تحولت العلاقة بين البرلمان والحكومة الي ما يشبه لعبة القط والفأر... صحيح أنك تجد من الصعوبة بمكان أن تحدد من هو القط ومن هو الفأر إلا انك تجد نفسك أمام مجموعة من الحلقات المركبة التي لا تقودك الي نهاية لها معالم واضحة ومحددة لتستمر اللعبة دون أن تحدد هوية الجهة التي تقف وراء الستار لتراقب تلك اللعبة التي لا يمكن توصيفها أو وصفها علي أقل تقدير. الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب قالها صريحة أمس: علي الحكومة أن تعي أن البرلمان الحالي مختلف وأنه قادر علي أن يسحب الثقة منها حسب لائحته الداخلية وبعض ممثلي الحكومة بداية من الدكتور كمال الجنزوري ونهاية بالدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والمستشار محمد عطية وزير شئون مجلسي الشعب والشوري اتفقوا علي ان كثيرا من أعضاء البرلمان يتعاملون بإهانة مع الحكومة وكان آخر تلك المواقف ما قاله المستشار محمد عطية ردا علي النائب محسن راضي الذي طلب أمس من الكتاتني طرد الحكومة من البرلمان. مراقبون سياسيون يجمعون علي أن ملامح لعبة القط والفأر بدأت بعد أن تزايدت تصريحات قادة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية المتمثلة في حزب الحرية والعدالة حول سحب الثقة من حكومة الجنزوري وتشكيل حكومة ائتلافية يقولون عنها إنها ستكون حكومة الثورة. وبدت تلك الملامح في ثلاث جلسات لمجلس الشعب خلال الشهر الحالي كانت كافية لتوتر العلاقة بين الحكومة والبرلمان, حيث تم التركيز فيها علي غياب الحكومة عن جلسات المجلس مما زاد من حدة التوتر بين طرفي اللعبة. وفي ال11 يوما الماضية احتجت الحكومة علي البرلمان حيث غاب7 وزراء عن اجتماع الجلسة المسائية لمجلس الشعب ووقتها برر المستشار محمد عطية, وزير التنمية المحلية, والوزير المختص لشئون مجلسي الشعب والشوري, ذلك بسبب تطاول بعض أعضاء البرلمان علي الحكومة واتهامها باتهامات باطلة, فضلا عن مقاطعة البعض لبيان الحكومة وعدم الاستماع إليه لحين الانتهاء من إلقائه وأكد أن الحكومة فضلت الاحتجاج والغياب عن الجلسة لحين صدور تعليمات جديدة. وفي اليوم التالي تصاعدت الأزمة بين الطرفين خاصة بعد غياب الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء عن حضور مناقشات المجلس حول قضية سفر الأمريكان المتهمين في قضية التمويل الأجنبي وغياب المهندس محمد رضا إسماعيل وزير الزراعة عن الجلسة المخصصة لمناقشة ازمة انتشار مرض الحمي القلاعية في محافظات مصر وعدد من الاتفاقات المتعلقة بالزراعة وعدم اعتذاره للمجلس عن الحضور وكان آخر الازمات امس, حيث تأخرت الحكومة عن حضور الجلسة الصباحية للبرلمان دون ابداء اي اسباب او تقديم اعتذار فهدد الدكتور سعد الكتاتني, رئيس المجلس, الحكومة بأن البرلمان قادر علي سحب الثقة منها. مناورات سحب الثقة من جانبه يقول محمد ابو حامد عضو مجلس الشعب عن حزب المصريين الأحرار ان هناك مناورات سياسية بين حزب الحرية والعدالة وحكومة الدكتور كمال الجنزوري تمثلت في قيام نواب الحرية والعدالة بتهديد الحكومة بسحب الثقة منها كل يوم علي الرغم من المجلس العسكري هو الذي اعطي الحكومة الثقة وهو الوحيد الذي يسحبها منها طبقا للدستور ومن جهة اخري لم يتبع نواب الحرية والعدالة الاجراءات القانونية لسحب الثقة من الحكومة اذا كانوا جادين في قولهم خاصة وان الفرصة جاءتهم اكثر من مرة وقدموا استجوابات في احداث بورسعيد واثناء سفر المتهمين الاجانب في قضية التمويل الاجنبي ولم يتابعوا هذه الاستجوابات لسحب الثقة من الحكومة وبالتالي ما يرددونه الآن ما هو الا مناورة سياسية واعلامية. يضيف ابوحامد ان الازمة بين الطرفين ستظل مستمرة حتي تتم صياغة الدستور ويحدد من المسئول عن تشكيل الحكومة ولو اعطي الحق للاغلبية البرلمانية في تشكيل الحكومة سيتوافر وقتها التواصل الايجابي بين البرلمان والحكومة وتعي الحكومة ان البرلمان