ها هي اسطنبول قد استعدت لاستقبال روادها عشاق الفنون من سينما ومسرح وموسيقي من خلال مهرجانات فنية تقام كل عام بدءا من الربيع وحتي نهاية أغسطس من كل عام وفيها تستقبل نجوما من شتي أنحاء العالم يعرضون إبداعاتهم وفي نفس الوقت يقيمون حوارات تجعل التواصل حميما ومؤثرا. ولأن المركز المعنون بوقف أسطنبول للثقافة والفنون هو الذي يقيم ويدير تلك الفاعليات فالقائمون عليه يحرصون علي إضافة ملامح مغايرة علي كل دورة وبالنسبة للفن السابع الذي يتحوذ علي النسبة الكبري من الاهتمام سيكون عشاقه علي موعد مع قضايا مثيرة ومفاجئة تطرحها أفلام مهرجان اسطنبول في دورته التاسعة والعشرين والذي يدشن لياليه اعتبارا من غد وحتي الثامن عشر من الشهر الجاري ويعرض خلالها أكثر من مائتي فيلما تمثل سبعا وخمسين دولة ومقسمة في22 قسما بدءا من المسابقتين الرسمية للافلام الاجنبية والافلام التركية مرورا بالصمات في دنيا الإخراج خلال الثلاثين سنة الأخيرة وأفلام الشباب وحقوق الانسان والبدايات الأولي علي الشاشة الفضية إلي السينما التركية الجديدة واخيرا بالمكرمين. صحيح أن مهرجان السينما في اسطنبول آل علي نفسه ومنذ بداياته الأولي في نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم, ألا يضع تابو من المحرمات أمام لجنة احتيار الأفلام, فجمعيها طالما كانت ملائمة من حيث الاعتبارات الفنية للشرائط السينمائية, ووجود ترجمة باللغة التركية إلي آخره من الإجراءات الاحترازية, بيد أنه في أشد سنوات الصراع مع اليونان, كانت أفلام يونانية تعرض في أيام المهرجان, وفي هذا العام أفرد المهرجان قسما خاصا لبصمات أسطوات وهو تعبير تركي يطلق لاصحاب الخبرة والتميز في عالم الإخراج السينمائي خلال العقود الثلاثين الماضية, ولم تجد الإدارة أدني حرج وهي تحتفي باسم المخرج الأرميني الأصل الكندي الجنسية والمولود في العاصمة المصرية القاهرة عام1960, أنه آتوم ايجويانAtomEgoyan الذي قدم أول أفلامه عام1984, فقد سبق وتناول في أحد اعماله الروائية والتي تبلغ11 فيلما, قضية شديدة الحساسية بالنسبة للاترك بوجه عام, ألا وهي مذابح الارمن أثناء الحرب العالمية الأولي التي قيل أنها تمت علي يد العثمانيين الاتراك عام.1915 ففي فيلم آرارت جبل شاهق علي الحدود التركية الأرمينية بدت مشاهده إدانة صريحة لا تقبل الشك لتركيا, ولكن تلك هي رؤيته التي يمكن الاختلاف معها بل ودحضها أما منعها فلا يعني أنها غير موجودة, لكن الشريط لم يخل من بعض إنصاف وبمعني آخر التحلي بقدر من الواقعية والدليل علي ذلك أن الرجل طالب في الوقت نفسه تجاوز الالام وعدم الركون للماضي فقط, أيجون في هذا العام يقدم الخطا الكبير وهو عمل إنساني شديد الحساسية متأثرا بأعمال الايرلندي صمويل بيكيت1906 1989 رائد مسرح العبث, والانجليزي هارولد بنتر1930 2008 ومن خلال الكوميديا السوداء أن جاز هذا التعبير تتدفق مشاهد الشخوص فيها تعاني اغترابا هائلا مع ذاتها ومجتمعها بل والعالم أجمع, أنه الإغتراب بمعناه الكافكاوي نسبة إلي التشيكي اليهودي فرانز كافكا1883 1924 في السياق ذاته سيشاهد الجمهور فيلما عدميا آخر بعنوانBAYHICKIMSE السيد لا