يقول جودار: أعتقد ان سراييفو هي المكان الأمثل لتصوير الفيلم الذي أرغب بتصويره : انها المكان النموذجي للمطهر. والجزء الأخير من الفيلم يصور الفردوس لكن بأسلوب ساخر جدا, والفردوس هو مكان خصب في الغابات يحرسه المارينز الأمريكان. قد يكون جودار اسما معروفا, لكن يبدو انه استكان إلي حقيقة ان افلامه الآن لم تعد تري بصورة واسعة ولا تحقق الكثير في شباك التذاكر, ان مكانته تتعلق بمنتجي افلامة المألوفين المعتادين روث والدبرجر وآلان سارد اللذين يمكنهما ان يزيدا التمويل لمشاريعه الجديدة بسهولة كافية, لكن مهنته الحالية ليست بالضبط من الأحداث السنوية التجارية, ولتوضيح الامر حكي جودار قصة عن كيفية انتقاله اخيرا من مونتريال إلي نيويورك وحين وصل سأله ضابط الجمرك: ما الداعي لمجيئك هنا سيد جودار؟ تجارة أم للمتعة؟ وأشار جودار للأولي التجارة وسأله الضابط: اي نوع من التجارة فأجاب: صناعة الأفلام الفاشلة. هناك شيء من التناقض يكمن في موقفه تجاه السينما, وهو يبدو الآن يائسا من قدرة السينما علي إعادة اكتشاف نفسها أو أن تمتلك اي نوع من التأثير الاجتماعي. يقول متنهدا: لقد انتهت السينما, كان ثمة زمن ربما كانت فيه السينما تحسن المجتمع لكن ذلك الزمن انقضي. ومع ذلك فهو يستمر في دراسة السينما وتجاربها بصورة فعالة دائما, انه رافض بشدة لفيلم فهرنهايت11/9 لمايكل مور وفيض الأفلام الحالية التي تهاجم العولمة واثارة الحروب والامبريالية الثقافية الامريكية, يقول: يقولون انهم يهاجمون بوش, لكنهم لا يعملون ذلك بحرفية السينما بل بالكلمات, ويصف( بإنجليزيته الغريبة) مايكل مور بكونه مجرد مراسل لهوليوود ويقارنه بصورة سلبية مع صانع الأفلام الوثائقية العظيم فردريك وايسمان حتي انه يوحي بأن عمل مور قد يكون فعلا ساعد بوش ليس كافيا ان تقف ضد ادولف هتلر, اذا صنعت فيلما كارثيا فانك لا تقف ضد هتلر بل تزيده شعبيا. لا ينافق جودار احدا خصوصا حشود المعجبين الذين يشيرون له في افلامهم او حتي يسمون شركاتهم بأسماء افلامه, مثلا سمي كوينتن تارانتينو شركته للإنتاجABandApart نسبة إلي الفيلم الكلاسيكي لجودار عام1964.Bandeapart( عصابة الغرباء), يقول جودار ساخرا: يقول إنه معجب بي لكن ذلك كذب ثم يضع ملاحظة رمزية عن التعذيب وإهانة السجناء من قبل الجيش الامريكي في العراق, مالم يقل قط عن تارانتينو هو ان تلك السجون التي تظهر لنا في الصور في سجن أبوغريب والتي حدث فيها التعذيب, تسمي كلاب الخزان( اسم فيلم تارانتينو) اعتقد ان الاسم مناسب..( يسخر جودار من تارانتينو بهذا التعليق). وعودة إلي الخمسينيات حين كان يكتب لمجلة دفاتر السينما( كاييه دو سينما) فقد كان جودار من بين النقاد المثيرين للغضب في زمانه, كتب ان السينما هي نيكولاس ري( نسبة إلي المخرج الامريكي الكبير). من جواهر كلام؟ واحاديث جودار تأتي الأقوال المأثورة: الذي وصف فيلما مثل فيلم هيروشيما حبيبتي بأنه مزيج من فوكنر وسترافنسكي وكل طالب سينما يعرف مقولاته الشهيرة: كل ما تريده لصنع فيلم هو فتاة ومسدس والسينما هي حقيقة24 مرة في الدقيقة, وحين سؤاله ان كان لايزال يجد المتعة في أفلام نيكولاس ري يعترف انه لم يعد يشاهدها, لا يمكنك رؤية الأفلام بإمكانك فقط ان تراها علي اقراص الدي في دي, التي لا أحبها كثيرا لأن الشاشة صغيرة جدا. ويبدو انه متحرر من سحر مهرجانات الأفلام حين يقول: في البداية صدقت بمهرجان كان لكنه الآن مجرد مهرجان للترويج والتجارة, الناس يأتون إلي كان لكي يروجوا لأفلامهم, وليس من اجل رسالة خاصة, فانك اذا ذهبت إلي المهرجان بفيلمك, فإنك تحصل علي تغطية واسعة جدا من قبل الصحافة في ثلاثة ايام إذ انها ستروج للفيلم بقية السنة. يعيش جودار في سويسرا ونادرا ما يشاهد الأفلام وبدلا من ذلك فهو يحضر فيلما وثائقيا مثل فيلم تاريخ السينما ويزعم انه يقضي فراغه وهو يشاهد البرامج الرياضية ويقرأ روايات جاك لندن القديمة, ولا يحافظ علي الصلة بينه وبين زملائه القدامي الذين عمل معهم في فترة الموجة الجديدة الأمر يحدث في كل عائلة, انك تري اقرباءك ثم لا تراهم, إذ فجأة يختفون ولا تعرف ماذا حدث لهم قبل عشر سنوات شعرت بالحنين لتلك الفترة لكني توقفت بعد ذلك. جودار لم ير فيلم الحالمون لبيرتولوتشي, الذي اعاد صنع الاحداث الحامية في باريس عام1968 ويبدي الفيلم تقديره لفيلم جودارBandeapart من خلال احداثه, وحول ما إذا كان لا يتلهف إلي فيلم قريب عن تجربته الخاصة؟ فكان رده انها حياة مضت وهو بالطريقة نفسها يتجنب الاسئلة حول المشاريع المستقبلية ويسخر قائلا بأن كل ما في ذهنه الآن هو محاولة لعب التنس ورؤية محلله النفسي. وبغض النظر عن مكانة جودار كونه شخصية متحفظة إلا أنه لطيف ويبدي الكياسة في المقابلات, وذلك لا يعني ان جودار يستسيغ الصحفيين والمؤلفين الذين يدرسون بعمق حياته الشخصية وحتي السيرة الذاتية المتحمسة التي كتبها كوين مكاب بعنوان جودار: صورة في السبعين لم تنج من رفضه للصحفيين و السيرة الذاتية, يقول جودار لم أكن مسرورا بما كتبه, وطلبت منه التوقف لكني لا استطيع منع شخص ما من الكتابة, انه لا يعرف شيئا عني, ربما يعرف شيئا عن افلامي, كنت ممتنا له مرة واحدة لأنه ساعدني في عمل بضعة اشياء, لكن هذا كل ما في المسألة, ها هو أحد المخرجين العظام المؤيدين للحق الفلسطيني وهم كثر في العالم الغربي فهل فكرنا في التعريف بهم.. لعلنا نبدأ.