يجمع المثقفون علي أن التوجه الإسلامي في تشكيل الحكومة سيكون غالبا, بل وأنه سينال النصيب الأكبر من الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة, وهذا لم يكن مفاجئا لأحد. فمن الطبيعي أن تأتي الحكومة منتمية للتيار الذي يتبعه الرئيس, وأن هذا ليس سيئا, لأنه يضع هذا التيار في صورة واضحة, إما أن يقدم نهضة حقيقية, أو لا يقدم ذلك فيلفظه الجميع, لكن البعض الآخر أبدي تخوفه من تأثير هذه التيارات علي الحقائب الوزارية المهمة مثل التعليم, والتعليم العالي, والثقافة, مما سيؤثر علي جيل كامل, لكنهم أكدوا أن هناك احتشادا من المثقفين لن يقبل بوزير ثقافة غير مستنير, أو لن يحقق متطلباتهم من حرية الإبداع والفنون. البداية كانت عند الكاتب سعيد الكفراوي, الذي قال: إن الإخوان الناجحين في انتخابات الرئاسة هم من يشكلون حكومتها.. شئنا ذلك أم رفضنا, لذا يختارون من هم يمثلون التوجه الإسلامي, والأيام ستكشف لنا هذا, وفي الوقت نفسه المعارضة تعارض لكن التخوف أن تكون حكومة إخوانية إسلامية تنفذ برنامج رئيس مجلس الوزراء الذي يسمي النهضة, وهذا ليس بالشيء السلبي, لأن هذا سيضع الإخوان أو هذا التيار علي المحك, ولا يوجد خيار غير أن يستمر أو تخرجه حركة الجماهير والتاريخ. ويضيف الكفراوي: أما بالنسبة للثقافة فهناك احتشاد من المثقفين لن يقبل أي تجاوز لوزير مستنير يعبر فعلا عن ثقافة التنوير, والثقافة المستنيرة, وسيقف المثقفون موقفا حازما في هذا الأمر, فهناك اعتبارات حقيقية يدافع عنها المثقفون مثل حرية التعبير, والمجتمع المدني, والمواطنة, حرية الآخر في الوطن, حرية الكتابة والسينما, وكل تلك القيم لابد أن يمثلها وزير علي قدرها, ونحن في انتظار ما ستسفر عنه تلك المرحلة, وأنا لا أعرف رئيس مجلس الوزراء, ولا مراقب لأي إنجاز له, ولست مطلعا علي ثقافته, لذا أنا في الانتظار لما تقدمه هذه الوزارة لهذا الوطن, وما سيقدمه التيار الديني أو الإسلام السياسي لمصر, فحتي الآن لم يختبر هذا التيار في مشكلات مصر الحقيقية مثل ملف الاقتصاد, أو العلاقات العربية, أو ملف إسرائيل, وغيرها من الملفات المهمة, وعندما يختبر سيكون هناك كلام آخر. وتقول الكاتبة سلوي بكر: إن الجواب باين من عنوانه, فالرئيس ينتمي للجماعة, حتي لو أعلن أنه ليس علي علاقة بالحرية والعدالة أو الإخوان المسلمين, لذا من الطبيعي أن تصبح الوزارة شبهه, أو تعبر عن أفكار هذا التيار, لكن التحالف بين المجلس والإخوان والصراع بينهما, يمكن أن يأتي بوزراء موالين للنظام السابق, لكن علي كل حال الحكومة لن تكون معبرة عن ثورة يناير, أو تعبر عن آمال الشعب المصري في نهضة حقيقية, لكنها ممكن أن تأتي ببعض إصلاحات من أجل تجميل وجهها فقط, وإن اعتقدنا أنها ستنادي بما نادت به الثورة من الخبز, والحرية, والعدالة الاجتماعية, فهذا مجرد أضغاث أحلام. وأوضحت الشاعرة والمترجمة د. فاطمة ناعوت أنه لم تفاجئنا جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد في تشكيل الحكومة في النهج الإخواني الشهير نفسه للاستحواذ والإقضاء, وهذا ما حذرنا منه منذ أشهر طويلة, لكن يبدو أننا شعب طيب لا يتعلم من التجربة, وللأسف أتوقع أن تتكرر الآلية نفسها في البرلمان المقبل, الذي ستكون أغلبيته إخوانا برغم أنه منتخب وليس معينا, أما الخدعة التي مارسها د. مرسي فهي اختياره هشام قنديل بوصفه مستقلا وغير إخواني, لكنه في واقع الأمر ينتمي للتيار الإسلامي الذي سيحظي بحقائب وزارية شديدة الحساسية مثل التعليم, والتعليم العالي, لنقول بعدها سلاما لأجيال قادمة ستنتمي للفكر الوهابي, ونعود القهقري قرونا للوراء. وتضيف ناعوت: في الواقع أري أن الثورة الشريفة التي أزهقنا من أجلها الأرواح سرقت بكاملها, وهذا ليس غريبا, فثمة لصوص ثورات يتربصون دائما للاستلاب في كل زمان ومكان, لكن ما يدهشني حقا هو قبول الثوار أنفسم الأمر وقبولهم السرقة, وستكون الحكومة المقبلة إخوانية النزعة حتي لو لم يحظ الإخوان إلا باثنتي عشرة حقيبة, لأنه من الممكن أن يعتنق أفراد الفكر الإخواني, وإن لم يضلعوا في الجماعة, كل ما أخشاه الآن هو انهيار الثقافة والتعليم إن حمل حقيبتيهما أي من الإخوان أو السلفيين, لأن هذا يعني أن صوت العقل سوف يخمد للأبد, واحتمال القيام بثورة جديدة بات مستحيلا, وأن أجيالا قادمة من أطفال مصر سيصبحون في الغد من أصحاب الفكر المتأسلم الذي يبعد عن روح الإسلام بقدر ما يقترب من الروح الدموية التي لم تعرفها سيرة الرسول, ولا الصحابة الأول.