل اللحوم المذبوحة لمصر, كما تم وقف استيراد الاثاث من الصين وقصره علي الاثاث المصري.. أما الاستثمار السياحي فلابد من الاستفادة منه بالتنسيق بين الغرف التجارية والسياحية في المنطقة الواقعة بين أسوان والمديرية المالية باعتبارها ذات تاريخ أثري مشترك. ** كل ذلك أطروحات رائعة.. فماذا ينقصها لكي تدخل حيز التنفيذ؟ * نحن نضع الافكار والرؤي ولكن كما قلت هناك بعض الجهات ولا اقول كلها تتعمد التباطؤ في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين البلدين لوهم يعتبره البعض تخوفا وهو البعد الأمني!!! ** وماذا عن مصيرنا المشترك في قضية مياه النيل؟ * هذا الملف شائك ولكن فليطمئن الجميع بأن هناك تنسيقا كاملا بين مصر والسودان فيما يطرح بشأن هذه القضية, فالمصير هو مصير واحد ومصر جزء من السودان والعكس وما يسبب أزمة هنا أو هناك ينعكس علي الآخر. ** ننتقل للحديث عن مدي تنفيذ اتفاقية الحريات الاربع التي وقعت بين السودان ومصر في ظل النظام السابق.. ماذا عنها في عهد مصر الجديدة؟ * للأسف الشديد وحتي هذه اللحظة فإن الاتفاقية تنفذ من الجانب السوداني فقط, فالمواطن المصري يدخل السودان بدون تأشيرة ومن حقه العمل والاقامة ويعامل معاملة المواطن السوداني, كما ان من حقه التملك وهو عكس ما معمول به في مصر باستثناء حق التملك المفتوح لجميع الجنسيات وليس لابناء السودان فقط, وأري أن العهد الجديد وفي ضوء التفاهم بين الرئيسين الدكتور محمد مرسي والفريق عمر البشير يبقي الأمل قائما في ان يتم تنفيذها بشكل كامل, خاصة بعد ان اصبح هناك قرار وإرادة سياسية بين البلدين. ** نعود إلي أسوان وخصوصيتها لدي السودان باعتبارها محطة ربط البلدين.. ماذا عن الجديد هنا؟ * بكل تأكيد فإن أسوان لها معزة خاصة لدي السودانين, والقادم إليها لا يشعر بالغربة, ومنذ تولي المسئولية والاتصالات كانت قائمة من المحافظ مصطفي السيد الذي تقدم باستقالته بشأن تفعيل التوأمة السابق توقيعها بين المحافظة والمديرية الشمالية, ولدينا أمل في أن تمتد جغرافيا لتشمل جميع الولايات السودانية لتنمية المجالات التجارية والاقتصادية والصحية, وحاليا هناك لجان مشتركة تعقد بين الجانبين حيث ستقوم قافلة طبية شاملة بزيارة الولاية الشمالية الشهر المقبل برئاسة الدكتور مجدي حجازي مدير عام الصحة بأسوان, كما نقوم بالتنسيق مع الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان لإنشاء فرع للجامعة بالخرطوم, وفي مجال التبادل الشبابي ستقام معسكرات شبابية مشتركة, وكذلك ستقام دورات تدريبية للكوادر الصحية بالسودان من خلال أطباء المحافظة المميزين. ** أخيرا هل تري أن القنصلية العامة للسودان بأسوان تقوم بادارة دورها علي الوجه الأكمل.. ومتي سيعود خط الملاحة الجوي بين مطاري أسوان والخرطوم؟ * لاشك أن وجود قنصلية عامة في أسوان يدلل علي مدي أهميتها, فالقنصلية العامة تختلف عن العادية حيث يتولي أمرها قنصل عام بدرجة سفير, والحقيقة فقد لعبت القنصلية دورا مهما علي مستوي الجالية السودانية المقيمة والعابرة وحل مشاكل المرحلين من مصر أو ليبيا, بالاضافة الي الدور الاقتصادي والتجاري الذي تقوم به طبقا للظروف المتاحة. أما بخصوص خط الملاحة الجوي فنحن نسعي لعودته مرة أخري حتي ولو من خلال رحلة واحدة اسبوعيا, وسوف يكون هناك لقاء بهذا الشأن مع المسئولين بالشركة الوطنية بالقاهرة ولدينا أمل كبير في أن تلقي هذه الرغبة الشعبية الاستجابة في ظل ارتباط اسوان والخرطوم ووجود عائلات كثيرة وصلة رحم بينها والسودانين. ومن جانبي أوجه الشكر لمحافظ أسوان الذي اوصي لدي مجلس الوزراء المصري بالموافقة علي تخصيص قطعة أرض لبناء مقر جديد للقنصلية العامة بأسوان.. وأتمني أن تصدر موافقة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء في هذا الشأن.