سجل يا تاريخ, واشهد يا زمان الآن فقط نستطيع أن نقول إن عندنا قمة حقيقية في كرة القدم بعد سنوات من الجفاء والجفاف. ما حدث في ستاد القاهرة الدولي مساء أمس هو المتعة بعينها.. هو التعبير الحقيقي عن أن عندنا ناديين كبيرين وعظيمين لا يستقيم الحال إلا بأن يكون أحدهما بطلا والثاني وصيفا له. لم يحقق كلاهما هدفه من المباراة رقم105, فلا الأهلي فاز وحسم بطولة الدوري هذا الموسم رسميا, ولا الزمالك فاز وخرج بشيء اعتباري, ولكنهما اشتركا معا في تقديم وجبة دسمة ورائعة انتهت بالتعادل3/3 ليبقي الفارق علي ما هو عليه في جدول المسابقة بعد الأسبوع رقم(27). قمة عالمية تمردت علي كل ما هو تقليدي وثابت وشهدت هدفا للزمالك في الدقيقة الأولي فيما تعادل عماد متعب في الدقيقة(18) ليعود الزمالك للتقدم مرة أخري في الدقيقة(25) عن طريق حسين ياسر المحمدي, ولكن عماد متعب لم يصبر كثيرا وسجل هدف التعادل في الدقيقة(42) لينتهي الشوط الأول بالتعادل2/2, وأبي الشوط الثاني إلا أن يكون بلا أهداف ولكن بنفس النظام حيث تقدم محمد عبد الشافي للزمالك الدقيقة(34), وتعادل محمد بركات في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدل الضائع, وهو الهدف الذي جعل الإثارة تبلغ مداها. المباراة المفتوحة الجميلة الجريئة شهدت علي براعة ومهارة شيكابالا وحسين ياسر المحمدي من الزمالك وعماد متعب من الأهلي, فيما بات واضحا أن أحمد عادل عبد المنعم ليس هو الحارس المناسب للأهلي بعد أن تكررت أخطاؤه, وارتدت الكرة من يديه كثيرا, وإن كان هذا لا يمنع أنه تعرض لضغط كبير من الزمالك في الكثير من فترات المباراة. لعب الزمالك بجرأة وروح لم تكن موجودة من قبل وكان الأفضل والأكثر خطورة, وكانت له السيطرة والمبادرة, وتفوقت خطوطه الثلاثة علي نفسها, وظهرت قدرات عناصر كثيرة مثل محمود فتح الله وأحمد غانم سلطان وعمر جابر ومعهم عبد الواحد السيد, فيما كانت خبرة عماد متعب ومحمد بركات ومحمد ابو تريكة هي السند الذي لجأ إليه الأهلي فتعادل في الوقت المحتسب بدل الضائع. أما الحكم السويسري ماسيمو بوساكا بصرف النظر عن سلوكه في قطر فقد كشف عن أنه ليس عندنا حكام ولا لجنة حكام, وأحرج رئيس اللجنة وعري كلامه حول أخطاء الحكام من الخارج. ووضح بما لا يدع مجالا للشك الفارق الرهيب في اللياقة البدنية والفنية والقوام الممشوق, وأيضا التفاهم الرائع عبر أجهزة لاسلكي حقيقية وليست مضروبة! مع صفارة البداية لم يكن هناك وقت للكلام, ولا للتشنج, ولا لجس النبض, ولا للاستطلاع, ولم يكن العرض خاصا, وإنما عرض عام وعلي عينك يا تاجر للجميع.. هي باختصار كانت دعوة عامة للمتعة والاستمتاع ومشاهدة قمة حقيقية في كرة القدم افتقدناها في السنوات الأخيرة. ومن أول دقيقة كان الموعد مع التاريخ عندما قال أحمد جعفر للجماهير البيضاء اجلسوا في أماكنكم وسجلوا للتاريخ هدفا أبيض هو الأول من نوعه في سجلات القمة حيث لم يصدق خبرا, وقفز لاستقبال كرة شيكابالا التي أرسلها من الناحية اليمني وأودعها شباك احمد عادل عبد المنعم وسط ذهول أحمر وفرح أبيض. وظن كثيرون أن ما حدث ليس أكثر من مفاجأة البداية, وأن الأهلي سيعوض في أقرب فرصة, ولكن حسام حسن ورجاله كان لهم رأي آخر, واستمر الضغط الأبيض من كل الثغرات والجبهات فيما ارتبك دفاع