بنفس الأسلوب وبذات السياسة التي ثار ضدها الشعب في يناير، تعاملت حكومة قنديل مع قضية إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء باستهتار وارتباك، فجاء قرارها المباغت مقرونا بالتهديد والوعيد للمخالفين للتنفيذ من غد، إلا أنها بعد ساعات تراجعت وقالت ان التنفيذ السبت المقبل متجاهلة بديكتاتورية المقترحات والأفكار التي تقدمت بها الغرف التجارية وما أسفر عنه الحوار المجتمعي خلال الأيام الماضية، وكأنها تريد أن تقول "اللي مش عاجبه يضرب دماغه في الحيطة"، وقد غاب عن الحكومة أن مثل هذه القرارات التي تتعلق بملايين المواطنين لابد أن تتخذ بالمشاركة لا بالديكتاتورية التي أسقطتها الثورة في 25 يناير. المثير للدهشة والسخرية ان الحكومة في تسويقها للقرار لم تقدم ما يقنع المواطنين ولا التجار وأصحاب المحال فتارة تقول انه لتوفير الكهرباء وتارة ثانية أنها تعتبره لصالح الوطن وثالثة انه لتنظيم قطاع التجارة ومعمول به في دول العالم المتحضر وكأن الخير الذي تريده الحكومة للمواطنين يأتي فقط بإغلاق المحال ولا يأتي مثلا بتحسين مستوي المعيشة وزيادة الدخول وحل مشكلات المواطنين في المسكن والملبس، ألم يكن بالأحري للحكومة أن تكافح السلع المغشوشة التي تملأ الشوارع والأرصفة والمحال التجارية نهارا جهارا، أليس الأولي بالحكومة التي تريد الخير بالمواطنين أن تحميهم من التجار المتلاعبين بالأسواق والمغالين في الأسعار؟ ثم أليس أيضا من سلطة الحكومة مكافحة التجارة العشوائية التي أصبحت تهدد الصناعة المصرية، ومراقبة الإنتاج وضمان انتاج سلع مطابقة للمواصفات؟ لقد كانت هناك مقترحات بناءة تقدم بها اتحاد الغرف التجارية تراعي خصوصية كل محافظة ولاتساوي بين محافظات ومدن مثل الإسكندرية، والقاهرة، وشرم الشيخ، وبورسعيد، والصعيد في مواعيد الإغلاق، كما أن القول بأن مواعيد الإغلاق المبكرة في دول العالم مردود عليه فهناك دول كثيرة لديها مرونة في المواعيد ولاتنطبق علي جميع المحال في توقيت واحد، وقد كنت مؤخرا في زيارة لمدن أمريكية مثل نيويورك ونيو جيرسي وإطلانطا وكانت هناك مناطق تجارية وسياحية مستنثناة من الإغلاق في التاسعة مساء مثل منطقة "تايم سكوير" الشهيرة بنيويورك التي تمتد حتي الساعات الأولي من الصباح حتي أن البعض أطلق عليها المدينة التي لاتنام، فهل تفعلها الحكومة وتعود للصواب وتستمع إلي صوت العقل والحكمة وتتخلي عن ديكتاتورية القرار؟ ربما.