هي.. لا تسمع.. لا تتكلم.. ولكنها تري.. إنها فتاة تعيش خلف الكاميرات.. ووراء كواليس المسرح.. يعرفها الجميع.. هي نجمة من نجوم عالم السينما الخفي.. العالم الذي لا يراه الجمهور.. تتكلم بالإشارة.. تعرف حركات الشفاه.. نظراتها كلام معبر.. يفهمه الكثيرون.. كل عمرها عاشته بين الممثلين والفنانين في الاستوديوهات.. والمسارح.. والبلاتوهات منذ كانت طفلة.. تراها تجلس في صمت مفروض عليها.. فهي خرساء بكماء.. كل النجوم يتعاملون معها.. مصدر رزقها الأساسي هو مايجود به أهل الفن حبا.. وعطاء.. وجودها هذا.. صار مع الأيام عادة.. مع بداية أي فيلم تجدها تجلس في انتظار نجومه.. مع افتتاح أي مسرحية.. لا تبحث عنها فهي موجودة قبل رفع أي ستارة.. أصبحت تشكل مع الأيام ظاهرة تشغل كل أهل الفن!! أصبحت بالنسبة للبعض فألا حسنا.. وللبعض الآخر علي العكس تماما.. اختار كل فنان من ظروفه ورؤيتها حالة نفسية خاصة جدا.. من التفاؤل أو التشاؤم.. وأهل الفن كثيرا ماتسيطر عليهم حالة التفاؤل والتشاؤم.. ورؤية إنسان معين.. أو قطة أو كلب أو مجرد تغيير خط سيره وهو في طريقه إلي الاستوديو وتغيير الاتجاه الذي اعتاد عليه في السير إلي عمله.. قد يؤدي إلي نوع من الارتباك الذي يؤدي إلي التفاؤل.. أو التشاؤم.. هي بذكائها الفطري.. تعرف ذلك تماما.. تقبل علي من يتفاءل بها.. وتعطيه من ابتسامتها المعبرة جدا وإشراقة وجهها نوعا من الرضا الكامل.. تتواري بخجل ممن تعرف وتحس أنه لايتفاءل بها.. هناك أناس لايصورون عندما يرونها ولا مشهد.. وهناك أناس في نفس العمل.. يبدعون ويصورون أكبر عدد من المشاهد..!! هي تعرف موقفها.. من الجميع.. وحددت مسيرتها.. هي تأتي ولابد أن تأتي.. منذ طفولتها حتي الآن.. فهي الآن متزوجة.. وتركها زوجها وتحمل طفلتها الصغيرة جدا.. ولابد أن تعيش.. تأتي وعلي من يتفاءل.. يتفاءل.. وعلي من يتشاءم.. يتشاءم..!! ابنة من هذه الفتاة؟.. تسمع أسماء كثيرة لأبيها.. هي ابنة الاستوديو.. ابنة السينما.. بنت فلان الذي رحل وتركها طفلة في كواليس وخلف ديكورات الأفلام.. ومع كثرة الأسماء التي تقال عن الأب.. لم يستطع أحد أن يعرف هويتها.. إنها ابنة السينما الخرساء..!! هي.. لا تهتم إلا بالوجود.. إنها وجدت نفسها في هذا العالم.. وعاشت معه منذ طفولتها.. ورعاها من أحبوها وصنفوها كما يحبون!! وهي موجودة دائما.. في صمت تجدها في كل مكان به كاميرات تدور أو ستارة ترفع.. نظراتها وحدها.. هي التي تري فيها.. وتسمع فيها.. قصة الخرساء والسينما!! التي عاشت خلف الكاميرات ولم يشاهدها الجمهور علي شريط سينمائي ويعرف قصتها حتي الآن..!!