كان قرار إغلاق المحلات التجارية والمطاعم في العاشرة مساء بمثابة الصاعقة علي أصحاب المحلات والمقاهي والورش الذين يعملون لساعات ممتدة من الليل أي حتي الساعات الأولي من الصباح ولا سيما في المناطق العشوائية, وقد تفاوتت ردود الأفعال حول ذلك القرار ولكنها في معظمها رافضة لأنهم رأوا أنه يمكن أن تكون له عواقب وخيمة من الناحية الاقتصادية وتزيد من حالة الركود الاقتصادي التي يعاني منها أصحاب هذه المحلات في أعقاب ثورة25 يناير وارتفاع الأسعار علي نحو جنوني في ظل حالة من نسبة التوقف التام في العديد من القطاعات الانتاجية والخدمية وتزايد كبير في عجز الموازنة والذي قد وصل وفقا لتقديرات البعض الي ما يزيد علي250 مليار جنيه بعدما كان قد بدأ مع بداية إعلان الموازنة التقديرية130 مليارا, ومن المؤكد أنه إذا ما استمرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية علي ما هي عليه فإن تصاعد ذلك العجز سيتواصل مما يهدد بكارثة اقتصادية والحكومة تحاول بكل ما لديها من طرق وأفكار أن تعمل علي اختراق ذلك المجهول وايقاف تلك العجلة عن الدوران حتي وان جانبت الكثير من هذه المحاولات الصواب وذلك بالنظر للمعالجة وعدم ملاءمة الظروف للتفكير والبحث بل أن هذه المشكلات قد تفاقمت وأصبح الوضع الاقتصادي بمثابة معضلة قد تصل لدي البعض في صعوبة حلها والمتغلب عليها الي حد المستحيل لذلك فقد كان من الطبيعي أن يكون ذلك القرار محل رفض وتوتر وقلق وذلك للعديد من الأسباب التي لدي الكثيرين من جراء الوضع الراهن أي الوضع السياسي والاقتصادي وتلك الحالة من التوتر والقلق اللذين يفرضانهما من ركود تصاحبه مطالب فئوية جنونية قد أربكت وأرهقت الحكومة ولم تعرف سبيلا الي حلها وقد وقعت مابين العجز والحيرة وقلة الامكانات وبين تقاعس الكثيرين وعدم الالتزام وهو بالقطع مأزق, وذلك أقل ما يوصف به معظم المحلات التي لا تعمل الا في الفترات الليلية ولا سيما المسارح والسينمات وكذلك جميع المحلات التجارية والمطاعم اليي تخدم عليها وكذلك المستشفيات والصيدليات ومحطات الوقود وأيضا المناطق العشوائية التي يبدأ بها العمل بعد اقبال الليل حيث تكتظ المقاهي بالمترددين لساعات طويلة وحتي مطلع الفجر هذه الفئات لابد وأن تكون في طابور المعارضة والرفض بالاضافة الي اراء العديد من رجال الاقتصاد والتجارة والغرف التجارية التي تري أن ذلك من شأنه أن يهدد مصالح الفئات التي قد تري الأمر من منظور مصلحتها والخوف عليها وذلك ما يعد طبيعيا وقد يؤدي ذلك الي الاختلاف في وجهات النظر وقد رأي البعض ان مثل ذلك القرار قد جاء متعجلا وقد كان ارجاء تطبيق ذلك القرار بدعوي الدراسة للسلبيات والاضرار التي يمكن أن تلحق بأصحاب المحلات التي سيطبق عليها ذلك القرار وكذلك علي توقيت الغلق مابين الساعة العاشرة والثانية عشرة وأيضا ما هي المحلات أو الأماكن التي لابد وأن تستثني من الغلق كالصيدليات والمخابز ومحطات الوقود والعيادات وأيا كان الأمر فإن ذلك القرار قد يكون صائبا من الناحية الموضوعية ولكن توقيته والظرف الحالي وعدم تهيئة المجتمع, أو بمعني آخر أدق أن قائمة الظروف