في الأيام الأولي للثورة ومن فرط سعادتنا وانبهارنا بما احدثته من نتائج جاوزت أقصي الأحلام والطموحات, وأهمها إسقاط النظام الفاسد السابق وإقامة مجتمع ديمقراطي حر.. إلخ.. في خضم هذه السعادة الغامرة لم ننتبه الي المجرمين واللصوص الذين اندسوا من البداية في صفوف الثوار حتي وصل الامر الي تزييف الشهداء وتحويل المجرم الي بطل.. وكانت النتيجة الطبيعية والخطيرة لهذه الكارثة ان تحول ايضا خدام الوطن المخلصون وحراس الامن والنظام الي مجرمين بعد ان نجح المجرم في اغتصاب كرسي القاضي وإيداع الاخير قفص الاتهام تمهيدا لإعدامه. ويجب ان نعترف بداية ان المجرمين واللصوص يشكلون قطاعا لا بأس به في مجتمعنا المسكين وذلك لأسباب عديدة اهمها الفقر وسوء التربية والانحرافات الخلقية والدينية العديدة.. هؤلاء المجرمون والأفاقون كانوا أسرع المخلوقات الي ركوب موجة الثورة بل قيادة بعض صفوفها.. هؤلاء الذين هاجموا السجون والاقسام واحرقوها واخرجوا زملاءهم منها لإحداث المزيد من الفوضي والتخريب والانفلات الأمني الفظيع التي تعانيها بلادنا حتي اليوم. وللأسف فإن الذين تصدوا لهم وقاوموهم من رجال الامن الشرفاء صاروا مجرمين يحاكمون بتهمة قتل المتظاهرين ويتعرضون لأقصي العقوبات التي تصل إلي الإعدام ولنتساءل.. ماذا يفعل رجل الشرطة إذا تعرض للسجن او القسم الذي يحرسه لهجوم مسلح وبأقوي الأسلحة من أعتي انواع المجرمين والبلطجية؟ أليس من واجبه ان يدافع عن نفسه وعن القسم والسجن الذي يحفظ امن الدولة وهيبتها؟ .. إن كل القوانين واللوائح والمصلحة العامة للوطن والشعب تخوله بل توجب عليه ان يتصدي بكل قوة لهؤلاء المجرمين المهاجمين مهما قتل او اصاب.. وإذا تخلي الضابط او الأمين عن هذا الواجب وهرب إنقاذا لنفسه فإنه سيحاكم باعتباره خائنا لوطنه ولأول وأبسط واجباته. بعد الهدوء النسبي للأمور واستعادة الوعي المفقود أظهرت الأوراق والمستندات وبعض الجثث التي شرحت ان عددا غير قليل من القتلي هم من أعتي المجرمين والمسجلين الخطرين ولكن الحكومة ووزارة المالية وبالأيدي المرتعشة سارعت بإدخالهم في قائمة الشهداء الذين تدفع لأسرهم من مال الشعب خمسين الف جنيه, ومعاشا شهريا يسيل له اللعاب يتجاوز الالف وخمسمائة جنيه شهريا.. وفقا للمثل الشعبي( ادفعي ياللي مانتش غرمانة).. علي الجانب الآخر فقد أظهرت محاكمة العديد من رجال الشرطة مهازل ومآسي بالغة الأسف والألم.. ومنها محاكمة مأمور قسم القبة ورجاله الذي صرخ في القاعة بكل صدق بان القسم تعرض لهجوم مسلح من البلطجية.. كما تبين ان شهود الإثبات في هذه القضية هم من المجرمين والمسجلين الخطرين وهم في الواقع شهود الزور الذين حضروا للانتقام من رجال الشرطة الذين يلاحقونهم ويضيقون عليهم في جرائمهم ولا يتركونهم يسرقون في حرية.. وإلي درجة أن أحد هؤلاء الشهود عندما افتضح أمره أمام المحكمة قال في سخرية إن حسني مبارك مسجل خطر أيضا.. إشارة الي جرائم رئيس النظام السابق. وأملنا كبير في قضائنا العادل ان يبرئ ساحة رجال الشرطة الشرفاء وألا يتأثر بالأصوات الغوغائيةالعالية ومعظمها من المجرمين وأهليهم ومن أهل الحقد علي المجتمع.. ويكفينا الشهداء والضحايا من رجال الشرطة والجيش الذين يتساقطون كل يوم وهم في ريعان الشباب دفاعا عن أمن الوطن والمواطن, ولكي لايتقاعس زملاؤهم عن اداء واجبهم خوفا من المساءلة. أما الحكومة ووزارة المالية والأيادي المرتعشة والتي خلطت الأوراق وحولت المجرمين إلي شهداء فعليهم مراجعة الأوراق مع وزارة الصحة وحرصا علي طهارة هذه الثورة العظيمة وشبابها وشهدائها الحقيقيين الأطهار..