وتطرح المعارضة اليسارية المتشددة ملفا آخر هو إعادة هيكلة مباشرة للمصارف اليونانية عبر استغلال أموال الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي, مما يخفف من عبء الدين, علي غرار ما أقر لإسبانيا في أثناء القمة الأوروبية. كما تسعي اليونان ومنطقة اليورو إلي التوصل إلي وسائل للخروج من الحلقة المفرغة للتقشف والانكماش التي تدور فيها البلاد, فمع زيادة الضرائب, وتراجع الرواتب, تراجع الإنتاج الصناعي والاستهلاك, وباتت الحكومة تتوقع تفاقم الانكماش. ويبدو أن صبر الجهات الدائنة لليونان قد نفد, فعلي الرغم من جميع المساعدات التي قدمت لليونان حتي الآن, إلا أنها لاتزال مهددة بالإفلاس. كما أن هناك تزايدا في خطورة الوضع في إسبانيا في ضوء تزايد فوائد الديون المستحقة عليها, وهو ما ردت عليه أسواق المال العالمية بتراجعات هائلة. فالدول الدائنة لليونان, وفي مقدمتها ألمانيا, لم تعد مستعدة للتقدم لحكومة أثينا بوعود مالية أكثر من الوعود الحالية, فلا يتصور أن تقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مرة أخري أمام البرلمان لتدعو أعضاءه للموافقة علي حزمة مساعدة ثالثة لليونان, كما أن صندوق النقد الدولي ألمح حسب معلومات مجلة دير شبيجل إلي أنه لن يشارك في مساعدات أخري لليونان. لقد تخلفت أثينا بسبب توقف معظم مشاريع الإصلاح في أثناء المعركة الانتخابية المستمرة الربيع الماضي, كما أن إطالة مدة تطبيق الإصلاحات الاقتصادية حسبما تنادي به أثينا تتطلب أموالا أكثر تتراوح حسب تقديرات مراقبي الترويكا بين10 و50 مليار يورو, وهو ما يعني أن حزمة المساعدات التي وافق عليها الاتحاد الأوروبي لم تعد كافية. خروج اليونان من اليورو أمر مسبق ولكن!! ولم يعد وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر يعتبر خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة أمرا مستبعدا, حيث قال في مقابلة مع القناة الأولي في التليفزيون الألماني إيه آر دي: لم يعد خروج اليونان بالنسبة لي أمرا مخيفا. غير أن خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة سيكون في حالة حدوثه أمرا غير مسبوق, وليس له ضابط في الاتفاقات الخاصة بالاتحاد الأوروبي, لكن اليونان يمكن أن تعلن نفسها منسحبة من منطقة اليورو, لكن هذه الحالة ستكون أيضا أرضا جديدة لم يطأها الاتحاد في تاريخه. وتدرس الترويكا حاليا مدي تطبيق اليونان لتعهداتها الإصلاحية, وتأمل أثينا في الحصول علي ضخ مالي لنحو12.5 مليار دولار في شهري أغسطس وسبتمبر المقبلين. باختصار.. لم تكن التوترارت في منطقة اليورو حادة إلي هذا الحد بين محور الشمال ودول الجنوب, حيث تواصل اليونان أداء دور العضو الذي يواجه مشكلات. وفي الأيام الأخيرة تحدث عدد من كبار المسئولين الألمان علنا عن تخلف البلد عن سداد ديونه, وخروج اليونان من منطقة اليورو, من دون صدور أي نفي لهذا الكلام. وترجم العديد من المحللين هذه التصريحات علي أنها مواقف تفاوضية للضغط علي اليونان بهدف تنشيط الإصلاحات أكثر من كونها احتمالا للخروج من اليورو. وتأتي هذه التصرحيات في وقت بدأ مراقبو الترويكا( الاتحاد الأوروبي, والبنك المركزي الأوروبي, وصندوق النقد الدولي) في أثينا, مراقبة الحسابات الوطنية بهدف تقييم التأخير الحاصل في التصحيح المالي للبلد بعد تنظيم عمليتي انتخاب في الأشهر الأخيرة. وستتفق الحكومة اليونانية والترويكا علي خفض العجز العام, وعلي إجراءات التوفير الجديدة المتعلقة خصوصا بخفض النفقات العامة, وسيعود المراقبون في سبتمبر إلي أثينا لتقديم تقييمهم النهائي. لكن الجميع يعرف في بروكسل, وكذلك في أثينا, أن البلد يعاني صعوبة في تحقيق الأهداف التي حددتها الخطة الثانية الموقعة أخيرا بين البلد والجهات المانحة له, أي الاتحاد الأوروبي, والبنك المركزي الأوروبي, وصندوق النقد الدولي. ولتجاوز هذا الأمر, ستطلب الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة المحافظ أنطونيس ساماراس, مهلة جديدة من سنتين للوفاء بالتزاماتها. وبما أن الوقت من مال, فإن المحللين في مؤسسة كابيتال ايكونوميكس يعتبرون أن المجموع سيكون تخصيص40 مليار يورو إضافية لليونان, أما المحللون في بنك سوسيتيه جنرال فيحددون هذا المبلغ ب60 مليارا. وبدلا من قرض جديد, قد تضطر اليونان إلي التفاوض علي إعادة هيكلة ديونها مع البنك المركزي الأوروبي ودول أخري فعلت في مارس الماضي مع المصارف الخاصة التي تحملت شطب نسبة كبيرة من قيمة السندات اليونانية التي اشترتها.