التي مر بها المجتمع عبر سنوات طويلة وتلك العادات والسلوكيات غير السليمة بالقطع والاستخدام الخاطئ لوسائل الترفيه وذلك التعطل الكبير لدي قطاعات كبيرة من الشباب الذين تنتشر بينهم البطالة والتي استطاع البعض أن يستغل ذلك الظرف أو الوضع في فتح مجالات عديدة أمامهم لاستنزاف الوقت والتسلية الضارة بأن جعل الليل هو الوقت الذي يقتلون فيه مرارة التعطل وعدم تيسير الفرصة أمامهم لبدء حياة جديدة وبناء أسر الي اللجوء الي هذه الكافتريات والمقاهي وبالتالي المطاعم والمحلات التي قد يحتاجون اليها في هذه الساعات المتأخرة من الليل, ومن ثم فهم قد أصبحوا بمثابة أصحاب غرض لابد وأن يتم اشباعه من جانب هذه الأماكن التي تسهر لساعات طويلة بعدما لم تعد تعرف للهدوء معني بل أنه قد صار بالنسبة لهم بمثابة الصمت القاتل, لقد أصبحت عاداتنا وتقاليد المعيشة لدينا مثل تلك الخاصة بالمدن العالمية الكبري أو ما يطلق عليها الميجاستيزMegocities مثل مدينة نيويورك وواشنطن التي نراها مضاءة طوال الليل وتعج بالمحلات التجارية والملاهي وكل سبل الترفيه والتسلية مع اختلاف الوضع الاقتصادي بالقطع ولكن قد أصبحنا نعتاد هذه الأوضاع, وقد كان ذلك القرار قديما وكانت هذه المحاولة أكثر من مرة, وقد طبقت ولكن لفترات قصيرة وتم التراجع عنها, وأعتقد أن الظروف في السابق قد كانت ملائمة أو صالحة لتطبيق ذلك القرار, وأن التغيرات والتطورات التي تطرأ علي المجتمع هي التي تزيد من أثر ذلك القرار علي نحو تدريجي الي أن تناسي ذلك القرار وأصبحنا علي ماهو عليه الآن, ومن المؤكد أن العامل الاقتصادي هو سيد الموقف في تطبيق ذلك القرار من عدمه أو مدي قوة تأثيره وفاعليته إذ أن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة قد جعل الكثيرين يبحثون عن فترات عمل اضافية أخري لسداد احتياجاتهم الفعلية, ومن المؤكد أن هناك عوامل أخري أشد وطأة قد دفعت الحكومة الي ذلك القرار وهي أزمة الطاقة بعد ذلك الافراط الكبير في استخدام الطاقة وتلك الأحمال الفائقة مع صور الافراط الفظيع في استخدام الاضاءة في الافراح والمحلات التي تضاء بالعديد من المصابيح الوهاجة والتي لا تجعلك تفصل مابين الليل والنهار, وهو عبء ضخم وكبير اقتصاديا ويمكن أن يؤدي إلي انقطاع التيار الكهربائي نتيجة هذه الأحمال وعدم تنظيم أوقات العمل الي الاضرار بالعديد من المصالح الاقتصادية والتأثير علي مصالح الناس ذلك إذا ما استمرت الأوضاع علي ماهي عليه من تلك المعدلات العالية لأن هناك علاقة وثيقة ومباشرة بالطاقة التي تعد أحد المصادر الاقتصادية المهمة بالاضافة الي تلك التداعيات البيئية, وقد رأينا قبل ذلك تلك الحملة العالمية فيما يعرف بساعة الأرض التي تتضمن اطفاء الأماكن المهمة في المدن العالمية وتخفيض الاضاءة بها لا يمكن أن نقول إن القرار يجب أن يواجه بالرفض ولا نقول حتمية القبول ولكن لابد من التمهيد والعمل علي اقناع أصحاب المصالح واظهار ان مصلحتهم في الحاجة الي ترتيب المصالح وتبادلها وتغيير النمط الحياتي اليومي لنا في أعقاب هذه الثورة التي تمثل نقطة البداية للاصلاح والتقويم والبناء من جديد.