بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الإثنين 21 أكتوبر 2024    صندوق الإسكان الاجتماعي يكشف شروط الحصول على شقة في الإعلان الجديد (فيديو)    مصادر أمنية لبنانية: إسرائيل تفجر قرى بأكملها في جنوب لبنان    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 21-10-2024 في بداية التعاملات الصباحية    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 21-10-2024    الصحة: تقديم الخدمة لأكثر من 2.4 مليون حالة بقوائم الانتظار    اللواء وائل ربيع: بيان الخارجية بشأن فلسطين قوي وجاء في توقيت مناسب    مشعل يرثي زعيم حماس يحيى السنوار.. ماذا قال؟    الزمالك ينتقد مستوى التحكيم في مباراة بيراميدز.. ويحذر من كارثة بنهائي السوبر.. عاجل    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    «زي النهارده».. تدمير وإغراق المدمرة إيلات 21 أكتوبر 1967    مقتل سائق «توك توك» بسبب خلافات الأجرة بعين شمس    حظك اليوم برج القوس الاثنين 21 أكتوبر 2024.. مشكلة بسبب ردود أفعالك    علي الحجار يستعد لتقديم موهبة جديدة في حفله بمهرجان الموسيقى العربية    أبرزهم هشام ماجد ودينا الشربيني.. القائمة الكاملة للمكرمين في حفل جوائز رمضان للإبداع 2024    عمرو مصطفى يكشف ذكرياته مع الراحل أحمد علي موسى    المتحف المصري الكبير يفتح أبواب العالم على تاريخ مصر القديمة    ماذا كان يفعل رسول الله قبل الفجر؟.. ب7 أعمال ودعاء أبشر بمعجزة قريبة    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    فصائل عراقية تعلن شن هجوم على موقع عسكري إسرائيلي في الجولان    طريقة عمل الكريم كراميل، لتحلية مغذية من صنع يديك    وجيه أحمد: التكنولوجيا أنقذت الزمالك أمام بيراميدز    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم مدينة نابلس بالضفة الغربية من اتجاه حاجز الطور    ناهد رشدي وأشرف عبدالغفور يتصدران بوسترات «نقطة سوده» (صور)    وزير الزراعة: توجيهات جديدة لتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    إصابة 10 أشخاص.. ماذا حدث في طريق صلاح سالم؟    حادث سير ينهي حياة طالب في سوهاج    غارات عنيفة على الضاحية ببيروت وحزب الله يستهدف منطقة عسكرية.. فيديو    6 أطعمة تزيد من خطر الإصابة ب التهاب المفاصل وتفاقم الألم.. ما هي؟    «العشاء الأخير» و«يمين في أول شمال» و«الشك» يحصدون جوائز مهرجان المهن التمثيلية    هيئة الدواء تحذر من هشاشة العظام    نقيب الصحفيين يعلن انعقاد جلسات عامة لمناقشة تطوير لائحة القيد الأسبوع المقبل    قودي وذا كونسلتانتس: دراسة تكشف عن صعود النساء في المناصب القيادية بمصر    أحمد عبدالحليم: صعود الأهلي والزمالك لنهائي السوبر "منطقي"    تابعة لحزب الله.. ما هي مؤسسة «القرض الحسن» التي استهدفتها إسرائيل؟    