خلت برامج معظم مرشحي الرئاسة تماما من الحديث عن مستقبل النهوض بها لتعود مصر إلي سابق عهدها رائدة للثقافة والتنوير, بينما تناولتها برامج قلة من المرشحين بالحديث العابر بلا خطط مستقبلية ولا برامج للعمل في هذه المجالات الحيوية والمهمة في حياة الشعوب بصفة عامة. يقول المخرج علي بدر خان إن الثقافة والفنون لم تسقط من برامج مرشحي الرئاسة والدليل علي ذلك وجودها في برامجهم الانتخابية, ولكن كلا منهم علي قدر اهتماماته فبعضهم مهتم أكثر بالاقتصاد والآخر بالسياسة,لذلك أطالبهم بمزيد من الاهتمام بالثقافة والفنون لأنها هي التي تؤهل المجتمع للنهوض الي مستوي ارقي ولابد من تطويرها والاهتمام بها, وقال: تضمن برنامج احد المرشحين, الذي يعد علي سبيل المثال الأكثر اهتماما بمسألة الثقافة, إنشاء مجلس للعلوم والثقافة والفنون يضم رموز مصر من العلماء والمثقفين والكتاب والفنانين تكون مهمته وضع السياسات الهادفة لترسيخ دعائم دولة العلم والمعرفة واستعادة ريادة مصر الثقافية. كما يتعرض برنامج آخر إلي ضمان الحريات الفردية وحرية الإبداع والتعبير والإعلام بما يسمح للكتاب والفنانين والمثقفين والمواطنين عامة بإبداء آرائهم بحرية دون حجر علي صاحب رأي, متعهدا بدعم الطاقات الموهوبة والمبدعة في مجالات الأدب والسينما والمسرح والموسيقي والغناء ودعم الفنون الراقية واعتبار الفنون والآداب من قوة مصر الناعمة ومخزونها الاستراتيجي الذي يجب مساندته. ويؤكد الدكتور عصام الشماع أيضا بعدم سقوط الثقافة والفنون من حسابات المرشحين حيث تبني مرشح في برنامجه الانتخابي مشروعا ثقافيا نهضويا يهدف إلي إعادة وجه مصر الإبداعي الرائد والمستنير ويستعيد القيمة الفكرية والاجتماعية والأخلاقية المصرية, ويطلق طاقات مثقفيها وأدبائها وفنانيها ومبدعيها في كل المجالات. وأضاف الشماع أن اهتمام المرشحين بالثقافة والفنون والإبداع كاهتمامهم بالصناعة والاقتصاد وان صناعة كصناعة السينما من الممكن ان تكون مصدر دخل قومي مثلما كانت في أيام طلعت حرب. ويقول الموسيقار حلمي بكر: للأسف في مصر الثقافة تحتل المرتبة الأخيرة من حيث الاهتمام في البرامج لأن البعض يعتبرها ترفا ودورا زائدا رغم أنها من أهم عوامل النهضة والتنمية, مضيفا برامج المرشحين للرئاسة فقيرة في الجانب الثقافي, وأتمني أن تشهد المرحلة القادمة نوعا من التنوير لكون الفنون من أهم الموضوعات التي لابد ان تكون لهامكانة قوية لدي جميع المرشحين لانه في العهد السابق الثقافة همشت بفعل فاعل لتجهيل الشعب, وهناك محاولات من بعض التيارات لتحريم الإبداع, ولكنني أتوقع أن تواجه تلك المحاولات بالتصدي من رئيس الجمهورية القادم. أما الأديب فؤاد قنديل فقال إن الثقافة سقطت من حسابات المرشحين لسببين الأول لأن معظم المرشحين لا يقيمون وزنا للثقافة ولا يري تأثيرا لها في الحياة ولا يتصور أنه بإمكان الثقافة المساهمة في التنمية ولهذا لم يمنحوها أي اعتبار. والسبب الثاني هو أن يكون المرشح نفسه لا يدري شيئا عن الثقافة وهذا هو السبب الأرجح كما كان الرئيس السابق الذي لم يقرأ كتابا في حياته ولم يسمع الموسيقي ولم يشاهد معرضا تشكيليا وفاقد الشيء لا يعطيه وليعلم جميعهم أن غياب الثقافة قد يعوق تنفيذ ما سيكلفون به. ويري المخرج المسرحي أحمد عبد الحليم أنه إذا غابت الثقافة والفنون عن برامج المرشحين فهذا غير طبيعي وغير منطقي وبه نوع من التخلف لأنها لابد وأن تأخذ وضعا مهما وأكبر من ذلك ولابد وأن تسير كل نواحي التنمية بطريق واحد وأن تعامل الثقافة شأن التعليم والصحة