لو كان موتي أسوان ينطقون, لما اضطروا للسكوت علي حال مقابر الجبانة القديمة التي تتوسط المدينة عاصمة المحافظة, بعد أن اصبحت تعاني الإهمال في ظل غياب الرقابة عليها. الصورة تبدو قاتمة للغاية حيث المعاناة واضحة من عدم وجود اعمدة للإنارة مما جعل المقابر تسبح في بحور الظلام وهو مايدفع الأهالي لاستخدام كشافات عند دفن الموتي ليلا, علاوة علي ظهور مادة زيتية مجهولة المصدر غطت المقابر وحولتها إلي اللون الأسود كما تزامن ذلك مع تسرب المياه الجوفية داخل بعض جوانبها مما أدي لهبوط بعضها. وعلي الرغم من صدور قرارات سابقة بوقف الدفن في الجبانتين الفاطمية والقديمة,خاصة بعد الانتهاء من إعداد المدافن الجديدة بغرب أسوان, إلا أن عادات الأهالي وتقاليدهم تجعلهم يصرون علي دفن موتاهم هناك ورفض التوجه إلي الغرب الذي يبعد نحو25 كيلو مترا عن قلب المدينة. ويقول عبدالمتعال الأغا رئيس جمعية دفن الموتي بمدينة أسوان: إن حال الجبانة القديمة المعروفة ب الزيكري لايسر علي الإطلاق, حيث تفتقر للاهتمام حتي في حالة تطبيق قرار وقف الدفن فيها, فالموت له حرمته وتحتاج المقابر لبحث علمي حول نشوع المياه الجوفية وظهور مواد زيتية حولتها للون الأسود للحد منهما والوقوف علي أسبابهما. ويطالب بضرورة ضم مجلسي إدارتي جمعية دفن الموتي للمدافن القديمة والجديدة حتي تكون القرارات متوحدة وملزمة. ويكشف عبدالعليم الجبلاوي بالمعاش عن حجم المعاناة التي يواجهها الأسوانيون عند تشييع جنازات الموتي من حيث الممر الوحيد الذي يغطيه الزيت الداكن والمجهول السبب وهبوط المقابر التي يسقط فيها المشيعون بالإضافة لعدم وجود لمبة واحدة تضيء الطريق ليلا. ويشير رفعت السنوسي أمين فرع جامعة جنوبالواديبأسوان سابقا إلي ارتكاب العديد من الجرائم داخل الجبانة القديمة لعدم وجود أي رقابة عليها, ويقول إن ذلك انتهاك لحرمة الموتي ولايمكن السكوت عليه, فمن غير المعقول أن تسرق المشاهد الرخامية وأن تغرق المياه الجوفية المقابر بهذا الشكل والجميع يتفرج عليها ويطالب السنوسي بتشكيل لجنة خاصة تضم مجموعة من المتخصصين لبحث وتحديد أسباب نشوع المياه الجوفية والزيت في المقابر. ويري طاهر جمعة بالمعاش ضرورة إعداد المدافن الجديدة لاستقبال أعمال الدفن وتوفير الملحدين والحفارين ودعمها بأعمدة الإنارة في الوقت الذي لابد أن يعاد فيه بناء المقابر التي تعرضت للهبوط بالجبانة القديمة احتراما لقدسية الموتي مع سرعة تحديد موقف الدفن فيها. من جانبه أكدالمهندس مصطفي عبدالمحسن السكرتير المساعد لمحافظة أسوان أن اللواء مصطفي السيد محافظ الإقليم قد قام بتوفير3 سيارات لنقل الموتي من المدينة إلي المدافن الجديدة تخفيفا علي الأهالي, وقال إن هناك3 ملحدين معينين بالمدافن الجديدة التي تقع علي بعد25 كيلو مترا من المدينة وتضم مسجدا واستراحات, كما أن جميع المرافق تم توصيلها وهي جاهزة تماما, وأكد أن ماتمت إثارته بشأن الجبانة القديمة سوف يتم علاجه علي الفور حيث ستتم إنارتها بالكامل وبحث أسباب هبوط المقابر المفاجئ.