تحولت احتفالات العيد بالإسكندرية إلي دعاية انتخابية منذ اليوم الأول بصلاة العيد وكان النصيب الأكبر في السيطرة علي المشهد السياسي لجماعة الإخوان المسلمين والسلفيين الذين استحوذوا علي ساحات الصلاة بجميع مناطق المدينة خاصة الميادين العامة والشوارع الرئيسية, وحاول كل منهما جذب المصلين عن طريق توزيع منشورات تتضمن توزيع الهدايا علي الأطفال وإجراء القرعات العلنية لتوزيع الخراف الحية, وشملت أيضا المنشورات الدعاية لمرشحي حزبي النور والحرية والعدالة, فيما وقفت الأحزاب الأخري والتيارات السياسية موقف المتفرج بعد أن أصابها الذهول, وذلك أدي إلي استياء المواطنين نتيجة قلب أفراح وبهجة العيد إلي دعاية انتخابية, وأكدت المؤشرات الأولية أن استمرار الأوضاع سيؤدي إلي سيطرة الحزبين علي غالبية مقاعد برلمان الثورة, مما دفع العديد من الأحزاب والمستقلين إلي الاسراع في التنسيق بينها لمواجهة طوفان الإسلاميين وإصرارهم علي الاستيلاء علي المقاعد البرلمانية, ورغم ذلك فقد اشتد الصراع بين الإخوان المسلمين والمتحالفين معهم والسلفيين والأحزاب الإسلامية علي المقاعد الفردية خاصة في دائرتي المنتزه والرمل, رغم توقيع ميثاق شرف بينهما والتنسيق علي هذه المقاعد التي أصبحت شبه المستحيل. ففي دائرة المنتزه بشرق الإسكندرية أعلن حزب الحرية والعدالة تحالفه ودعمه للمرشح المستقل علي مقعد الفئات حسني دويدار مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين, وذلك لمواجهة الدكتور الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية, والذي يجد تأييدا واسعا ظهر من خلال المؤتمرات واللقاءات بالمنطقة, أما علي مقعد العمال, فقد انهار التنسيق بين الطرفين, حيث كانت الاتفاقات الأخيرة بترك مقعد الفئات للسلفيين في مقابل مقعد العمال للإخوان الذي دفعت به النائب مصطفي محمد مصطفي الذي فاز بالمقعد لدورتين متتاليتين, في حين أن السلفيين اعتبروا الاتفاق مناورة وهدنة انتخابية ومازال الموقف غامضا علي مقعد العمال الذي دفع به السلفيون بمرشح قوي, ولم يختلف الموقف كثيرا بدائرة الرمل وسيدي جابر, حيث تحالف الإخوان مع المرشح المستقل فئات المستشار محمود الخضيري وأعلنوا دعمه وتأييده بكل قوة, وأيضا في بداية الترشيح أعلن ذلك السلفيون نظرا لأن الخضيري يحظي باحترام الجميع في مواجهة طارق طلبعت مصطفي رجل الأعمال المعروف وأبرز قيادات الحزب الوطني المنحل, ولكن لم يستمر هذا الوضع طويلا بعد اعلان السلفيين بأن المقعد أصبح من نصيبهم ودفعهم بالمرشح المعروف الدكتور ياسر عبد القوي الذي هز عرش الإخوان بالرمل والشحات بالمنتزه, وقد أعلن أمين حزب النور بدائرة الرمل أنهم سيعقدون60 مؤتمرا لمناصرة مرشحيهم, ويبدو أن دائرة غرب التي دفع حزب الحرية والعدالة بالدكتور حمدي حسن المتحدث الرسمي لكتلة الإخوان بمجلس الشعب2005 والذي فاز بالمقعد لدورتين متتاليتين يواجه منافسة مع المستقل المهندس علاء الشريف الذي أعلن عن توفير300 فرصة عمل للشباب وتشغيلهم بالفعل بمصانع المدينة, وأيضا اتفاقه مع مديرية التضامن الاجتماعي لتوفير معاش اجتماعي