تتشابك حكايات ثلاث في أزمة واحدة ترتكز كل حكاية فيها علي أشخاص عجزوا أن يستوعبوا أزماتهم ويتجاوزوها فتحولت إلي أغلال يتصفدون بها إلي ما لا نهاية. خريف عمري شيء من الوهم وبعض من خيال يجعلك تعبر المستحيل وتنتصر علي نفسك وتعبد لها طريقا جديدا قد لا تجد فيه أحدا تعرفه وربما يكون معك من تحب ولكنه شخص آخر تبدلت حياته بحياة أخري مع روحك الجديدة; وتجد نفسك مستكينا لفكرة إغماض عينيك إلي الأبد حتي لا تصحو من خيال هو حياتك التي تتمني..! ما كنت أستطيع مواجهة نفسي بضعفها واستكانتها لرجل أعطيته عمرا هو كل حياتي وولد وبنت في عمر الزهور يملآن بشبابهما الدنيا فرحة وسعادة ولا كنت أجرؤ أن أواجه زوجي بظلمه وجبروته وإهماله لي سنوات عشرتنا القاسية وهجرته بيتي ليبني بيتا آخر لامرأة أخري ظن أنها ستهبه السعادة فما جني منها غير بؤس ولوعة وكأن القدر أراد أن ينتقم لي منه علي يديها, قد تكون أحبته أكثر مني أو وجد عندها ما لم أستطع أن أعطيه له وهذا ما جعلني أستسلم للأمر الواقع ووجود امرأة أخري في حياة زوجي وتمنيت أن يكون هناك توازن حياتي بيننا إلا أنني شبه فقدت زوجي تماما, لم يكن يأتي إلينا إلا نادرا وكأننا بتنا علي هامش حياته حتي الابنين تباعدت العلاقة بينهما وأبيهما إلي حد كبير ومضي العمر بيننا طويلا ولم أجرؤ علي مواجهة ضعفي أمامه فحبي له يجري في دمي ولم تتغير مشاعري في بعده, أنتظر مقدمه لي كل حين كهلال العيد, لم أنجح يوما في أن أغير نظرته الهامشية لي أو أجتذبه ناحيتي, ولكني كنت راضية بحالي حتي وقعت جفوة بينه وبين من أحب وهجرني إليها لينفصل عنها ويعود إلي بيته ويعيش في دائرة قلبي من جديد, ولكني كنت واهمة فلم يكن هو من يعيش معنا, كان قلبه معها, يجري إليها, يسترضيها, يحلم بها في صحوه و منامه, و كأنني ليس لي وجود في حياته, و كان حتما علي أن أتمرد علي ضعفي و أغير من نفسي معه, أواجهه, أناشد فيه عشرة العمر التي قضيتها معه شقاء و كفاحا و صبرا علي مكاره الحياة حتي أثبت وجوده في عمله و نجح إلي أن بات ملء السمع و البصر و بدلا من أن يكافئني في خريف عمري باعني بأرخص ثمن إشباعا لأهوائه, كنت قوية لأول مرة, قادرة علي مواجهته, خيرته بيني و بينها و عبثا حاول أن يقنعني بأنها لم تعد في حياته, صرخت في وجهه, طالبته بالطلاق بعد عشرة دامت أكثر من عقدين و نصف, كان أهون علي أن أعيش النذر القليل ما بقي لي من حياة وحيدة من دونه, خاسرة كل شئ إلا من كرامتي التي أهدرها عمرا. نيران الكراهية تلك حكايتي أكتبها لك و لا أمل لي في حل فمازلت حبيسة بيتي معه لا يريد أن يطلق سراحي أو يعود إلي رشده. قد تراني مثل كل الناس امرأة بلا قلب خطفت رجلا من امرأته كما تتصور هي, و لكنها لم تدرك أنه انفصل عنها من قبل أن يراني و أني عندما عرفته كان إنسانا محطما يشعر بغربة و هو في بيته كطفل تاه عن صدر أمه تتقاذفه الحياة يمينا و يسارا لا يدر إن كان علي قيد الحياة أو هو خارجها, احتضنته, وهبته ما يفتقد من حب و حنان و رعاية, هي تقول إنها من وقفت إلي