مزارع الشاي في «لونج وو» الصينية مزار سياحي وتجاري.. صور    للمرة الرابعة تواليا.. إنتر يواصل الفوز على روما ولاوتارو يدخل التاريخ    واحة الجارة.. حكاية أشخاص عادوا إلى الحياه بعد اعتمادهم على التعامل بالمقايضة    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل في دمياط- صور    كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    ملخص مباراة برشلونة ضد إشبيلية 5-1 في الدوري الإسباني    تصادم قطار بضائع بسيارة نقل ثقيل بدمياط وإصابة سائق التريلا    حبس المتهمين بإلقاء جثة طفل رضيع بجوار مدرسة في حلوان    النيابة تصرح بدفن جثة طفل سقط من الطابق الثالث بعقار في منشأة القناطر    النيابة العامة تأمر بإخلاء سبيل مساعدة الفنانة هالة صدقي    نجم الأهلي السابق: هدف أوباما في الزمالك تسلل    وفود السائحين تستقل القطارات من محطة صعيد مصر.. الانبهار سيد الموقف    قوى النواب تنتهي من مناقشة مواد الإصدار و"التعريفات" بمشروع قانون العمل    نائب محافظ قنا يشهد احتفالية مبادرة "شباب يُدير شباب" بمركز إبداع مصر الرقمية    عمرو أديب بعد حديث الرئيس عن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد: «لم نسمع كلاما بهذه القوة من قبل»    جاهزون للدفاع عن البلد.. قائد الوحدات الخاصة البحرية يكشف عن أسبوع الجحيم|شاهد    بالفيديو| أمين الفتوى: لهذا السبب يسمون الشذوذ "مثلية" والزنا "مساكنة"    أمينة الفتوى: هذا الحل الوحيد لمشاكل الزوجين ولحفظ أسرار البيوت.. فيديو    مجلس جامعة الفيوم يوافق على 60 رسالة ماجستير ودكتوراه بالدراسات العليا    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاهرام المسائى
في دول حوض النيل‏(‏إثيوبيا‏)‏

من أين نبدأ‏..‏ وكيف تكون نقطة الانطلاق؟ الرحلة إليها مختلفة بكل المقاييس بل ان لها مذاقا خاصا وخصوصية أشد‏..‏ هي حالة مجنونة معجونة بالشجن وليست خطوط طول وعرض.
غابات كثيفة متشابكة مبهمة وواضحة في آن واحد للصياد أو الشاعر لاتتعدي سوي ان تكون فسحة يوم أو حالة من الدهشة والانسجام أما لمن يعيش فيها فهي قدر محتوم وربما مصير مجهول لم نهو غابات الشعراء فكثيرا ما تكون حالمة لامكان لها سوي بين كتل السحاب المتراكمة لذا كان اقصر طريق لنا عبر غابات الحقيقة هو ذلك الذي يسير عبر الخط الانساني لا الخط الحديدي‏.‏ اذن‏..‏ البداية هنا من عند الوجه الاسمر والضفائر المجعدة والعيون التي تتكلم وحدها من الغابة العذراء‏...‏ من إفريقيا‏.‏
اذن هي القارة العظيمة التي تقف بشموخ واعتزاز علي خريطة العالم‏..‏ وهي تلك التي شهدت أعتي وأعنف موجات استعمارية واستطاعت بجدارة ان تنتفض وتنتزع حقوقها وحريتها‏.‏
هي‏..‏ قارة الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا والزعيم الكيني جومو كينياتا وهي ذلك البيت الكبير الذي ننتمي اليه بل ونعتبر جزءا لايتجزأ من نسيجه‏..‏ امتدادنا الحقيقي وأصلنا الذي ربما تناسيناه وأهملناه كثيرا فلم يملك سوي أن يعطي ظهره الينا
هي القارة التي استحوذت علي كيان وتفكير واهتمام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي لقبه اصحاب الوجوه السمراء بابو افريقيا بل ابوالعروبة‏.‏
