يقول الإمام بن كثير في تفسيرة يقول الله تعالي( أولئك) أي: المتصفون بالإيمان بالغيب, وإقام الصلاة, والإنفاق من الذي رزقهم الله, والإيمان بما أنزل الله إلي الرسول ومن قبله من الرسل, والإيقان بالدار الآخرة, وهو يستلزم الاستعداد لها من العمل بالصالحات وترك المحرمات,( علي هدي) أي نور وبيان وبصيرة من الله تعالي, ( وأولئك هم المفلحون) أي في الدنيا والآخرة. وقال محمد بن إسحاق عن ابن عباس( أولئك علي هدي من ربهم) أي, علي نور من ربهم, واستقامة علي ما جاءهم,( وأولئك هم المفلحون) أي, الذين أدركوا ما طلبوا, ونجوا من شر ما منه هربوا, وقال ابن جرير, وأما معني قوله,( أولئك علي هدي من ربهم) فإن معني ذلك, أنهم علي نور من ربهم, وبرهان واستقامة وسداد, بتسديد الله إياهم, وتوفيقه لهم وتأويل قوله,( وأولئك هم المفلحون) أي المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله, من الفوز بالثواب, والخلود في الجنات, والنجاة مما أعد الله لأعدائه من العقاب. وقد حكي ابن جرير قولا عن بعضهم أنه أعاد اسم الإشارة في قوله تعالي( أولئك علي هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون) إلي مؤمني أهل الكتاب الموصوفين بقوله تعالي,( والذين يؤمنون بما أنزل إليك). وعن أناس من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم: أما الذين يؤمنون بالغيب, فهم المؤمنون من العرب, والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك هم المؤمنون من أهل الكتاب. ثم جمع الفريقين فقال,( أولئك علي هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون) وقد تقدم من الترجيح أن ذلك صفة للمؤمنين عامة, والإشارة عائدة عليهم, والله أعلم. وقد نقل هذا عن مجاهد, وأبي العالية, والربيع بن أنس, وقتادة, رحمهم الله. وقال ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو, عن النبي صلي الله عليه وسلم وقيل له, يا رسول الله, إنا نقرأ من القرآن فنرجو, ونقرأ من القرآن فنكاد أن نيأس, أو كما قال. قال: فقال: أفلا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار؟ قالوا, بلي يا رسول الله, قال,( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه) إلي قوله تعالي:( المفلحون) هؤلاء أهل الجنة, قالوا, إنا نرجو أن نكون هؤلاء, ثم قال,( إن الذين كفروا سواء عليهم) إلي قوله,( عظيم) هؤلاء أهل النار, قالوا, لسنا هم يا رسول الله, قال, أجل.