لمن لا يعرف حزب الله هو تنظيم سياسي عسكري في لبنان منذ أكثر من عشرين عاما, اكتسب شعبيته عن طريق مقاومة الوجود الإسرائيلي خاصة اجتياح بيروت عام1982. وكان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام1979 دافعا قويا لنمو الحزب للارتباط المذهبي بين الطرفين. والحزب كما هو واضح في اسمه يستغل الدين ويتمسح في الآية الكريمة( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون), أصدر بيانا في عام1985 يقر إلتزامه بأوامر قيادة ولاية الفقيه, روح الله آية الله الخميني. حيث إن الدستور الإيراني يضع قائد الثورة الإسلامية أو الولي الفقيه علي رأس هرم النظام السياسي للدولة رغم عدم وجود أية آثار لهذا العنوان في الدستور, بينما قيادة الثورة الإسلامية هي الجهة التي تحدد السياسات العامة وتشرف علي سير السلطات الثلاث في البلاد, وعمليا فالحزب يتبع قائدا غير قائد الدولة اللبنانية والدليل أنه حين أطلق حزب تموز حسب التسمية الشائعة, صيف عام2006 متعمدا, ولمدة34 يوما محولا مناطق مختلفة من لبنان إلي ركام, خرج زعيمه يتحدث بفخر كالمنتصر وهو يعلن أن إسرائيل لم تصب البنية القيادية لحزب الله, وان عتاد الحزب وصواريخه لم تدمر, وكأن الدمار الذي لحق بأكثر من7 مليارات دولار ومئات الشهداء والجرحي ونصف مليون نازح, لم يكن خسارة للمجتمع والدولة معا؟ وإذا كان حزب الله يمثل حالة استثنائية في التدخل المباشر في العمل السياسي والعسكري بجانب العمل الديني فذلك قد يعود ليس فقط لطول التجربة بل ايضا للدعم المستمر من قبل إيران, والذي مكنه من امتلاك جيش ومؤسسات تنافس الدولة اللبنانية, وقد نجح أيضا رجال الدين في دولة خليجية من خلال فتاواهم وأوامرهم للناس في الانتخابات البرلمانية عامي2006 و2010 بانتخاب ما أطلقوا عليه القائمة الإيمانية وصادروا حقوق الناخبين, وضغطوا عليهم عقائديا وهو ما يتنافي مع الأخلاق التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف, فلبس عباءة الدين والتشبه بالإيمان لتحقيق مصالح سياسية مرفوض تماما, فما يسمي بالكتلة الاسلامية كانوا اعضاء في حزب مبني علي أساس ديني يتناقض مع حقوق المواطنة الصحيحة التي تكون عن طريق الترغيب وحب الوطن والخوف علي مصالحه, لا بالترهيب وعدم ترك الحرية للمواطن في التصويت لمن يراه الأكفأ والأجدر تجاه الوطن, وهونفس الموقف الذي قد تصل إليه بعض الجماعات الدينية التي تنتمي عقائديا لدول تساندها وتدعمها ماليا والنتائج واضحة في الانتخابات التشريعية المصرية التي تمت الدعوة لمرشحيها في المساجد وفي حجم الانفاق علي الدعاية للمرشحين الاسلاميين في الرئاسة المصرية والتي تعكس ميزانيات ضخمة ولا تتناسب مع مرشحين يدعي اكثرهم تمثيله الطبقات المتوسطة من الشعب المصري. كل الجماعات الاسلامية كانت ولاتزال مجموعات عقائدية تعمل وفق قائد ملهم سواء كان مرشدا أو أميرا, يتولي الحكم الديني والروحي عليهم, ولا تستمر بدون دعم مالي خارجي, ومهما يحاول البعض التخفيف من ثقل هذه الكلمات فهي حقيقة واقعة, الدخول في السياسة من الباب الديني يشوه الاثنين معا, وقد سمعنا المرشح الرئاسي وهو يصف بعض القتلة بأنهم الاخوة الأفاضل, وبالتالي أسأل كل مؤدي التيار الديني هل يمكن أن نجمع كل بلطجية وقتلة نظام مبارك ليقدموا مراجعات ثم يشكلوا حزبا ونطلق عليهم يوما ما الاخوة الأفاضل, هل هذا سيرضي أهالي الشهداء؟ أكرر هذا الحديث في الوقت الذي يتأهل فيه المصريون ليذهبوا لصناديق الاقتراع لاختيار الرئيس القادم كي يتذكروا ان الرئيس القادم يجب ان يكون مصريا خالصا.. وتكون مرجعيته الوحيدة هي مصلحة الوطن والمواطن, ولا حجر أو منع لفكره أو توجهه.