الأهلي وتاه وفقد اتصاله بخط الوسط, وتظهر العصبية والتوتر علي لاعبي الأهلي, ويخرج وائل جمعة كرة من أمام أحمد جعفر من تمريرة ساحرة لحسين ياسر المحمدي, ويتصدي أحمد عادل عبد المنعم لكرة من شيكابالا ويحول أخري إلي ضربة ركنية ويغلق الطريق عليه في ثالثة. وساد الصمت المدرجات الحمراء بعد أن شاهدت الجماهير عجزا علي المستطيل الأخضر, وجاء الحل من ضربة حرة مباشرة لعبها محمد ابو تريكة بالمقاس الي عماد متعب الذي اودعها المرمي برأسه مسجلا هدف التعادل في الدقيقة(18), فانفجرت الفرحة الأهلاوية في المدرجات ظنا من الجماهير أن النحس تم فكه, وأن الفوز قادم, ولكن الذي حدث هو العكس تماما, حيث استمرت سيطرة الزمالك, وأنقذ احمد عادل عبد المنعم الفريق الأحمر من كرة محققة عندما حول كرة محمود فتح الله التي سددها من ضربة حرة مباشرة خارج منطقة الجزاء إلي ضربة ركنية بأعجوبة. وجاءت الضربة البيضاء الثانية في الدقيقة(25) عندما سجل حسين ياسر المحمدي الهدف الثاني من كرة عرضية لأحمد غانم تسلمها بسهولة بعد وقوف مدافعي الأهلي علي أنه متسلل. وينشط الأهلي, ويسدد بركات بعيدا عن الثلاث خشبات, ويخرج محمود فتح الله كرة من حلق المرمي قبل أن تصل إلي عماد متعب. ويجري حسام حسن أول تغيير بإشراك عمر جابر بدلا من أديكو, وينحصر اللعب وسط الملعب دون خطورة حقيقية علي المرميين, وفي الدقائق الأخيرة من الشوط الأول يسعي الأهلي لإدراك التعادل, وكان له ما أراد في الدقيقة(42) عن طريق عماد متعب من متابعة فدائية لتسديدة محمد بركات التي أخرجها عبد الواحد السيد ببراعة. وكاد أحمد جعفر يسجل في آخر دقيقة من الكرة التي تسلمها من شيكابالا بعد فاصل مراوغة يعكس كفاءته ومهارته ولكن أحمد عادل عبد المنعم أنقذ الموقف لينتهي الشوط الأول بالتعادل2/2. ولم تستمر حالة الهدوء في الشوط الثاني لأكثر من خمس دقائق عندما أعلن عمر جابر عن نشاط أبيض ملحوظ باختراق رائع انتهي بتسديدة أنقذها أحمد عادل عبد المنعم, ورد الأهلي بهجمة سريعة انتهت بقذيفة بعيدة عن المرمي لأحمد حسن, ويعود الهدوء لدقائق قبل أن يظهر شيكابالا الموهوب في الكادر مرة أخري ويمر من دفاع الأهلي كالقطار السريع الذي لا يقف في محطات ويلعب كرة عرضية لم تجد المتابع. ويخرج أحمد حسن ويشارك شهاب احمد, ولكن استمرت سيطرة الزمالك الذي كان اكثر خطورة وتهديدا للمرمي, ويلعب ايمن اشرف بدلا من سيد معوض, في الوقت الذي خرج فيه حسين ياسر المحمدي مصابا, وشارك بدلا منه صبري رحيل, واستمر تبادل الهجمات حتي الدقيقة(34) عندما سجل محمد عبد الشافي هدف الزمالك الثالث من الكرة التي ارتدت من أحمد عادل عبد المنعم من تسديدة عمر جابر لتعود للمباراة بهجتها وفرحتها. وكما بدأت المباراة انتهت بهجوم أبيض مكثف وضغط قوي وارتباك أحمر غير مسبوق مما أضطر حسام البدري إلي سحب عبد الله فاروق والدفع ب الشيخ أسامة حسني, في حين أشرك الجهاز الفني للزمالك أحمد مجدي بدلا من محمد عبد الشافي, ووسط السيطرة البيضاء ينقذ محمود فتح الله مرمي فريقه من هدف التعادل بحماس وروح وفدائية مع عماد متعب, وكان الموعد في الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدل الضائع عندما تسلم محمد بركات داخل المنطقة وسدد قذيفة أحرز بها هدف التعادل لتنتهي المباراة3/3.