والاقتصاد وليس أقل وأضاف يجب أن يعلم كل مرشحي الرئاسة أنها وزارة مهمة جدا لأنها تنشر الوعي والتنوير. وقال الكاتب المسرحي محمد أبو العلا السلاموني لقد ذكرها بعض المرشحين لأنهم يعرفون قيمة الإبداع. أما باقي المرشحين فجاءت برامجهم مزدحمة وشغلتهم قضايا الأمن والاقتصاد وغيرها من القضايا التي تهم القاعدة العريضة من الشعب المصري أكثر من الثقافة, وعلي كل يفترض بعد تولي أحدهم السلطة أن يضع في ذهنه الجانب الثقافي وأضاف السلاموني علي المثقف أيضا دور في هذا يتلخص في الضغط من خلال المطالبة لتحقيق أهدافهم لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب. وتري الكاتبة سهير المصادفة أنهم يضعونها في ذيل اهتماماتهم, وتقول: لم أسمع عن برنامج جيد يليق بها ونتائج هذا ستكون مزعجة للمرشحين وللشعب نفسه, مؤكدة أن ثقافة الشعوب تساعد علي التنمية السريعة, وأضافت المصادفة من مصلحة أي رئيس ديمقراطي أن يتمتع شعبه بثقافة عالية, ولكن من مصلحة الرئيس الديكتاتور أن يغيب الشعب ثقافيا, فعلي من يتولي هذا المنصب الرفيع الإسراع بوضع مقومات ثقافية جيدة لشعب به نسبة أمية عالية لأنه سيحسب له ذلك. يقول الفنان أشرف عبد الغفور نقيب المهن التمثيلية: اهتممت بالتأكيد مثلي في ذلك مثل سائر الفنانين بالبرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة وبحثت فيها عما يخص الفئة التي أمثلها ووجدت أن بعض المرشحين قد اهتموا بالفن, لكن احقاقا للحق كان هناك احد المرشحين تحدث كثيرا في مؤتمراته عن دور الفن والفنانين لكنه مع ذلك لم يضع خطة تفصيلية تبلور هذا الاهتمام وهذا ليس مقصورا علي الفن لكنها سمة اتسمت بها جميع برامج المرشحين في جميع المجالات للأسف الشديد حتي تحول أغلبها إلي وعود وأحلام وكنا نتمني أن تكون برامجهم أكثر وضوحا لأن الناخب يختار علي أساس هذه البرامج ولا يختار علي أساس الشخصية أو الكاريزما.. لكن من ناحية أخري يجب علينا أن نعذر هؤلاء المرشحين الذين يعلمون جميعا أنهم قادمون لفترة واحدة لن تزيد علي أربع سنوات فكان لزاما عليهم الاهتمام بالمشكلات العاجلة أولا لكنهم في نفس الوقت اهتموا جميعا بمسألة الحريات العامة التي يكفلها الدستور والتي ستندرج تحتها حرية الابداع وهي الحريات التي سينص عليها الدستور الجديد الذي مازلنا نسهم جميعا في تحضيره وقد شاركت بصفتي نقيبا مع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب حتي نضع تصورا لصياغة نهائية لا تسمح بتكبيل حرية الابداع باستخدام كلمات مثل إلا إذا و بشرط ولكن.. كما قمت بتنظيم دعوة لكل مرشحي الرئاسة للإلتقاء بالفنانين والتحاور معهم لكن ظروف حملاتهم الانتخابية حالت بينهم وبين تلك اللقاءات.. أما بالنسبة للرئيس القادم فسيكون بانتظاره مجلدات من مشروعات تطوير الفن وصناعة السينما لكنني سأطالبه بسرعة انشاء دار سينما ومسرح حديث في كل محافظة كإجراء فوري يساعد علي تطوير الفن إغفال السينما أما المصور السينمائي سمير فرج رئيس جهاز السينما فيقول: تابعت برامج مرشحي الرئاسة وكنت أتمني أن أجد من بينها من يعبر عن حبه للفن واقتناعه بدور الفنانين والمبدعين لكن للأسف لم أجد سوي تصريحات واحد من المرشحين عن حبه للفن والاغاني وعلي الرغم من ضآلة هذه التصريحات إلا انها جذبت إليه العديد من أصوات الفنانين الذين يتمنون كلمة اهتمام! لكنني كفنان لا أستطيع أن ألوم المرشحين علي اغفالهم للفن لان الرئيس القادم لن يكون رئيسا للفنانين لكنه سيصبح رئيس مصر التي تئن تحت وطأة الانفلات الأمني وتواجه شبح الانهيار