تشهد الفترة الحالية حالة من الأزدهار في الربط بين الوسط الفني والأدبي, عن طريق تحويل الأعمال الأدبية لأعمال درامية كما حدث في مسلسل ذات للكاتب صنع الله إبراهيم الذي حولته مريم ناعوم الي عمل تليفزيوني, وتحويل رواية ورور سامة لصقر تأليف أحمد زغلول الشيطي الذي تحول إلي فيلم بعنوان ورد مسموم للمخرج فوزي صالح. وهذا ليس غريبا علي السينما المصرية التي شهدت تحويل أعمال كبار الكتاب إلي أفلام ومسلسلات, منهم نجيب محفوظ ويوسف إدريس وخيري شلبي وإبراهيم عبد المجيد, وجمال الغيطاني, ويوسف القعيد, لكن هذا الارتباط والإستعانة بتلك النصوص شهد تراجعا في السنوات الأخيرة, لكنه عاد للظهور مرة أخري, مما يثير تساؤلات حول أسباب تلك العودة. وقال الكاتب والباحث مصطفي بيومي ان الرواية العربية في ال25 عاما الماضية تعيش حالة ازدهار وتقدم شهادة عميقة عن الواقع فتقدم مادة خام يمكن أن يستفيد منها صناع السينما من هنا نشطت حركة التحويل إلي أفلام ومسلسلات فهي تقدم مادة سابقة التجهيز يستفيد منها السينمائي ويقدم لها معالجة جديدة. ويضيف أنه علي الطرف الأخر تعيش السينما مرحلة ابتذال واندفاع ناحية شباك التذاكر, والتي تنال رواجا جماهيريا بدون أي فكرة مثل أفلام محمد سعد وغيره, فهي خالية من الفكرة لكنها تحتوي علي مفردات البيع, لكن الوضع اختلف بعد ثورة25 يناير التفكير قد تغير وهناك جيل جديد من صناع السينما أصحاب وعي يريدون تقديم أعمال ذات قيمة وفكرة عميقة وتستطيع أن تصل للجمهور بسهولة, لذا فالمادة الأدبية أو الروائية هي الأكثر ضمانا لتحقيق تلك الأهداف. ويقول: هناك سبب آخر للجوء للأعمال الأدبية وهو المنافسة فظهر في الأعوام الأخيرة عدد كبير من الفضائيات تقوم بتقديم مسلسلات ذات بعد اجتماعي وتتفق مع قيم الأسرة, فلجأت كثير من الأعمال الدرامية للنصوص الأدبية أو تقديمها بعد المعالجة, ومن أشهر من تم الإستعانة بأعمالهم هم نجيب محفوظ, ويوسف إدريس, وإبراهيم عبد المجيد, وخيري شلبي, ومنهم من كتب خاصة للتليفزيون, لأن الأعمال الأدبية التي تتحول لأعمال درامية هي الوسيلة الأضمن لاجتذاب الجمهور لأنها تعبر عن الواقع المصري وتعرضه بطريقة مختلفة. وأضاف المخرج فوزي صالح: كانت الاستعانة بالأعمال الأدبية فيما مضي مرتبطة بفترة ازدهار الأعمال الروائية أو إزدهار ثقافي كان يعم البلد كاملا, وفي هذا الوقت لم تتهم الروايات بأنها تحرض علي الفجور, وكان الناس تقرأ كل الأعمال دون خطوط حمراء, لكن الآن نحن نعيش عصر اضمحلال وهذا ليس وليد تلك اللحظة لكنه موجود منذ40 عاما, إذ نعاني من سيطرة الإسلاميين وتوجيههم للشارع في موضوع الإبداع, فمن منا لا يذكر أزمة الروايات الثلاث, وهناك أزمة عامة نعيشها فالقراءات قليلة, وعلي الجانب الأخر فالسينما أيضا في أزمة لأنها جزء من هذا المجتمع, وعلاقة صناع السينما بالأدب ضعيفة, إلا بعض الإستثناءات, مثل مريم ناعوم التي ستحول رواية ذات للكاتب صنع الله إبراهيم إلي مسلسل تليفزيوني, ومجدي أحمد علي الذي حول رواية عصافير النيل للكاتب الراحل إبراهيم أصلان إلي فيلم, وفي هذا الصدد أيضا نذكر فيلم الكيت كات لداود عبد السيد وهو مأخوذ عن رواية مالك الحزين لإبراهيم أصلان. وأكد صالح أن الظروف السياسية والاجتماعية أثرت علي المتلقي وجعلته يعزف عن القراءة, بخلاف المد الاصولي والذي لقي مساعدة من النظام السابق, فكان من مصلحة النظام لكي يستغل المصريين أن يبعدهم عن القراءة لأنها تنمي الخيال, مما تترتب عليه المطالبة بالحقوق والتي تؤدي للانقلاب علي هذا النظام والثورة ضده, فقاموا بتجريف المجتمع فكريا. وقال الكاتب أحمد زغلول الشيطي: لا يمكن التأكيد علي وجود اتجاه الان في الدراما المصرية لصنع أفلام أو مسلسلات تستند لبعض الأعمال الأدبية, رغم أن هذا الاتجاه كان شبه ثابت فيما مضي, وكانت فترة الخمسينيات والستينيات هي أكثر الفترات كثافة في الاستفادة من الأعمال الأدبية دراميا, وكانت أي رواية تصدر لنجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس تتحول لفيلم وهذا امتد أيضا لفترة السبعينيات ولكن ليس بنفس القوة. وأضاف: حتي عندما اتجهت السينما لأفلام المقاولات كانت تظهر أحيانا بعض الأفلام التي تستند لأعمال أدبية ذات أفكار عميقة, مثل فيلم المواطن مصري والمأخوذ عن رواية الحرب في بر مصر للكاتب يوسف القعيد, لذا فاللجوء للنصوص الأدبية شبه دائم حتي عندما توقف نجيب محفوظ عن كتابة الرواية لفترة9 سنوات كان يكتب سيناريوهات مباشرة للسينما منها فيلم جعلوني مجرما. والعلاقة بين السينما والنصوص الأدبية موجودة دائما ولكنها في حركة صعود وهبوط وتراجع وعودة, لكن يمكن أن أطرح سؤالا علي نفسي وبصوت عال حول إن كان تحويل بعض النصوص الأدبية أخيرا لأعمال سينمائية ودرامية سيكون اتجاها عاما أم لا, هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.