يستطيع سحب الثقة منها وستكون العلاقة مثالية بين الطرفين. حكومة بقاعدة شعبية ويقول الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور السلفي ان هناك اشكالية منذ الاجتماع الاول مع المجلس العسكري في الخامس من يوليو الماضي, حيث اوصي بان الاحزاب التي ستحصل علي نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان سوف تقوم يتشكيل الحكومة حتي تأتي حكومة ذات قاعدة شعبية لها قدرة علي اتخاذ قرارات واجراءات فاعلة ويقوم الشعب بتأييدها وهذا لم يحدث حتي الان حيث اصر المجلس العسكري علي استمرار حكومة الجنزوري مع انها اي حكومة الجنزوري تصر علي انها فترة مؤقتة ولا تتخذ اجراءات ولا حلولا جذرية ولا خططا طويلة او قصيرة المدي ولديها خوف من التقصير والمحاسبة والمعاقبة ونتج عن ذلك اصابتها بالشلل. ويؤكد عبدالغفور ان الحل الأمثل لتجاوز الازمة الراهنة بين الحكومة والبرلمان هو دعم الوزارة الحالية باجراء تعديل حكومي موسع في الوزارات التي بها اشكاليات كثيرة منها الوزارات الخدمية ودعم وتطوير الوزارات الأخري بكوادر ومستشارين ترشحهم الاحزاب لاحياء الحكومة الحالية مضيفا ان هذا حل وسطي لن يستغرق اكثر من اسبوعين لانهاء الازمة. ويطالب عبدالغفور من حكومة الجنزوري بأن تقدم خططا فاعلة تخضع لمحاسبة البرلمان ويحاكمها الشعب اذا اخطأت ويكافئها في حالة نجاحها مثلما يحدث في اي دولة في العالم؟ اجراءات سحب الثقة مستمرة وردا علي ما سبق يقول الدكتور رشاد بيومي نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين ان نواب حزب الحرية والعدالة قدموا استجوابات لاتخاذ الشكل القانوني لسحب الثقة من حكومة الجنزوري وليس صحيحا ما قاله ابوحامد من ان النواب لا يتابعون الاستجوابات أو ان هناك مناورة سياسية مؤكدا انه لايوجد ما يسمي بالمناورة السياسية وأن الاجراءات القانونية لسحب الثقة من الحكومة مستمرة بشكل قانوني وجاد فالقانون هو السيد علي الجميع ونحن حريصون علي تطبيقه ويشير الي أن الالفاظ التي تردد ومنها توتر العلاقة بين الحكومة والبرلمان مناورات سياسية بين الحرية والعدالة والحكومة وضعت الامور في غير شكلها الصحيح فليس معني ان يتخذ مجلس الشعب موقفا قانونيا من احد ان هناك علاقة غير طبيعية ولذلك اؤكد ان العلاقة طبيعية بين حزب الحرية والعدالة والحكومة. يضيف: لابد ان نعترف بان حكومة الدكتور الجنزوري فشلت فشلا ذريعا في معالجة ابسط قضايا الشارع المصري ولذلك لابد من سحب الثقة منها وتشكيل حكومة ائتلاف جديدة. وقال بيومي ان الصورة المثلي لتنظيم العلاقة بين الحكومة والبرلمان حددها القانون وهي ان يقوم البرلمان بتقديم استجوابات ضد الوزراء وان ترد الحكومة علي هذه الاستجوابات وتستجيب لها والا يسحب الثقة منها. ويؤكد الدكتور يسري العزباوي خبير الشئون البرلمانية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن المناورات التي نشهدها حاليا بين الحكومة وأعضاء البرلمان ما هي إلا محاولة من حزب الحرية والعدالة باعتباره حزب الأغلبية للحفاظ علي علاقته بالمجلس العسكري من جهة وبين الشعب الذي كان يطمح لأداء حكومي أفضل من جهة أخري. ويصف أداء بعض الأعضاء بأنه مجرد شو إعلامي لكسب ثقة الشعب الأمر الذي ظهر أثناء التصويت علي سحب الثقة من الحكومة حيث وجدنا بعض النواب الذين تحدثوا عن سلبيات الحكومة واتهموها بالعجز عن تحقيق طموحات الشعب بعد الثورة ورغم ذلك لم يصوتوا لإسقاط الحكومة. ويري العزباوي أن حزب الأغلبية يحاول تسليط الضوء علي الأداء الحكومي والمشادات التي تحدث بين النواب ووزراء الحكومة لينشغل الجميع عن ملف الدستور بعد أن أصبح الدستور في قبضة الإسلاميين لأنهم سيتحكمون في نسبة50% من داخل البرلمان و ال50% الأخري من خارجه, بالإضافة إلي الملف الأخطر حيث إننا الآن في انتظار مرشح الإخوان لرئاسة الجمهورية ذلك الأمر الذي أنكروه مرارا وتكرارا.