تأملوا معي كيف كان ينظر عبدالناصر إلي تلك البلاد السمراء‏..‏ عندما كتب في كتابه فلسفة الثورة‏..‏ شاء لنا القدر ان نكون فيها وشاء ايضا ان يكون فيها صراع مروع حول مستقبلها وهو صراع سوف تكون أثاره لنا وعلينا سواء أردنا او لم نرد بالاضافة إلي ضرورة تحمل مسئوليتنا في نشر الوعي والحضارة في أعماق الغابة العذراء علاوة علي ان النيل شريان الحياة لوطننا يستمد ماءه من قبل القارة‏.‏
هكذا كانت مصر‏..‏ التي لعبت دورا مبهرا في الستينيات من خلال رؤية سياسية واعية كانت تؤمن جنوب وغرب مصر بما فيها منابع النيل‏..‏ وعندما نتأمل هذا الدور المبهر‏..‏ والرؤية السياسية والواعية التي كانت تؤمن جنوب وغرب مصر‏..‏ بما فيها منابع النيل وحصص واتفاقيات مياه النيل‏..‏ ندرك علي الفور‏,‏ لماذا كانت كل دول العالم تحترم مصر‏..‏ وكيف كان يحسب لمصر ألف حساب قبل ان يفكر احد في المساس بمصالحها في المنطقة‏.‏
مصر التي كانت تشترط طرد الخبراء الإسرائيليين قبل وصول الطيارين المصريين لاي بلد افريقي‏.‏
مصر التي ظل دعمها يتدفق إلي اعماق القارة في الغرب والوسط والجنوب مع غانا وغينيا ونيجيريا والكونغو زائير وقاومت مصر حركات الانفصال بعد الاستقلال خصوصا في نيجيريا منطقة بيافرا حيث البترول والكونغو زائير حيث توجد ثروات معدنية ضخمة في كاتنجا‏..‏ وفي جنوب السودان حيث التوجيه البريطاني لفصله واعتباره دولة تتوجه نحو المحيط الهندي‏..‏ حيث شرق افريقيا البريطانية كينيا اوغندا تنزانيا‏.‏
وبعد استقلال معظم الدول الافريقية كان لابد ان يكون الدعم المصري لافريقيا من نوع جديد فأنشئ الصندوق الفني المصري للتعاون مع الدول الافريقية حيث كانت المعونة الفنية المتمثلة في الخبراء والفنيين والاساتذة خصوصا من الأزهر والاطباء واساتذة الجامعات والعمالة الفنية‏..‏ وإقامة السدود وتوليد الكهرباء المائية وغيرها من المشروعات‏.‏
وكانت حكومة عبدالناصر قد اصرت وبشدة علي ان يكون الوجود المصري في افريقيا واضحا ملموسا فكان هناك اكثر من‏52‏ مكتبا لثلاث شركات قطاع عام تعمل في مجال التجارة الخارجية هي‏:‏ شركة النصر للتصدير والاستيراد ولها النصيب الأكبر‏,‏ مصر للتجارة الخارجية‏..‏ ومصر للاستيراد والتصدير‏..‏ وكان لتلك الفروع المصرية دور مهم في الترويج للمنتجات المصرية‏.‏
ما ان تذكر انك مصريا في اي دولة افريقية إلا وتبتسم الوجوه وتلمع العيون بالدموع وكلمة واحدة تخترق اذنيك عندما تنطلق من افواههم السمراء القائلة بشجن عبدالناصر ولعل أول زيارة للزعيم الافريقي نيلسون مانديلا لمصر قد لخصت هذا الأمر عندما حط بقدميه علي أرض مطار القاهرة ومنه توجه مباشرة إلي قبر عبدالناصر الذي وقف امامه صامتا لعدة دقائق ثم قال لمرافقيه من المصريين انه كان يتمني ان يزور مصر في حياة عبدالناصر ليحظي بشرف استقباله له ورؤيته‏.‏ وحين فازت جنوب افريقيا بتنظيم كأس العالم في المنافسة التي دخلتها مع مصر في الفيفا قال مانديلا تعليقا علي خسارة مصر لو كان عبدالناصر حيا لما جرؤ احد من الافارقة علي الدخول مع مصر في منافسة حتي وان كانت أشرف المنافسات وأعظمها‏.‏
فات الميعاد