لعدد100 حالة, ورغم ذلك فإن قائمة الحزب والتي علي رأسها الدكتور حسن البرنس تجد قبولا وتأييدا من الناخبين, وترجح الدلائل فوز الحرية والعدالة بنحو ثمانية مقاعد علي الأقل من بين عشرة مقاعد, وأصبح المرشح محمود عطية إخوان علي المقعد الفردي فئات بكرموز في حكم الفوز به لشعبيته الجارفة بمناطق الدائرة. وعلي الجانب الآخر سارعت بعض الأحزاب إلي التنسيق لمواجهة التيار الإسلامي ومنعه من الاستيلاء علي المشهد السياسي, فقد قام محمود حسام رئيس حزب البداية الذي يعد من أكبر الأحزاب عددا في الأعضاء وشهرة بالإسكندرية برؤساء وأمناء بعض الأحزاب للتنسيق بينهم وعقد لقاءات حتي لا يستولي فصيل معين علي المقاعد البرلمانية, وقد لقيت دعوته استجابة فورية خاصة أن حزبه لم يدفع بمرشحين في برلمان الثورة أو مجلس الشوري, وفي حزب المحافظين أسرع أمين الحزب ياسر سيف في عقد اجتماع طارئ للمرشحين وعلي رأسهم إبراهيم أبو صبيحة لحثهم علي التحرك السريع وتكثيف الدعاية الانتخابية والتلاحم مع المواطنين لوقف زحف طوفان مرشحي الحرية والعدالة والنور لتحقيق نتائج ملموسة, مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد تنسيقا مع بعض الأحزاب, وعلي الجانب الآخر يبذل عدد من الأعضاء المستقلين المرشحين علي المقاعد الفردية جهدا شاقا خاصة البرلمانيين القدامي الذين يتزعمهم القطب الناصري كمال أحمد بإقامة ندوات بمقاهي مناطق الإسكندرية لحث الناخبين بضرورة تعدد الوجوه ومختلف فئات الشعب ببرلمان الثورة الذي سيحدد مستقبل مصر بوضع أسس الدستور, وسن التشريعات الجديدة, وقد راهن حزب الوفد علي أصوات أبناء الثغر من الشباب المثقفين, حيث دفع الحزب بعدة مرشحين من الشخصيات المعروفة لدي المجتمع السكندري بعد عزوف رجال الأعمال عن الترشيح علي قوائم الحزب, ومن أبرز مرشحي الحزب الصحفي حسني حافظ الذي خاض الانتخابات الماضية ضد طارق طلعت مصطفي وحصل علي أصوات متقاربة ولولا التزوير لصالح الحزب الوطني كان قد فاز بالمقعد, في الوقت الحالي الذي التزم فيه طارق مصطفي الصمت والابتعاد عن الأضواء والتحدث لوسائل الإعلام وبذلك تأكدت أقاويل بأن شقيقه المسجون في ليمان طرة لقضاء فترة العقوبة في مقتل المطربة سوزان تميم هشام طلعت مصطفي ويحاول حزب مصر القومي الاستفادة من وجود عفت السادات كرئيس لنادي الاتحاد السكندري إلا أن سوء نتائج النادي في كرة القدم أصابت أعضاء الحزب بصدمة, حيث دعا أعضاؤه ومرشحوه منذ يومين إلي الفصل بين السياسة والرياضة في الدعاية الانتخابية بعد أن أصبح مصيرهم مهددا بأقدام لاعبي كرة القدم, واللافت للنظر أن جميع الأحزاب والتيارات السياسية التي انضم إليها شباب ائتلاف الثورة والحركات التنظيمية والنشطاء السياسيين بدأوا يتحركون بين الناخبين لمواجهة التيار الديني الذي ظهر بقوة خلال فترة ما قبل العيد ثم جاء العيد بمثابة استعراض قوة من جانب الإخوان المسلمين والسلفيين في تكثيف الدعاية الانتخابية في صلاة العيد, مما اعتبره العلمانيون واليساريون جرس انذار خطير لجميع القوي السياسية للاستيلاء علي برلمان2012 الذي سيضع دستور البلاد.