أصبحت تربطني بالمخرج الفرنسي ميشيل أندريو الذي أصور معه الفيلم المصري الفرنسي انتاجا.. ويتم تصويره بالكامل بمصر بنجوم من مصر وفرنسا وايطاليا. ولاحظت أنه يصور المشهد أكثر من مرة.. ومن أكثر من زاوية قد تصل الي خمس مرات.. علي الرغم من أن كل المشاهد التي يصورها ليس بها عيب فني.. وتصلح تماما للتحميض والطبع!! سألته عن سبب تصوير المشهد أكثر من مرة.. فكان رده أن تصوير المشهد مرة واحدة لايكفي.. لأنه يعرض الفيلم لخطورة كبيرة.. فقد يحدث أن يحرق المشهد في المعمل فأجد غيره.. قد تكون الكاميرا بها خلل فتدور بلا تصوير.. ثم أن تصوير المشهد أكثر من مرة يعطينا فرصة كبيرة للاختيار.. فان وجود المشهد من زوايا مختلفة تجعل المخرج في منطقة اختيار الأحسن! وأيضا قد نستفيد من هذه المشاهد في مشاهد أخري حيث يمكن الاستعانة ببعض اللقطات المنفردة للممثل في المشهد المكرر تصويره في مشاهد أخري استفادة تامة.. الي جانب معالجة الأخطاء وهذا جزء مهم حيث أنه قد يحدث أن تكون في حاجة ماسة الي لقطة ضرورية ومهمة في مشهد آخر كان به خطأ فني ما.. ويكمل المخرج درسه.. قصدي حديثه!! وأخيرا.. وهذا هو المهم.. اعطاء المونتير المتخصص في تركيب الفيلم وأحداثه.. حرية مزاولة مهنته الصعبة فالمونتير يعتبر مخرجا آخر للفيلم.. ويجب اعطاؤه الفرصة كاملة في عملية الاختيار والتصرف في حدود المتفق عليه في خطوط سير أحداث الفيلم.. أما اذا أعطيناه الفيلم مصورا مرة واحدة لكل مشهد.. فنحن نفرض عليه شكلا.. وايقاعا واحدا لاحرية فيه للاختيار ويصبح فقط مركب مناظر أي أن مهمته تنحصر فقط في تركيب الفيلم دون أي تدخل في الفيلم.. وبذلك يفقد عنصرا مهما في الفيلم وهو عملية المونتاج.. وهي عملية غاية في الأهمية والخطورة.. فالمونتاج رؤية اخراجية حساسة جدا يقوم بها المونتير في ترتيب. أحداث الفيلم.. باختيارات مهمة يقوم بها للمشاهد وصلاحياتها.. وضرورة وضعها في المكان المناسب.. باحساس فني مطلق الحرية للمونتير. والمونتاج قد يكون سببا في انجاح فيلم أو في سقوطه عندما يكون التصوير في نوع من الأفلام التي تعتمد علي التصوير في مناطق صعب الوصول اليها.. أو عدم ثبات طبيعتها التي تم التصوير فيها.. وتغيرت طبيعتها ومناخها.. ويتسبب عدم تصوير أكثر من مرة.. في خسائر كبيرة.. لعدم القدرة علي تصويرها مرة أخري أو اذا كانت موجودة كما هي فنعود اليها بتكاليف باهظة.. اذا لابد من تكرار تصوير اللقطة الواحدة أكثر من مرة.. ويصبح الفيلم الخام في هذه الظروف أقل العناصر تكلفة في الفيلم. وانتهي الدرس.. وللأسف نحن هنا في كثير من أفلامنا نعتبر أن اللقطة الواحدة تكفي.. ونعتبرها ميزة مهمة في توفير الفيلم الخام.. وتقصير مدة التصوير. وننسي كل العناصر الأخري التي قد تتأثر.. وتؤدي لهبوط المستوي الفني للأفلام.. ونحن لانطالب بالافراط في تصوير المشهد أكثر من مرة.. ولكن مرة واحدة فقط.. لاتكفي!! والي الدرس العملي الأخير.. في رحلتي مع الفيلم الرحلة والمخرج الفرنسي.. الذي أصبح صديقا!!