جواره في الحياة حتي نجح و حقق كل طموحاته و لو كان إحساسها صحيحا لما غادرها هاربا من أزماته النفسية ليجد الراحة عندي, و مع ذلك لم يعنيني كيف تراني هي أو غيرها كل ما كان يعنيني هو زوجي و كيف كان سعيدا معي لعلنا لم نتزوج عن حب و لكن طول عشرتي معه اجتهدت كثيرا حتي أزرع بذور الحب و السعادة في البيت و اكتمل ما بيننا من توافق روحي وعاطفي عندما أنجبت منه ولدا و بنتا تماما كما رزق من زوجته الأولي و غير صحيح أني أبعدته عن بيته الأول و أولاده بل علي العكس فوجئت مع الوقت أن كراهيتهم لي تحولت إلي صراعات و خلافات بيني و بين زوجي أشبه بألسنة النار تأكل حياتي كالهشيم, تحولت حياتي معه إلي جحيم مستعر فقد كان أهله يرفضوني و يتعاطفون مع بيته الأول حتي إنهم نجحوا في أن يوغرو, صدره ضدي و يرميني و طفلي في الشارع بلا مأوي أو نفقة و لولا وقوف أهلي معي لما كان ينتظرني غير الضياع و مضي علي انفصالنا عامان وجدته يأتيني بعدها طالبا الصفح و أن أعود للعيش معه مبديا ندمه الشديد أن طاوع شيطانه و طلقني و أخذني لقضاء عمرة و هناك وقفنا أمام بيت الله الحرام و واعدني علي حسن العشرة, و أن يمهد لي و طفليه حياة كريمة, صدقته و عدت للعيش معه كان يجتهد بالفعل في إسعادنا, اشتري لنا شقة و بات لا يفارقنا و ترك من ذهنه تدخلات أهله و عياله حتي لا ينفصل عني و لكنها بضع سنوات مضت لتعود النار و تشتعل في بيتي من جديد و لكنها هذه المرة كانت كالشعرة التي قصمت ظهر البعير, كان يريد أن يبيع الشقة التي تسترني و طفليه و أعود إلي الشارع من جديد و كان علي أن أحافظ علي بيتي من نيران الكراهية حتي لا تحرق حياتي و حياة ابني و ابنتي, حاربته و منعته من بيع البيت فألقي علي يمين الطلاق و كأنه يلفظني من حياته, ليت الانفصال كان نهاية ظلمه و تجبره علي لقد طعنني في قلبي و روحي كان أهوج إلي حد الجنون, طار عقله و اتهمني في شرفي حتي إنه أنكر بنوة ابني و ابنتي له, انخلعت روحي لاتهاماته للدرجة التي كرهت فيها نفسي و كرهته و كرهت وجود أي رجل في حياتي, كنت أقوي من ضعفي و هواني, واجهت ظلمه, أخذت بحكم المحكمة حضانة طفلي و حصلت علي حكم بالتمكين من الشقة لصالح الولد و البنت و قررت أن أغلق حياتي علي نفسي من أجلهما, قتلت أنوثتي و بات احتياجي لأي رجل ضربا من مستحيل, و ها هو الآن يلاحقني ندما و رغبة في العودة, و لكن كيف لي أن أنخدع مرتين و أصدق أن من باع يمكنه أن يشتري مرة أخري و أن الماء الذي تعكر باتهامات الشرف و الخيانة يمكنه أن يصفو مرة أخري. بين عالمين أنا رجل طحنته الحياة إلي حد الشقاء بنيت نفسي بنفسي و خطوت طريقي من الصفر حتي استطعت أن أكون رقما مهما في مجال العمل, و لأنه كان علي أن أتزوج كخطوة طبيعية لأي رجل في بداية حياته و إرضاء لرغبات الوالدين ارتبطت بإنسانة بشكل تقليدي ما يطلق عليه زواج الصالونات و حاولت أن أقترب منها كي أحبها و إن لم يكن زواجنا عن حب لعل العشرة الطيبة تخلق نوعا من المشاعر أو إرهاصات حب يمكنه أن ينمو مع الوقت لكن ما لقيته في حياتي