هذه هي افريقيا التي سمحنا للدخلاء وعلي رأسهم إسرائيل ان يتقدموا ليملأوا الفراغ الذي تركته مصر وراءها‏..‏ فراغا يتلخص في نظام ساقط وفاسد افسد كل اخضر ويابس داخل مصر وخارجها عندما ارتمي برجال اعماله ونصابينه المحترفين في احضان الغرب واوروبا تاركا أمننا القومي مفتوحا علي البحري متلاعبا بملف من اخطر ملفات امننا ومصلحة وطننا ألا وهو‏..‏ ملف النيل‏.‏
شئنا أم أبينا علينا ان نعترف باننا قد تأخرنا وقصرنا واهملنا وتجاهلنا وتعالينا لنجد انفسنا في النهاية في موقف لانحسد عليه عندما هبت وافاقت دول منابع النيل لترفع صوتها عاليا مطالبة باعادة النظر في حصص مياه النيل والاتفاقيات التي تحكم هذا الأمر بل وتجتمع وتتفاوض في كينشاسا وشرم الشيخ وعنتيبي من أجل انشاء مفوضية لدول حوض النيل ومع اصرارنا علي رفض الاتفاقية الاطارية التي تقرر حصص المياه ما بين دول المنابع ودولتي المصب مصر والسودان توقع ست دول كان اخرها بورندي علي الاتفاقية دون الحصول علي موافقتنا بل وايضا تبدأ بلاد الحبشة التي تربطنا بها روابط تاريخية ودينية لاتنسي في الاعداد لبناء اضخم سدودها علي حدودها مع السودان‏.‏
نريد ان نفهم الكثير ونجيب عن العديد والعديد من علامات الاستفهام‏..‏ اهمها علي الاطلاق‏..‏ هل فات الميعاد علي رأي سوما؟ هل درجة تأخيرنا وعدم وجودنا في افريقيا وتحديدا دول المنابع وصلت إلي حد ان نقول لانفسنا بأنه قد فات الآوان؟
هل اصبحت دول المنابع وعلي رأسها إثيوبيا التي نستمد منها مايقرب من‏85%‏ من مياهنا من هضابها تشكل خطرا علينا؟ وهل نحن بالفعل علي مشارف حرب مائية خاصة أن هناك اصابع خفية ربما تدق طبول حرب مقبلة؟
وهل هناك علاقة لإسرائيل العدو اللدود لنا بملف النيل خاصة انهم موجودون بشكل قوي من خلال استثماراتهم ومساعداتهم بل وايضا تمويلهم للعديد من القطاعات ليس في دول المنابع فحسب بل في كل دول القارة السمراء؟
اسئلة وعلامات استفهام كادت تلتهم رؤسنا بل ودفعتنا دفعا لنهرول إلي أهم دول المنابع واكثرها تأثيرا علي الموقف الأخير الذي ربما صدم الكثيرين وأصابهم في مقتل‏.‏
إثيوبيا‏..‏ كينيا‏..‏ تنرانيا‏..‏ لعلنا نرصد وننقل ونجيب عن تساؤلاتنا‏.‏
اديس ابابا
بلاد الحبشة كانت أولي محطات جولتنا وكيف لانبدأ بها وهي سقف افريقيا‏,‏ كما يلقبونها وحامي حمي امننا القومي والمائي هكذا لقبناها نحن‏.‏
‏3‏ ساعات كانت كفيلة بان نصل إلي العاصمة الاثيوبية اديس أبابا‏..‏نظرة سريعة علي شوارع العاصمة من شباك السيارة التي تنطلق بنا من المطار إلي الفندق ترسخ لديك انطباعا بان البلد يتغير بسرعة بل وان هناك نهضة عمرانية سريعة ربما تجعلك تفيق من أوهامك التي تترسخ في ذهنك عن بلاد القارة السمراء بأنها وكر للتخلف والفقر والجهل ومرتع للأوبئة والأمراض المعدية‏.‏
اديس ابابا بشوارعها وفنادقها ومولاتها التجارية ومحلاتها التجارية الفخمة تجعلك تفيق وتنتبه إلي انك في واد والعالم الاسمر في وادي اخر ارفع رأسك فوق انت مصري‏..‏ شعار ثورتنا التي ستدرس عبر فصول التاريخ المختلفة‏.‏
اعترف واعلنها صراحة بانني قد عرفت قيمة هذا الشعار بل واحسست بنشوته الحقيقية ما أن جلست التقط انفاسي في ردهة الفندق وتحديدا عندما كنت وزميلي المصور الفنان حسام دياب نتجاذب اطراف الحديث فاقترب منا رجل من اواخر الاربعينيات متحدثا اللغة العربية بطلاقة مقاطعا حديثنا متسائلا‏..‏ الاخوة من مصر؟
