أيها الإخوة المواطنون.. ما إن تستمع لهذه الكلمات ترتسم في ذهنك صورة الرئيس السابق محمد حسني مبارك وهو يلقي أحد خطاباته التي انتظرناها طويلا سواء انتظرنا فيها أن يخرج علينا رئيسنا السابق في أحلك الأوقات والظروف لنعلم الجديد أو بالأحري نستمع لرد الفعل علي كلمات التحرير ورسائله الموجهة.. أو انتظرناها طوال اليوم بعد التنويه عن خبر عاجل فوق شريط الأخبار بأن الرئيس سيلقي بيانا مهما للأمة بعد قليل... خطاب الفوضي.. وحكومة جديدة أول خطاب يوم جمعة الغضب28 يناير.. استغرق حوالي11 دقيقة تحدث خلالها عن الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد مشيرا إلي تلك التظاهرات التي تعبر عن آراء المواطنين ومطالبهم, معربا عن أسفه لسقوط ضحايا أبرياء سواء من المتظاهرين أو قوات الشرطة التي احترمت حق الشباب في التظاهر السلمي. كانت أول مرة يتحدث فيها عن الفوضي مؤكدا أن خيطا رفيعا يفصل بين الفوضي والحرية.. محذرا أيضا مما يحيط بنا من أمثلة عديدة انزلقت بالشعوب إلي الفوضي والانتكاس فلا ديمقراطية حققت ولا استقرارا حفظت. ليعود من جديد ليذكرنا بالفوضي التي يسعي لها من يندس وسط المتظاهرين لإشعال الحرائق ونشر الفوضي ونهب الممتلكات العامة والخاصة وهدم ما بنيناه, وانتقل بعد ذلك إلي الحديث عن برنامجنا الذي يحاصر البطالة وإتاحة المزيد من خدمات التعليم والصحة والإسكان وغيرها للشباب والمواطنين.. كل ذلك يظل رهنا بالحفاظ علي مصر مستقرة آمنة. وتعددت العبارات والمعني واحد فالفوضي علي الأبواب وزعزعة الاستقرار والانقضاض علي الشرعية والنهب والسلب والحرائق التي أشعلت مصر يوم الغضب هو السيناريو المتوقع الذي ظل يحذرنا منه خاصة أن هذه الأحداث الدامية قد ألقت في قلوب الأغلبية الكاسحة من أبناء الشعب الخوف علي مصر ومستقبلها والتحسب من الانجراف لمزيد من العنف والفوضي والتدمير والتخريب لينتهي الخطاب بإقالة حكومة نظيف السابقة وتكليف حكومة جديدة. لم أكن أنتوي الترشح الخطاب الثاني يوم الثلاثاء1 فبراير.. بدأه بالمجهول الذي ننجرف نحوه والذين استغلوا التظاهرات السلمية لإشاعة الفوضي واللجوء إلي العنف لتتحول من مظهر راق ومتحضر لممارسة الرأي إلي مواجهات مؤسفة تهيمن عليها قوي سياسية تصب الزيت علي النار وتستهدف أمن الوطن واستقراره مشيرا إلي بعض القوي السياسية التي رفضت دعوة الحوار تمسكا ب الأجندات الخاصة, مشيرا إلي تعديلات المادتين76 و77 من الدستور والتي دعا البرلمان لمناقشتها الاختيار ما بين الفوضي والاستقرار.. عبارة صريحة لخص فيها مبارك حديثه عن الوضع الذي عاشته مصر خلال الأيام القليلة ما بين خطابه الأول والثاني.. لتأتي العبارة الأشهر بصرف النظر عن الظرف الراهن انني لم اكن انوي الترشح لفترة رئاسية جديدة. ليختم خطابه الإنساني من الدرجة الأولي متحدثا عن حسني مبارك الذي قضي سنوات طويلة في خدمة مصر هذا الوطن فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وعلي أرضه أموت وسيحكم التاريخ علي وعلي غيري بما لنا أو علينا. الظهور الأخير وتفويض سليمان في مساء الخميس10 فبراير كان موعدنا مع الخطاب الثالث.. وهذه المرة توجه بحديثه لشباب مصر بميدان التحرير حديث الأب لأبنائه وبناته مشيرا إلي دماء شهدائكم وجرحاكم مؤكدا معاقبة المتسببين بها بأقصي ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة. وتحدث عن الأخطاء الواردة في أي نظام سياسي مؤكدا أنه يقبل الاستماع للشباب والتجاوب معهم ولكنه يرفض الإملاءات الأجنبية وختم خطابه بالحديث عن الأغلبية الكاسحة من أبناء الشعب الذين يعرفون من هو حسني مبارك الذي يحز في نفسه ما لقاه من بعض بني وطنه.. لنخرج بقرار وحيد من خطاب الظهور الأخير لمبارك وهو تفويض نائب رئيس الجمهورية اللواء عمر سليمان بإختصاصات رئيس الجمهورية. 11 فبراير2011 الخطاب الأخير ولكن لم يلقه مبارك هذه المرة بل كلمات معدودة أعلن فيها اللواء عمر سليمان تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.