كانت ليلة ممطرة من ليالي الشتاء شديد البرودة وقد حجبت السماء بغيوم كثيفة أضفت علي الليلة شعورا بالخمول والرغبة في النوم وزاد من ذلك استمرار سقوط الأمطار طوال تلك الليلة. مما خلق جوا من الشاعرية والرهبة علي غرفة شيماء ذات الثلاثين ربيعا والتي فكرت كثيرا في ثلاث مكالمات من مجهول يهددها بخطف نجلتها وذبحها اذا لم تمتثل لأوامره وتعطيه عشرة آلاف جنيه. وبعد تفكير عميق وقلق وترقب هداها الي حيلة ربما تكون هي المخلص والمنقذ لها مما تعانيه من عذاب كبير بعد أن وجدت ان الشخص المجهول صاحب التهديدات يتحدث بجدية ولديه ثقة كبيرة في رضوخها لرغباته عاجلا أم آجلا خاصة بعد أن كان في كل مكالمة جديدة يخبرها يشيء جديد عن تفاصيل حياتها الخاصة والعامة وكأنه يعيش معها. فأخبرت اقرب أفراد العائلة اليها بعد أن انفصلت عن زوجها وفضلت العيش مع ابنتها لكي تحقق أحلامها بنجاح مبهر في العمل كمديرة لاحد مكاتب تحديث الصناعة وكان أقربهم اليها عطا ابن عمها ومحمد والد طليقها فبعد معرفتهما بالأمر فضلا التصرف بعقل وابلاغ الشرطة الا أن شيماء تصرفت من تلقاء نفسها وحاولت مقابلة صاحب الصوت المخيف الذي يبث في نفسها الرعب بمجرد رؤيتها لرقم هاتف غير مسجل علي هاتفها. وأثناء التفاوض ومحاولة كسب وقت مع مصدر القلق وبينما تسيرشيماء بسيارتها قاصدة عملها فوجئت بثلاثة رجال يحملون الأسلحة النارية والبيضاء يهددونها بالقتل اذا لم تمتثل وتستقل معهم سيارتهم الملاكي والتي تتبعها سيارة أخري نقل وتحت الضغط رضخت بعد أن شعرت بأنها وقعت بين أيديهم بلا رحمة وأن الصراخ لن يجدي شيئا في ذلك الوقت المبكر من اليوم في احدي المناطق غير المأهولة بالسكان علي الطريق الدائري الذي يخشي قائدو السيارات التوقف في وضح النهار خوفا من المصير المجهول بعد انتشار السرقة والبلطجة عليه مؤخرا وسرعان ماهرب قائد السيارة بها الي أحدي المناطق الزراعية بمنطقة المرج وبدأوا في الاتصال بأقاربها لمساومتهم علي مبلغ مالي أكبر بل ضعف ماطلبوه منذ البداية ليصبح المطلوب20 ألفا كاش. وعلي الفور بعد أول اتصال تلقاه نجل طليق شيماء توجه الي مديرية أمن القاهرة ليلتقي اللواء أسامة الصغير مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة الذي وضع خطة محكمة للبحث نفذها فريق من ضباط وقيادات المباحث وعلي رأسهم اللواءان حسن السوهاجي وسامي لطفي نائبا المدير حيث تمكنا من رصد مكان وجود العصابة التي تبين أنها بمنطقة مصنع الصابون بالمرج وأن أفرادها علي خلاف مالي مع طليق شيماء وقاموا بخطفها نكاية فيه. مرت18 ساعة من لحظة الاختطاف علي شيماء وكأنها18 سنة كئيبة حيث الليل والوحشة والمصير المجهول فماذا بعد الوجود مع لصوص وقطاع طرق ليس لهم عهد ولايصونون وعدا, وكثيرا مافكرت شيماء حينها هل يمكن أن يقتلوها؟ وماذا يمنعهم ؟ لا.. هل يمكن أن يفعلوا بها شيئا أكثر مرارة من الموت وأشد قسوة من القتل, ولكن ورغم ذلك فإنها لديها ثقة في الله بأنها ستعود لأهلها وبيتها سالمة. تحركت قوة من المباحث بعد أن قاموا بتلقي اتصالات الجناة وتهديداتهم بغرفة عمليات مجهزة لمثل هذه الحالات وكان عدد من الضباط يعملون بجد ويثقون في قدرتهم علي ضبط المتهمين وذلك لاكتشافهم مبكرا سذاجة الجناة وبلاهتهم في التفاوض وكانوا يتحركون وهم علي ثقة تامة بأنهم سيحررون الرهينة بعد أن يصطادوا الجناة مثل اصطياد قط بلدي لفأر صغير داخل حجرة مغلقة. وماهي الا لحظات حتي كانت قوة من مباحث المرج بصحبة عدد من ضباط الأمن المركزي علي رأس مجموعتين من الجنود والصف المدججين بالرشاشات والأسلحة الآلية. وبمجرد وصولهم والبدء في تنفيذ الخطة فاجأهم الجناة بإطلاق بعض الأعيرة النارية تجاههم فبادلتهم القوات اطلاق النيران وتمكنوا من ضبط محمد27 سنة عاطل وسبق ضبطه في عدة قضايا الذي توفي متأثرا باصابته بطلق ناري بالكتف وضبطت بحوزته بندقية خرطوش ومصطفي38 سنة سمكري وسبق اتهامه في عدة قضايا تم نقله لمستشفي الدمرداش بعد اصابته بطلق ناري وضبط بحوزته فرد خرطوش وسلاح أبيض مطواة وعماد27 سنة عاطل وأحمد طالب بينما لاذ الخامس سعيد الشهير ب سيكو وبحوزته طبنجه بالفرار بعد أن أطلق منها عدة أعيرة علي قوات الأمن ولاذ بالفرار داخل الزراعات. وتمكنت القوات من تحرير شيماء وأقاربها بعد أن تم احتجازهم بمكان الواقعة لحين تسلم مبلغ الفدية وعثر علي السيارة الخاصة بالمجني عليها بمكان الواقعة وذلك بعد أن ذهب أقاربها خلفها بالأموال طبقا للخطة الموضوعة وتم انقاذهم جميعا ومعهم مبلغ الفدية تنفس طليق شيماء الصعداء في مكتب أحد قيادات المباحث بمبني مديرية أمن القاهرة حيث جلس ينفث دخان سيجارته في الهواء وراح في نوبة تفكير وندم عميقين. لم يستيقظ منها الا علي صوت أحد الأمناء الذي كان يقوم باستكمال اجراءات محضر الواقعة للعرض علي اللواء محسن مراد مدير أمن القاهرة الذي أمر بإخطار النيابة التي أمرت بحبس المتهمين4 أيام علي ذمة التحقيق وسرعة ضبط المتهم الهارب.