رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    التربية النوعية بطنطا تنظم ملتقى التوظيف الثالث للطلاب والخريجين    رايان رينولدز يتصدر إيرادات السينما العالمية بفيلم الأصدقاء الخياليين - IF ويحقق 59 مليون دولار    أخبار الأهلي : أحمد الطيب عن لاعب الأهلي : هاتوه لو مش عاوزينه وهتتفرجوا عليه بنسخة زملكاوية    السر يملكه القائد.. اللواء هشام حلبي يكشف أسباب تحطم طائرة رئيسي (فيديو)    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد بعد هجوم ميلي على حكومة سانشيز    أسعار الفراخ اليوم 20 مايو 2024 للمستهلك بجميع الأسواق    صلاح مودعاً كلوب: آمل أن نلتقي مرة أخرى    الرياضية: جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    قوات وحدة الإنقاذ النهري ب الغربية تستخرج جثمان غريق من بحر كفر الزيات    صندوق النقد الدولي: البنوك القطرية تتمتع برأس مال جيد وسيولة وربحية    النجمة ديمي مور تخطف الأنظار في فعاليات اليوم السادس لمهرجان كان السينمائي    جنوب أفريقيا ترحب بإعلان "الجنائية" طلب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    الأرصاد تحذر من الطقس غداً.. تعرف علي أعراض ضربة الشمس وطرق الوقاية منها    لحرق الدهون- 6 مشروبات تناولها في الصيف    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    أحمد الطاهري: مصرع الرئيس الإيراني هو الخبر الرئيسي خلال الساعات الماضية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    وزير السياحة يتفقد متحف شرم الشيخ.. ويوجه بتضمينه في برامج الزيارات    وكيل صحة الشرقية يتفقد أعمال التطوير بمستشفى سنهوت التخصصي    رئيس الوزراء يشهد افتتاح جامعة السويدى للتكنولوجيا "بوليتكنك مصر" بالعاشر من رمضان.. ويؤكد: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    انقسام كبير داخل برشلونة بسبب تشافي    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة بختام تعاملات جلسة الإثنين    «سوميتومو» تستهدف صادرات سنوية بقيمة 500 مليون يورو من مصر    أول تعليق من التنظيم والإدارة بشأن عدم توفير الدرجات الوظيفية والاعتماد ل3 آلاف إمام    حجز شقق الإسكان المتميز.. ننشر أسماء الفائزين في قرعة وحدات العبور الجديدة    الأوبرا تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء    "اليوم السابع" تحصد 7 جوائز فى مسابقة الصحافة المصرية بنقابة الصحفيين    قائمة الأرجنتين المبدئية - عائد و5 وجوه جديدة في كوبا أمريكا    محافظ دمياط تستقبل نائب مدير برنامج الأغذية العالمى بمصر لبحث التعاون    إصابة 8 أشخاص بحادث تصادم ميكروباص وربع نقل بالطريق الزراعى فى أسوان    تحرير 174 محضرًا للمحال المخالفة لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    الصحة تضع ضوابط جديدة لصرف المستحقات المالية للأطباء    تراجع ناتج قطاع التشييد في إيطاليا خلال مارس الماضي    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    وزيرة الهجرة: الحضارة المصرية علمت العالم كل ما هو إنساني ومتحضر    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    إيتمار بن غفير يهدد نتنياهو: إما أن تختار طريقي أو طريق جانتس وجالانت    الإعدام شنقًا لشاب أنهى حياة زوجته وشقيقها وابن عمها بأسيوط    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    خلاف في المؤتمر الصحفي بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية بسبب أحمد مجدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغضب ..عدو المسلم
نشر في الأهرام المسائي يوم 26 - 04 - 2019

ويقول الشيخ محمد محمود فكرى بالأزهر الشريف: الغضب ينقسم إلى قسمين، المحمود والمذموم، فالمذموم ما كان فى غير الحقّ، والمحمود ما كان فى جانب الدّين والحقّ، كما يكون الغضب محمودًا إذا كان لله- عزّ وجلّ-
عند ما تنتهك حرماته، وقد أثبت القرآن ذلك للرّسل الكرام فى مواضع عديدة كما فى غضب سيدنا موسى من قومه حين عبدوا العجل، وغضب سيدنا يونس من قومه لربه حين تأخروا فى إجابتهم دعوته، وكما كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يغضب فى بعض الأحيان لله- عزّ وجلّ- لا لنفسه.