قلنا في نفس واحد نعم‏..‏ وكأنه وجد ضالته المنشودة عبدالرحمن الذي درس في الأزهر الشريف ذاك الاثيوبي انطلق في الحديث عن حبه لمصر وعشقه لعبق تاريخها وسعادته الغامرة للثورة المصرية التي خلصت مصر من قيودها التي كبلتها عمرا مديدا وأخرتها وقلصت دورها ليس في افريقيا فقط بل في كل قضايا العالم العربي‏.‏
مرحلة جديدة
فأجانا عبدالرحمن عندما قال لنا إن احتفالات اثيوبيا بتنحي مبارك وخلعه من السلطة قد فاقت بكثير احتفالات مصر نفسها فالاثيوبيون والكلام علي لسان عبدالرحمن قد خرجوا جميعهم في الشوارع وسهروا حتي الصباح وهللوا بالصواريخ والالعاب النارية احتفالا بهذه اللحظة التاريخية‏..‏ الحق تعجبت وعجبي هذا دفعني إلي ان اسأله عن سر فرحة الشارع الاثيوبي بتخلي مبارك عن السلطة؟
أجاب دون تردد‏..‏ بانه كان انانيا ومتسلطا فبعد تعرضه لمحاولة اغتيال في العاصمة اديس أبابا منذ سنوات عديدة وساءت العلاقة بين البلدين وبسببه تعطلت كل العلاقات في جميع القطاعات بين البلدين خاصة الاقتصادية والسياسية وحتي الدينية والحقيقة انا ولست وحدي بل معظم الاثيوبيين نتابع جيدا مشكلة الخلاف بين مصر ودول المنابع خاصة اثيوبيا وصدقيني عندما اقول لك أن هذه المشكلة اساسها نظام مبارك الذي اضاع فرصا كثيرة للوجود المصري في السوق الاثيوبية وحتي في العام الماضي عندما بدأت الوفود المصرية من رجال الأعمال والمسئولين المصريين ورئيس الوزراء في عهد مبارك يتوافدون إلي بلادنا ويناقشون مشروعات واستثمارات هذا اتي بنتيجة عكسية علي الشارع الاثيوبي الذي فسر هذا التهافت المصري علي انه ليس لتقارب الشعبين أو لاحساس مصر بمسئولياتها تجاه الحبشة بل من أجل قضية النيل واعذريني عندما اقول لك إننا وقتها لم نشعر أبدا بصدق مصر واعتذر لصراحتي‏..‏ ولكن الآن بعد ثورتكم التي ستتعلم منها اجيال واجيال اختلفت المسألة والنظرة الآن فقط نشعر بان هناك مرحلة جديدة مقبلة علينا جميعا‏.‏
اليد الإسرائيلية
قاطعت عبد الرحمن ووجدتني أسأله سؤالا مباشرا عن وجود الإسرائيليين في إثيوبيا وكيف يتقبلهم الشارع الإثيوبي؟
اجابني مبتسما‏..‏ اعرف الهدف من وراء سؤالك واقدره تماما لانني عشت في مصر واعرف الثأر والدم بينكم وبين الإسرائيليين ولكن دعيني اقول لك حقيقة ثابتة بان الاثيوبيين جميعا لايحبون الإسرائيليين ولايفضلون التعامل معهم لان الشارع الاثيوبي متدين جدا بمسلميه ومسيحييه ولكن علي حد معلوماتي ان هناك نشاطا اقتصاديا لإسرائيل هنا وهناك زيارات متبادلة ايضا بين الطرفين واعتقد ان الحكومة الاثيوبية تتعامل معهم كأي دولة تعرض مشروعات واستثمارات تفيد اثيوبيا ولكن دعيني اجهز لجلسة مع احد الاشخاص الاثيوبيين الذين يستطيعون الاجابة بشئ من التفصيل عن النشاط الإسرائيلي في اثيوبيا ودعنا عبدالرحمن علي امل اللقاء في اليوم التالي وتحديد موعد مع رجلنا الموعود‏,‏
