الصيام فى اللغة هو: الإمساك، والكف، والترك وهو فى الشرع إمساك عن أشياء مخصوصة فى أزمان معلومة على وجوه مخصوصة، فهو: إمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية، وهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وروى البخارى بسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وصيام شهر رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا» وانعقد الإجماع على وجوبه، ثم إن هذا الوجوب فى حق المسلم البالغ العاقل القادر على الصيام. بناء على ذلك وإجمالا فإن من لا يقدر على الصيام أصلا، أو لو صام لأضر الصيام به ضررا غير محتمل لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، أى الشفاء منه كالأمراض المزمنة فلا يجب عليه الصوم رحمة، ورأفة من الله بعباده ذوى الأعذار. وإجابة على السؤال نقول ومن الله التوفيق، إنه من المبادئ التى قام عليها التشريع الإسلامى مبدأ «التيسير والتخفيف» وهذا المبدأ صرح به القرآن الكريم بأوضح بيان فى قوله تعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَي? وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَي? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَي? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة: 581)وقوله (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) (النساء: 82) وفى سنة رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أنه (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) «ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه» أخرجه البخارى، والمتتبع لنصوص الشريعة يجد أنه ما من أمر مفروض، أو ممنوع إلا شرعت فيه الرخصة، فقد أبيحت المحظورات عند وجود الضرورات، وأبيح ترك الفرض والواجب إذا كان فى أداء أحدهما مشقة وحرج، واعتبر الإكراه، والمرض والكبر والسفر، والخطأ، والنسيان من الأعذار التى تستتبع التخفيف (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَي? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:481). قال ابن عباس: نزلت رخصة للشيخ الكبير، ففى هذه الحالة يطبق على كبير السن ما نصت عليه الآية من الفدية، أى يلزمه عن كل يوم مد من طعام فى أصح الأقوال الذى وزنه 786 جراما أى كيلو إلا ربعا تقريبا، إن كان موسرا من غالب ما يأكل وهذا هو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين كعلى وابن عباس وأبى هريرة وأنس رضى الله عن الجميع وبه قال سعيد بن جبير وطاووس وأبو حنيفة والثورى والأوزاعى، ولا عبرة بخلاف من شذ بقوله، بعدم وجوب شيء على الشيخ الكبير لمخالفته لنص الآية. وكيفية الإطعام إما أن يصنع طعاما ويدعو إليه الفقراء والمساكين، وإما أن يوزع عليهم طعاما مطبوخا، أو غير مطبوخ، كأرز، ونحوه، وإن جعل مع هذا الطعام لحما كان أفضل، أو يخرج قيمة المد نقودا – على رأى الحنفية – إن كان ذلك أنفع للفقير والمسكين، وأيسر لمن لزمه الفداء.