وأمّا غضب الله تعالى فهو من صفات الأفعال لله- عزّ وجلّ- حقيقة على ما يليق بجلاله، وذلك إذا صدر الغضب من الله- عزّ وجلّ- وليس مثل غضبه شيء، ومن ذلك غضبه تعالى على أعدائه لله من اليهود ومن كان على شاكلتهم من الكفّار والمنافقين والطّغاة و المتجبّرين، والخلاصة أنّ الغضب الّذى يتحكّم فيه صاحبه بالحلم هو غضب محمود، ولا يكون كذلك إلّا إذا بعد عن الإفراط والتّفريط.
وقال: إن الغضب أمر ينفر منه العقل السليم، ونهت عنه الشريعة الغراء فى مصباحيها القرآن والسنة، وإلى ذلك تشير العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومع ذلك فقد تناثرت وصايا الحكماء والعقلاء فى التحذير من مغبة الغضب واستحكامه فى النفوس، وهذا طرف من كلامهم، قال بعض الحكماء لابنه: «يا بنيّ لا يثبت العقل عند الغضب كما لا تثبت روح الحيّ فى التّنانير المسجورة، فأقلّ النّاس غضبًا أعقلهم، فإن كان لدنيا كان دهاء ومكرًا وإن كان للآخرة كان حلما وعلما، فقد قيل: الغضب عدوّ العقل والغضب غول العقل».
وأما عن درجات الغضب فإن الناس يتفاوتون فى قوّة الغضب وضعفه على درجات ثلاث، وهي: التّفريط، والإفراط، والاعتدال، التّفريط ويكون إمّا بفقد قوّة الغضب بالكلّية أو بضعفها، وحينئذ يقال للإنسان: إنّه لا حميّة له ويذمّ جدّا، ومن هنا قال الشّافعيّ- رحمه الله تعالي-: (من استُغضِبَ فلمْ يغضَبْ فهو حمارٌ). وهذا يثمر ثمرات مرّة، كقلّة الأنَفة ممّا يؤنف منه من التّعرّض للحرم والزّوجة والأمة واحتمال الذّلّ من الأخسّاء وصغر النّفس.
ثانيًا: الإفراط: ويكون بغلبة هذه الصّفة حتّى تخرج عن سياسة العقل والدّين والطّاعة ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظر وفكرة ولا اختيار، بل يصير فى صورة المضطرّ، وسبب غلبته أمور غريزيّة، وأمور اعتياديّة، فربّ إنسان هو بالفطرة مستعدّ لسرعة الغضب حتّى كأنّ صورته فى الفطرة صورة غضبان ويعيش على ذلك حرارة مزاج القلب، وأمّا الأسباب الاعتياديّة فهو أن يخالط قوما يتبجّحون بتشفّى الغيظ وطاعة الغضب.
ثالثا: الاعتدال: وهو المحمود وذلك بأن ينتظر إشارة العقل والدّين فينبعث؛ حيث تجب الحميّة وينطفئ حيث يحسن الحلم وحفظه على حدّ الاعتدال هو الاستقامة الّتى كلّف الله بها عباده وهو الوسط. فمن مال غضبه إلى الفتور حتّى أحسّ من نفسه بضعف الغيرة وخسّة النّفس فى احتمال الذّلّ والضّيم فى غير محلّه فينبغى أن يعالج نفسه، ومن مال غضبه إلى الإفراط حتّى جرّه إلى التّهوّر واقتحام الفواحش ينبغى أن يعالج نفسه لينقص سورة غضبه ويقف على الوسط الحقّ بين الطّرفين وهذا هو الصّراط المستقيم وهو أرقّ من الشّعرة وأدقّ من السّيف فإن عجز عنه فليطلب القرب منه.
و يشير الشيخ محمد محمود فكرى إلى أن الغضب ينشأ عن العديد من الأمراض النفسية الداخلية، منها: الزّهو والعجب، والمزاح والهزل، والتّعيير والمماراة، والمعاندة والغدر، وشدّة الحرص على فضول المال والجاه إلى غير ذلك من الأسباب التى ربما تكون برُمَّتها من أمراض القلوب إضافة إلى كونها ناشئة من السفاهة والجهل، ومن أشدّ ما يكلم له القلب تسمية الجهال «الغضب» شجاعةً ورجوليّةً وعزّة نفس وكبر همّة، بل لقد بلغ بهم الأمر إلى أن يلقبوا الغضب بالألقاب المحمودة حتى تميل النّفس إليه وتستحسنه.