لم ينتظر ويبدو انه لم يطق صبرا اذ فوجئنا بعبد الرحمن يأت لنا مساء نفس اليوم وفي صحبته هذا الرجل الاثيوبي الذي سيطر عليه التوجس والتجهم ولم يفصح لنا عن اسمه ولا عن مهنته فقط دخل في الموضوع مباشرة قائلا سألخص لكن بشكل سريع العلاقات الإسرائيلية الاثيوبية بداية تم ايفاد‏20‏ طالبا من أكاديمية النقل أو مايسمي بمعهد النقل البحري الاثيوبي إلي مركز حيفا في إسرائيل لتلقي التدريب علي قواعد النقل البحري هذه البعثة استمرت‏4‏ شهور وعندما عاد الطلبة استقبلهم رئيس الوزراء الاثيوبي استقبالا حافلا‏.‏
الأمر الآخر الذي تعمل فيه إسرائيل هو مكافحة الأمراض الاستوائية‏N.T..D‏ ونجحوا بالفعل في القضاء علي انتشار مرض البلهارسيا من نسبة‏100%‏ إلي‏20%‏ واطلقوا برنامج لمدة‏3‏ سنوات للحد من انتشار الملاريا والسل بالتعاون مع مركز الامراض الاستوائية في جامعة بن جوريون ووكالة التعاون الدولي مشاف الإسرائيلية‏.‏
ايضا لهم نشاط ملحوظ في الجمعيات الخيرية هم لديها هناك‏7‏ جمعيات اشهرها جسر الأمل للمساعدة في المشروعات الانسانية وتوفير ملاجئ للمتشردين وتوفير رعاية صحية للفقراء‏.‏
ايضا هم هنا لهم دور فعال في مجال مكافحة مرض التراكوما الذي يصيب العيون ولدينا العديد من الأطباء الإسرائيليين الذين يجرون عمليات جراحية ناجحة في كل الأقاليم الاثيوبية‏.‏
اما عن دورهم في الصناعات فهو فعال وكبير وفي قطاعات غاية في الأهمية‏..‏ علي سبيل المثال لا الحصر صناعة الالبان فلقد أرسلوا خبراء لجميع الأقاليم الريفية الاثيوبية لرفع وعي الفلاحين وقاموا بانشاء مصانع ووفروا العديد من احدث الالات والاليات الحديثة لتنمية وتحديث صناعة الالبان في بلادنا‏..‏ ناهيك عن احتكارهم لمصانع الطحينة والاسمنت وتكرير البترول وتفوقهم في زراعة الورد وتصديره أيضا‏.‏
عرض وطلب
سألته عن دورهم في السدود التي تنوي اثيوبيا اقامتها فأجاب بصراحة لايمكن استبعاد هذا الأمر خاصة لو عرضوا تمويلا ضخما اعتقد ان الحكومة الاثيوبية لن تمانع خاصة انه ليس لديها مبرر لرفض مساعدات تتقدم بها اي دولة كانت‏.‏
انهي الرجل حديثه مسرعا وانتفض وغادر جلستنا دون ان اعرف اسمه تركنا في حالة من الذهول واعترف انني قد قضيت ليلتي الأولي في اديس اباب وقد اصابتني حالة من حالات الاختناق بل والاكتئاب والحق ليس من ادني حقوقنا ان نلوم علي بلاد الحبشة في انها تتعامل مع إسرائيل أو انها تفتح لهم ابوابها واستثماراتها وحتي لانلوم علي إسرائيل نفسها هم يعملون بكد وبجد من أجل تحقيق اهدافهم وفرض وجودهم ولكن علينا ان نلوم انفسنا نحن ونتساءل‏..‏ اين نحن في دولة من أهم الدول الينا بل كما قلت انها تمثل لنا امننا القومي؟؟ اين موقع مصر من الاعراب؟
وماهي حقيقة الاستثمارات التي تقول عنها د‏.‏ فايزة ابوالنجا وزيرة التعاون الدولي ان مصر وصلت استثماراتها إلي‏2‏ مليار دولار في اثيوبيا؟ واذا كانت إسرائيل تلعب دورا في الاقتصاد الاثيوبي فهل هي وحدها ام ان هناك دولا اخري تتنافس في هذا الملعب المفتوح علي آخره؟ أسئلة وعلامات استفهام تحتاج إلي اجابات بالارقام وضعتها امام رئيس هيئة الاستثمار الاثيوبي‏..‏ تري ماذا ينتظرنا من مفاجآت؟


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.