أحد' شاركت اربع دول في إنتاجه وهي بلجيكا وكندا وفرنسا والمانيا وأخرجه البلجيكي جاكو فون دورميلVONJaco0nDormael, مضمونه يتمحور حول حيرة الإنسان التي لا فرار منها أنها في النهاية تنويعة قاتمة لا تصل إلي مرفأ وينتهي البحث عن حل لمأزق الانسان الوجودي إلي لا شيئ, وفي هذا القسم المثير ومن خلال لغة سينمائية شجية ستقدم المخرجة فيو الاداجFeoAladag نمساوية المولد1972, الفيلم الالمانيAYRILIK الانفصال والذي كتبت له السيناريو أيضا, وفيه واقع الماني لكن الحياة داخل المشاهد, سنجدها تركية خالصة من الألف إلي الياء. فها هي الزوجة الشابة المحجبة المقهورة والمقمعة من قبل الزوج, ومعها الابن الصغير, تترك بلدتها' قيصري' أحدي مدن وسط الاناضول وتسافر إلي برلين حيث أسرتها التي تعيش, وفي التفاصيل نغوص في تلال من التناقضات بدءا من هوية مضطربة وأصول تطارد أصحابها رغم أنهم تركوا البلاد ونزحوا إلي عالم أكثر يسرا هذا عن الموضوع الشائك أما البطلة الرئيسية في الشريط والتي سيراها الجمهور تؤدي اداء بليغا فهي نجمة شرائط البورنو جرافيك سيبل كيكيللي الطريف أن الافلام التي شاركت فيها بالتمثيل حازت جميعها علي جوائز من مهرجانات دولية مرموقة ففيلمDuvaraKarsi الحائط المسدود والذي أخرجه فاتح آكين عام2004 حصل علي الجائزة الكبري لمهرجان برلين في دورته الرابعة والخمسين. وبعدها بسنتين ستشارك في فيلم اخرEveDonus سقوط منزل, وأخرجه عمر آغور ومحوره وقصته دارت وقائعها حول انقلاب العسكريين عام1980 بقيادة الجنرال كنعان أفرين والذي أطاح بالحكم المدني وحل الأحزاب السياسية واعتقال زعمائها وظل يحكم لمدة سنتين قبل أن يسلم الحياة السياسية من جديد إلي السياسيين. في هذا العام يخصص المهرجان قسما خاصا عنونه السينما التركية الجديدة والحق يعتبر العامان الماضيان ذروة تنوع إنتاجات السينما التركية, وهذا ما اكدته دوريات سينمائية متخصصة سواء تلك الصادرة من داخل البلاد او من الخارج خصوصا في المانيا وفرنسا, يذكر أنه تم إنتاج954 فيلما سينمائيا خلال الخمس سنوات الماضية, ووصل عدد متفرجي الافلام السينمائية علي مدي خمسة الاعوام الماضية إلي123 مليون متفرج منهم57 مليون متفرج شاهد الافلام السينمائية التركية. وخلال العشرة الشهور الماضية فقط, حصلت صالات السينما علي إيرادات قدرت قيمتها بنحو292 مليون ليرة تركية, والاحصائيات التي اعلنتها من جانبها وزارة الثقافة أشارت إلي أن الافلام التركية تفوقت علي نظيرتها الاجنبية التي عرضت في عموم الاناضول في اشارات واضحة الي اهتمام الجمهور التركي بالافلام السينمائية التركية بأكثر من اهتمامهم بالاجنبي. انطلاقا من تلك الحوية التي تعيشها السينما التركية سيشاهد الجمهور نماذج مختارة تشمل تسعة أفلام, ثمانية منها انتاج العام الماضي والتاسع من انتاج العام الحالي. منها ملائكة ومقامرون من إخراج أتكتين أك بينار وعشق آخر بديل من توقيع الكسان بشارير وفيلم' هناك' أخراج كل من حقي كوركلوش وملك سيراج أوغلو, كذلك الشريط المهم والمعنون' أنا وروز ونهاية الربيع' أخرجته هندان أوزتورك وأخيرا فيلم تسليم من إنتاج العام الحالي ومن إخراج عمر يالجين.