وأما أسباب الغضب فهى كما قال الماورديّ: سبب الغضب هجوم ما تكرهه النّفس ممّن دونها، وسبب الحزن هجوم ما تكرهه النّفس ممّن فوقها، والغضب يتحرّك من داخل الجسد إلى خارجه والحزن يتحرّك من خارج الجسد إلى داخله، فلذلك قتل الحزن، ولم يقتل الغضب؛ لكمون الحزن وبروز الغضب، وصار الحادث عن الغضب السّطوة والانتقام لبروزه، والحادث عن الحزن المرض والأسقام لكمونه، وكذلك أفضى الحزن إلى الموت، ولم يفض إليه الغضب هذا، والأولى بالإنسان أن يتحلى بالحلم والصفح، ولين الجامب، وسعة الصدر، والحلم ضبط النّفس عند هيجان الغضب فإن فقد الغضب لسماع ما يغضب كان ذلك من ذلّ النّفس وقلّة الحميّة،
ويؤكد الشيخ سامح عثمان من علماء الأوقاف أن علاج الغضب يتمثل فى الاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36) ، عن سليمان بن صرد -رضى الله عنه – قال: كنت جالسا مع النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- (إنى لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد) فقالوا له: إن النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- قال تعوذ بالله من الشيطان) فقال: وهل بى جنون.
وكذلك تغيير الحال عن أبى ذر -رضى الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع، أيضا ترك المخاصمة والسكوت عن ابن عباس -رضى الله عنهما -عن النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال (علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت).
قال ابن رجب -رحمه الله تعالي- « وهذا أيضا دواء عظيم للغضب؛ لأن الغضبان يصدر منه فى حال غضبه من القول ما يندم عليه فى حال زوال غضبه كثيرا من السباب وغيره مما يعظم ضرره، فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده، وما أحسن قول مورق العجلى -رحمه الله- ما امتلأتُ غضبا قط ولا تكلمتُ فى غضب قط بما أندم عليه إذا رضيت.
ويضيف الشيخ سامح عثمان أن الوضوء يعد من أسباب العلاج، عن عطية السعدى -رضى الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- (إن الغضب من الشيطان؛ وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.
وفى حديث أبى سعيد الخدرى -رضى الله عنه- مرفوعا (ألا وإن الغضب جمرة فى قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه، وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق وضوء، بالإضافة لاستحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ، فمن استحضر الثواب الكبير الذى أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سببا فى ترك الغضب والانتقام للذات.
عن أنس -رضى الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وآله وسلم- قال (مَن كظم غيظا وهو يقدر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره فى أى الحور شاء، وكذلك الإكثار من ذكر الله تعالى، قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) فمن اطمأن قلبه بذكر الله تعالى كان أبعد ما يكون عن الغضب قال عكرمة -رحمه الله تعالى -فى قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (الكهف:24) بمعنى «إذا غضبت».
وأوضح أن كثيرا من الغضب تجده مصابا بأمراض كثيرة كالسكرى والضغط والقولون العصبى وغيرها مما يعرفها أهل الاختصاص، كما أنه بسببه تصدر من الغاضب تصرفات قولية أو فعلية يندم عليها بعد ذهاب الغضب روى عن على -رضى الله عنه- أنه قال «لذة العفو يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشفى يلحقها ذم الندم». وقيل: من أطاع الغضب أضاع الأرب.
وعن عطاء بن السائب عن أبيه قال: صلى بنا عمار بن ياسر -رضى الله عنه- صلاة فأوجز فيها فقال له بعض القوم: لقد خففت أو أوجزت الصلاة، فقال: أما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ، فلما قام تبعه رجل من القوم هو أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فأخبر به القوم (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحينى ما علمت الحياة خيرا لى، وتوفنى إذا علمت الوفاة خيرا لى اللهم وأسألك خشيتك فى الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق فى الرضا والغضب، وأسألك القصد فى الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك فى غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.