منذ ثماني سنوات وتحديدا في شهر مايو2004 قامت الدنيا ولم تقعد في جميع وسائل الاعلام بعدما نشرت تحقيقا مصورا عن عبدالحميد شتا طالب الماجستير المتفوق خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. الذي كان متقدما لوظيفة ملحق تجاري في هيئة التمثيل التجاري التي تزود السفارات بالملحقين التجاريين. كان رومانسيا حالما اعتقد أن تخرجه في الكلية بامتياز مع مرتبة الشرف كفيل باجتيازه اختبارات الملحقين التجاريين لكن عبدالحميد ذهب لمقر الهيئة ليري النتيجة فوجد أنه نجح في جميع الاختبارات التحريرية والشفوية ولكن جاءت نتيجة كشف الهيئة غير لائق اجتماعيا لأن والده عامل في مصنع طوب باحدي قري مركز ميت غمر لم يتحمل عبدالحميد شتا الصدمة وسار علي غير هدي علي النيل واختار أن تكون مياهه وأسماكه قبرا لجسده النحيل وعقله العبقري الذي لم يقدره مجتمع التمييز بين أبنائه حسب نسبهم وحسبهم. انتحر شتا وطفا مابقي من جثته بعد الحادث باسبوع عل نيل المعادي. تحجرت الدموع في مقلتي وأنا استمع لابيه بجلبابه الرث وأمه الفلاحة الشقيانة وهما يعرضان علي شهادات التفوق التي نالها ابنهما من جامعة القاهرة وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وقلت في نفسي: هذا مابقي من عبدالحميد شهادات تفوق معلقة علي جدران البيت الريفي البسيط, ورويدا رويدا ستتلفها المياه الجوفية التي سرحت في جدرانه المبنية من الطوب اللبن. فوجئت وقتها بالاعلامي القدير حمدي قنديل يتصل بي هاتفيا ويدعوني لبرنامجه رئيس التحرير في التليفزيون المصري لمناقشة كارثة انتحار شتا ولاأنسي أن دموع الاعلامي الكبير انسابت وهو يقرأ مقدمة التحقيق الصحفي ولو تعاملنا مع الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات بنفس المنطق عند تقدمهما للكلية الحربية لرسبا في امتحان الهيئة, وأصبحا غير لائقين اجتماعيا. استدعت ذاكرتي واقعة عبدالحميد شتا وأنا أري أماميشتا آخر وهو الطالب المتفوق محمود حفني أبو الحمد الحاصل علي ليسانس شريعة وقانون من جامعة الأزهر بأسيوط وحصل علي تقدير جيد79% في مايو2008 وحصل علي دبلومتين تعادل الماجستير احداهما في القانون العام والثانية في العلوم الادارية وتقدم لاختبارات النيابة العامة ولم يحالفه الحظ لأن والده مبيض محارة رغم انها وظيفة شريفة وشرف للأب المبيض أن أنفق من عرق جبينه علي شاب متفوق علميا وأخلاقيا.. لم ييأس محمود وتقدم الي النيابة الادارية بأوراقه. ومعلوماتي تقول ان رئيس هيئة النيابة الادارية تعرض لضغوط شديدة من المستشارين أعضاء الهيئة لتعيين ابنائهم الحاصلين علي تقدير مقبول والله أعلم هل رضخ لهذه الضغوط أم لا؟ ولكنه يفرض علي كشف المرشحين سرية مطلقة وأرسله الي المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل. وأقول للوزير الذي أعرفه منذ سنوات طويلة فلتنظر في كشف المرشحين مليا خاصة أبناء المستشارين حتي لايأخذوا حق شاب متفوق مثل محمود حفني. وقول آخر للوزير حذار من شتا آخر.