الاقتصادي فكان لابد لأي مرشح الإعلان عن توفير رغيف العيش قبل الخوض في أي تفاصيل أخري فأهم شيء في نظري هو أن يأتي أي رئيس ليبرالي وليس من تيار ديني يعود بنا للوراء مثلما تشير تصريحاتهم بل وأفعالهم عندما قاموا بتغطية التماثيل!! فمن الواضح أنهم حاطين الفن والفنانين في دماغهم أما مجيء أي رئيس مدني فسيكفل لنا علي الأقل أن نبدع ونعبر عن فننا حتي لو لم يستطع أن يقدم لنا المزيد وبالتأكيد سنصل بعد ذلك إلي مرحلة أكثر استقرارا تتيح لنا المطالبة بتحقيق التطوير للصناعة كما نراها والتي سيكون علي رأسها إصلاح البلاتوهات والمعامل وإمدادها بأحدث تكنولوجيا وصلت الآن ليد القطاع الخاص وبقي أن توفرها الدولة لقطاعها العام.. ومن ناحية أخري سأطالب بالاستعانة بمتخصصين من أهل الفن عند نظر أي قضية تخص فنانا وذلك حتي لا يتم الزج بفنانين في قضايا لا ذنب لهم فيها مثل قضية الفنان عادل إمام الأخيرة والتي تدل علي أن القضاء العام ليس لديه علم بالمسئوليات الفنية وتوزيع الأدوار. احترام حرية التعبير مسعد فودة.. نقيب المهن السينمائية اتهم برامج مرشحي الرئاسة قائلا: معظم برامج المرشحين أشارت الي احترام حرية التعبير لكنها لم تحدد كيفية هذا الاحترام ولا ضوابطه..ولا أدري لماذا أسقطوا من حساباتهم دور الفن والإبداع هل يشير هذا الي عدم إدراكهم لأهميته؟! كان يجب علي كل المرشحين أن يضعوا الفن نصب أعينهم في الفترة القادمة لما له من أهمية في تشكيل وجدان المجتمع بدليل الدور الكبير الذي لعبه الفنانون في ثورة يناير حينما قادوا المجتمع الي الثورة التي سمحت لهؤلاء المرشحين بترشيح أنفسهم للرئاسة! وحتي أكون عادلا استثني احد المرشحين الذي ينتمي الي أهل الفن بأكثر من طريقة لذلك يجب علي أي رئيس قادم أن يضع آلية لتطوير الفن لان تطور الحركة الفنية يغذي ويدعم تطور حركة الحياة نفسها ولانريد رئيسا يعمل بفكر جماعة محددة تقصي من تشاء وتحدد الفن الراقي من وجهة نظرها كيفما تشاء لان من يحدد هذا هو الفنان نفسه والجمهور هو الحكم الوحيد..ونحن كمبدعين لنا مطالب كثيرة من الرئيس القادم وسنطالبه بها فور تسلمه الرئاسة لان بعد ثورة يناير لن يرغمنا أحد علي التخلي عن مطالبنا بالطرق المشروعة وأول هذه المطالبات سيكون أرشفة تاريخنا السينمائي حتي لايتعرض للضياع وثانيها سيكون نقل تبعية السينما الي وزارة الثقافة ثم الاهتمام بتوفير عناصر جذب للاستثمارات السينمائية التي هربت الي تركيا والمغرب وغيرها من دول الشرق الاوسط وإعادتها الي مصر مرة أخري برامج صورية وأخيرا يقول المخرج السينمائي داوود عبد السيد: لم أتابع البرامج الانتخابية ولم أشغل نفسي بها ولم أبحث فيها عما يخص الابداع وذلك لاقتناعي بأنها برامج صورية غير قابلة للتنفيذ كما انني أري أن الصراع حاليا ليس علي البرامج الانتخابية لكنه صراع اتجاهات بمعني أن الناخبين لايختارون برنامجا أعجبهم ولكنهم أولا يختارون اتجاها يرضيهم ويتفق معهم..ووفقا لهذه النظرية فأنا كمبدع يهمني أن يأتي رئيس مدني يستطيع الحفاظ علي مكانة الفن والإبداع ولن أطالبه سوي بإطلاق حرية التنفس والنمو لكل الناس فهذا هو ماسيحقق ابداعا متطورا وعندما تنتعش الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية سينتعش الفن بالضرورة لذلك لابد من تعديل قانون الرقابة علي المصنفات الفنية الذي يعتبر بشكله الحالي رقابة علي الفكر والمطلوب هو فانون عصري يضمن حرية الابداع في الوقت الذي ينظم فيه المشاهدة من خلال وضع بعض المعايير مثل معيار السن في تصنيف أفلام للكبار فقط