لقد اهتم الإسلام اهتماما بالغا من المهد إلي اللحد بفترة الطفولة, لقد أعطاها الإسلام عناية خاصة باعتبارها نقطة انطلاق الإنسان إلي معترك الحياة, ودائما من حسنت بدايته حسنت نهايته, ومن هنا كان حرص الإسلام علي توفير المقومات المعنوية الطفل حني يتسني له تكوين شخصية قوية فاعلة في المجتمع وقادرة علي مواجهة تقلبات الحياة, ولنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة, لما أعطاه للطفل من رعاية واهتمام حتي وهو نطفة في بطن أمه. الدكتور سمير عبد المنعم حسن الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة يقول لأن اهتمام الإسلام بالطفولة يبدأ من اختيار الأم الصالحة, كما في قوله عليه الصلاة والسلام( فا ظفر بذات الدين) وقوله( تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه أخواتهن وإخوانهن), وكذلك التعوذ بالله من الشيطان الرجيم قبل الجماع, قال صلي الله عليه وسلم, لو أن أحدكم إذا أتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضار. وكذلك من السنة تحنيك المولود بالتمر لأن للتمر فوائد كثيرة للأم, لذلك قال الله تعالي للسيدة مريم عليها السلام لمساعدتها في ولادتها, وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا(25 مريم), ووصف لها الرطب لتأكل من ليكون هذا الرطب بتمر الدواء الذي يقدمه الأطباء في العصر الحديث للحامل قبل الولادة. وقال من حق الطفل في الإسلام أن نسميه بأحب الأسماء لذلك قال صلي الله عليه وسلم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم ومن حق الطفل أيضا أن( نعق) عنه في اليوم السابع من ولادته, و هو ذبح شاة, قال صلي الله عليه وسلم( كل غلام رهين بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه. ويضيف الدكتور سمير عبد المنعم أنه يجب للطفل الختان, قال صلي الله عليه وسلم الختان سنة للرجال مكرمة للنساء, و من حق الطفل الرضاعة لمدة عامين كاملين لقولة تعالي( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)( البقرة233), فإن لبن الأم فيه الغذاء الكامل للطفل الرضيع والأم أحق برضاعة وليدها لحنوها وعطفها ورقتها وشفقتها وحسن, فلبن الأم يتميز بفوائد عديدة تفوق ألبان الحيوان و الألبان الجافة فلا يتعرض للتلوث, يخرج من الأم إلي فم الطفل مباشرة. و يشير إلي أنه يجب أن تعلم الطفل الصدق في القول والعمل وأن نكون قدوة طيبة في ذلك ومن حقه توجيهه وعظة وتعليمه قال صلي الله عليه و سلم لعمر بن أبي سلمة وكان يأكل مع النبي صلي الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ومن حق الأطفال أن نرحمهم ونحسن إليهم قال صلي الله عليه و سلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا, و كذلك أن نعرف الطفل آداب الإسلام وعلي المربي أن يبدأ الأطفال بالسلام, عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مر علي غلام فسلم عليه. ويقول الشيخ رضا الخولي من علماء الأوقاف: إن الأولاد نعمة من أجل النعم لا يعرف قدرها إلا من افتقدها ومن أجل هذا طلب نبي من الأنبياء وصفي من الأصفياء أن يهبه الله الولد. الذي يرثه في الحكم والعلم وتبليغ دعوة الله لخلقه إنه نبي الله زكريا عليه السلام حين رفع أكف الضراعة إلي مولاه فقال قالرب إني وهن العظممني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا مريم(24) في كل الأحوال يصبح الأولاد نعمة( إن كانوا صالحين) إن ماتوا قبلك فهم نعمة يعني صغارا. وإن عاشوا وماتوا بعدك كبارا فهم نعمة أيضا, ويقول الرسول من كان له فرطان أدخله الله بهما الجنة. فقالت عائشة فمن كان له فرط من أمتك؟ قال ومن كان له فرط يا عائشة فقالت فمن لم يكن له فرط من أمتك قال أنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي. فهو نعمة لو مات وإذا عاش بعدك وكان صالحا فهو كذلك نعمة. ورسول الله يقول أيضا إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فالولد الصالح قرة عين في الحياة ورصيد حسنات بعد الممات. قال أحد الصالحين ليزيد بن معاوية في وصف الولد إنهم ثمار القلوب وعماد الظهور ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة, فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم يمنحوك ودهم ولا تكن عليهم ثقلا ثقيلا فيملوا حياتك ويودوا وفاتك ومن حق الطفل قبل ولادته أن تختار له زوجة صالحة وتحسين اختيار من ستكون له أما. فالرسول قال تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس. فإذا تزوجت واخترت له أما صالحة فعليك أن تتبع سنة النبي في المعاشرة الزوجية وطلب الولد الصالح وذلك بذكر الأدعية التي تحصن المولود وهو نطفة من الشيطان الرجيم. فقد قال رسول الله لو أن أحدكم إذا أتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما يولد لم يضره الشيطان أبدا. انظر إلي هذه النتيجة الرائعة وهي أن يحفظ الله الذرية من الشيطان بسبب فعل الأب الصالح الذي ذكر اسم الله عندما أراد الاتصال الجنسي بزوجته وقبل أن يتكشف ويتعري هذا. ومن الحقوق التي كفلها الإسلام للولد فقد حافظ الشارع الشريف علي حياة الطفل جنينا وللحفاظ عليه جنينا صور عدة. أولها: اتفق الفقهاء علي أن حياة الجنين محفوظة ويحرم المساس بها وذلك لأنهم اتفقوا علي أن إسقاط الجنين أو إسقاط الحامل في جنين بعد نفخ الروح فيه حرام ولو كان هذا الإجهاض اتفاق بين الزوجين. لأن هذا الإجهاض قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق. حتي في هذه الصورة التي حرمها الإسلام حافظ علي الجنين ولم يقم الحد عليها حتي وضعت وأرضعت وأكل الولد.ومن صور الحفاظ علي الجنين أباح لها أن تفطر في رمضان, ومن صور رعاية الإسلام لحقوق الطفل قبل ولادته الحفاظ علي حقوقه المالية وهو ما يزال جنينا في بطن أمه فقد أوقف الإسلام التركات التي يكون للجنين نصيب فيها وذلك خشية تقسيم التركة بين الورثة الأحياء وضياع نصيبه فيها. و يضيف الشيخ الخولي قد راعي الإسلام مصلحة الطفل في حال صغره فجعل بقاؤه فترة عند أمه وأخري عند أبيه سنين الرضاعة علي حسب حاجة الطفل ومن ذلك أرجع الحق سبحانه وتعالي موسي إلي أمه. فرجعناك إلي أمككي تقر عينها ولا تحزن. ولأهمية الأطفال حتي في ساعات الخلوة والعبادة لله.. كان رسول اللهيرعي حقوق الأطفال ففي الصلاة أطال فيها حتي لا يفزع ولده الذي علي ظهره حتي ظن الأصحاب أن رسول الله قد قبض فلما فرغ قالوا ظننا أنك قد قبضت أو أن الله يوحي إليك. فقال كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتي يقضي حاجته, وسمع رسول الله بكاء طفل فقصر في الصلاة رحمة به وشفقة بأمه. والطفل صغيرا يبني شخصيته فلابد للأبوين والمربين أن يراعوا بناء شخصية الأطفال وتكوينها فلا تهمل رأيه ولا تتجاهله والقرآن الكريم يعرض علينا صورة كريمة بين الأنبياء وأبنائهم فيقول في شأن يعقوب ويوسف عليه السلام إذ قال يوسف لأبيهيا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا.. الآيات, فيوسف عليه السلام يعرض علي أبيه رؤيا رآها وهو حدث صغير فيفتح قلبه له. ويهتم بأمره ويحذره ويستشيره, ويقول في شأن إبراهيم عليه السلام فلما بلغ معه السعي.. الآيات, ويستشير إبراهيم عليه السلام ولده في أخطر أمر ممكن أن يستشيره فيه أب ولده وهو أمر ذبحه.