آلة القانون تلك الآلة العذبة التي تتميز بها الموسيقي العربية, قاربت علي الاندثار لكن الفنان صابر عبدالستار يقف وكأنه المحارب الأخير, المقاوم لزحف الآلات الغربية, محاولة إبراز هوية مصر من خلال الموسيقي وعزفه علي آلة القانون, يتنقل من مقام إلي مقام بخفة الريشة التي يعرف بها, ويقدم لحنا بقوة أوتار الآلة التي تتكون من قطعة من عظام الحيوانات, وجلد لتضخيم الصوت, وريشة, والشماسي من زخارف اسلامية, كلها خامات طبيعية, ويقوم هو منذ23 عاما باحتضان تلك الالة, وهو نجل الفنان عبدالستار شيحة احد رواد الانشاد الديني بالاوبرا المصرية. يقول صابر عازف القانون والمشرف علي تدريب العازفين بالاوبرا عن نفسه أن تربيته الدينية وحفظه للقرآن الكريم ساعدة كثيرا في تذوق عزف الآلات الشرقية, فكان الشيوح يأتون اليه ليعلمهم المقامات الموسيقية لكي يكون فاهما المقام وهو يقرأ القرآن أو يؤذن. عن تطور الموسيقي وسيطرة الموسيقي الغربية علي الذوق العام كان حوارنا معه. * كيف تواجه المد الموسيقي الغربي بآلتك؟ ** الآلات لها علاقة بالهوية ولاتتعلق بالذوق الموسيقي, ومنذ فترة كبيرة ونحن نحارب شلالات الغربي فهناك حالة من الغزو علي الوطن العربي, وهذا الغزو غير عادل, لأننا ببساطة اي شيء يتعلق بهويتنا نقوم بطمسه حتي اللغة العربية. * ماهي ملامح هذا الطمس؟ ** بالنسبة للموسيقي هناك مقامات عربية كثيرة مثل البياتي والنهاوند والحجاز كلها تخصنا وهناك غيرها من المقامات التي لم تعد موجودة لكن المقامات الحالية الغربية منزوعة الربع تون الذي يميز موسيقانا العربية, وحاولنا في فترة من الفترات أن ننوع العمل بأن ندخل الربع تون علي الجيتار مثلما فعل عمر خورشيد أو علي الكمنجات إلا أنها كانت محاولات فردية ولم تعمم, فالموسيقي العربية لاتقوم الا بالآلات الشرقية, وليس معني أن عبدالوهاب والسنباطي وضعا الآلات الغربية في بعض ألحانهما أن يكون هذا استخداما دائما لنا فيجب أن نتخلي عن عقدة الخواجة. * ألا تخشي أن تتهم بأنك ضد التطور؟ ** لست ضد التطور لكن اريد ان يشعر كل من يدخل مصر انه في بلد آخر له هويته وطابعه الخاص, الموسيقي لغة عالمية فيمكن ألا يفهم لغتي الهندي والامريكي لكن مجرد أن اعزف سيفهمون ماأريد أن أعبر عنه, لكن المشكلة الرئيسية أنه لاتوجد موسيقي في الوطن العربي فما لدينا مجرد غناء فقط, لاتوجد فقرات موسيقية وآخر من قدم هذا كان الراحل محمد عبدالوهاب, ولايمكن أن نقول أن اعمال عمر خيرت وعمار الشريعي مقطوعات موسيقية لأنها كانت تترات لأعمال فنية حققت نجاحا, لكن يمكن أن نقول أن زمار الحي لايطرب ودائما ننظر للخارج * وماذا عن التقدير المادي والمعنوي للعازف الشرقي؟ ** لايوجد هذا التقدير في مصر فمثلا فنان مثل عبده داغر حفلاته لايحضرها أحد في مصر لقلة الدعاية كما أنه لايوجد دعم مادي للفنان وعلي الدولة دعم العازفين, لأننا سنظل هنا لنقاوم ونستمر في عملنا, اذ عرض علي العمل في دبي بان أدرس لمجموعة سيصبحون مدرسين للقانون, لكني رفضت لأنني علمت أن كل واحد منهم سيأخذ6 آلاف درهم لكي يتعلم, لكن أين نحن من هذا * اذا هل تري أن علي الدولة دورا في إحياء الموسيقي الشرقية؟ ** بالطبع لها دور اساسي فيجب أن تصل الموسيقي لكل مواطن وعلي الدولة ان تشتري آلات موسيقية وتضعها بالأوبرا وتسمح للمواطنين ان يتعلموا عليها, لكن دعم الثقافة والآلات الشرقية هي اخر شيء يمكن ان يحدث في مصر, لذلك علينا ان ننتبه لأن الآلات الشرقية في تدهور واندثار لأن الصانع نفسه لاتتم رعايته وفي المقابل تختفي صناعة الآلات, كما أن المدرسين في الاكاديمية عملهم مجرد قضاء واجب والمناهج منذ100 عام لكن لا توجد موسيقي بها سمات العصر. * وماذا عن تعليم آلة القانون في الأوبرا؟ ** لدي فصل في دار الأوبرا لتعليم القانون وأنا أدعم الفصل بكل طاقتي وأن اساعد أي طالب لديه موهبة, لأن أول جائزة نلتها كانت في الجزائر وأول ألبوم سجلته تسابيح كان مع شركة أسبانية وهذا لأني لم انل تقديرا من مصر حتي الآن لاننا نعترف للعمل الجيد بحقه, فنحن نحتاج إلي دم جديد وثقة في قدرتنا وبلدنا ولدي مشروع كبير وحلم أريده أن يتحقق في بلادي.. مشروع ضخم يحتاج إلي دعم الجميع وأملي أن تتبناه الأوبرا وزارة الثقافة ومشروعي القادم عودة الهوية والريادة الفنية لمصر. صابر عبدالستار فائز بجائزة القانون الدولية في المسابقة التي اقامتها جامعة الدول العربية بالاشتراك مع المجمع المصري بالجزائر العاصمة عام2001 وصدر له ألبوم موسيقي بعنوان تسابيح, ويحتوي علي العديد من الأعمال الفنية من تأليفه, ومنها موسيقي تسابيح موسيقي سيدنا القطب لونجا الفراشة موسيقي الياسمين موسيقي فرح سماعي سحر مصر, وكذلك بعد التقاسيم الحرة.