خلال أيام يحل وفد من صندوق النقد الدولي زائرا علي مصر لاستكمال مباحثاته حول القرض الذي طلبته الحكومة بقيمة4.8 مليار دولار, وسط جدل متصاعد ونقاش متزايد حول هذا القرض, وبالتزامن خرج علينا الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء قبل أيام مبشرا بالتقشف وربط الحزام, متناسيا أن أحوال المواطنين أشد قسوة, وأن حالة التقشف التي يتحدث عنها الدكتور قنديل بجترها المواطنون جميعا بعد أن خذلتهم الحكومة وتركتهم فريسة للغلاء والبلاء. ولعل الحكومة كانت أحوج بالبدء هي بالتقشف بمراجعة بنود إنفاقها علي السفريات والمستشارين والحفلات والمركبات, بدلا من البحث عن مصادر تمويل لعجز الموازنة من جيوب المواطنين الغلابة الذين يتضورون من الجوع ويكتوون بنار الأسعار, ثم كان يجب علي الحكومة أن تتحلي بالشفافية والوضوح, وتعلن عن تفاصيل وشروط قرض الصندوق التي أعتقد أنها تتضمن إجراءات تقشفية صارمة وسياسات اقتصادية صادمة, يجب أن يدور حولها نقاش مجتمعي جاد يكشف مسالبها ويوضح أبعادها المجتمعية, خاصة ما يتعلق منها بالدعم الذي يمثل محورا أساسيا في الإجراءات المتوقعة والسياسات المرتقبة. ولعل مبعث الخطورة في هذه السياسات أنها تأتي في ظروف اجتماعية واقتصادية غير عادية, حيث تشهد أركان ومكونات الاقتصاد المصري تداعيات خطيرة تتمثل في ارتفاع شديد في عجز الموازنة يتجاوز50 مليار جنيه في الربع الأول من العام وتآكل الاحتياطي النقدي وتراجع الاستثمار الأجنبي والصادرات بشكل مخيف, مما يفتح المجال لسيناريو خفض قيمة الجنيه وما يترتب علي ذلك من أعراض تتمثل في الغلاء وبالطبع سيكون عبء الفاتورة علي محدودي الدخل. كل هذه الغيوم التي تلوح في الأفق إذا ما تم ربطها برياح أزمة الدستور, فإننا أمام عاصفة شديدة تهدد البلاد وتنذر الجميع بأن يتحمل مسئولياته من منطلق وطني بعيدا عن المزايدات الحزبية الرخيصة, ومن خلال عمل يجمع كل القوي للخروج بالوطن إلي بر الأمان, والخطر كل الخطر أن يتم إطلاق القرارات والسياسات دون دراسة أو مشاركة من المجتمع, خصوصا سياسات قنديل للتقشف.