معها كان العكس تماما, لم تستطع أن تحتويني أو تذرع بذور الحب بيننا لكن يعلم الله كم كنت أحسن عشرتها و لا أنكر وقوفها إلي جانبي في بداية حياتي رزقني الله منها بولد و بنت هما قرة العين و فرحة العمر و لكن ماذا أفعل و قد تحرك قلبي بالحب عندما تعرفت علي زوجتي الثانية, وجدت عندها السعادة التي كنت أفتقدها أحببتها بجنون و كأنها تجري في دمي و لكني كنت منقسما بين حياتين و عالمين مختلفين تتشابك بينهما جسور الكراهية و العداء ممزق بين واجبي نحو أم أولادي و حبيبتي التي أسعد بها و التي لم يتركني أحد لحالي معها, صارت تدخلات الناس أشبه بمسامير شيطانية تدق في نعش حياتنا حتي انقضت, أنا لا أنكر مسئوليتي فيما طرحته زوجتاي من أسباب لفشل الحياة بيننا و لكني رجل عملي لا أقف عند أخطائي حتي و لو كانت جرائم, أعبر عليها و أبني علي أطلالها بناء جديدا لحياة جديدة و ما كانت ملاحقتي لزوجتي الثانية إلا حبا حقيقيا عشته معها و ضيعته بيدي و ما ندمت في حياتي علي شئ بقدر ضياع حبيبتي مني, هي لا تريدني و أنا أعذرها علي ما فعلته بها و لكني أعيش مرحلة من حياتي بلا وزن بين رفضي من زوجتي الأولي التي تعيش خوفا و هواجس أن أعود لزوجتي الثانية و بين رفض حبيبتي لي, لا أدر ماذا أفعل غير أني أحاول أن أنسي, أو أبحث عن تجربة جديدة تغير من حياتي بلا طائل أو حتي قدرة علي الحياة من دون حب. نبراس الطريق قد يعمي الإنسان عن الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه و يقضي عمره بحثا عنه دون أن يدري أن نبراس الطريق في يده و ليس عليه إلا أن يشعل مصباح الأمل يرشده إلي الطريق.. و أنت يا من احترقت بنيران الشقاق و التنافر بين الضرائر لم تفهم حكمة الخالق من تعدد الزوجات و لم تجتهد في أن تعدل بينهما و تعطي كل ذي حق حقه فما جنيت غير الخراب. بالتأكيد اعترافك بما اقترفت من أخطاء لهو أول خطوة في الطريق الصحيح و لعلك في حاجة إلي شيء من الصبر علي زوجتيك حتي تستكين كل منهما للحياة و تستقر النفس منهما و تستطيع كل واحدة أن تقبل بوجود الأخري في حياتك, فضلا عن أنك أورثت المرأة التي أحببت نفورا من كل الرجال لما لاقت من قسوة العشرة و صعوبتها معك فلا تحاسبها علي أمر كنت أنت من أشعل النار فيه و لو أنك صبرت و احتسبت حتي تهدأ هذه النيران لكان لكما شأن آخر في المستقبل فلا تعذب نفسك علي وهم ضياع الحب كما يضيعنا أنفسهما هما أيضا بوهم النجاة من تحت نير أسرك و ظلمك لهما و في هذا سر الأزمة في قلوب ثلاثتكم و صدق المولي عز و جل عندما قال في محكم آياته وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا, الفرقان:20] و من هنا نجد الصبر هو مفتاح السر لحياتك مع من ظلمت أو تعتقد أنهم ظلموك و لك أن تعلم أن كل امرئ بما كسب رهين, الطور:21] و لو استوعبتم ذلك لكان قرار السعادة في يد كل واحد منكم يسيرا بعيدا عن العقد و الأزمات النفسية و خاصة أن من يدفع فاتورة فشلكم هم أطفال أبرياء ليس لهم جريرة في الدنيا غير أنهم جاءوها لآباء متخاصمين فاتقوا الله في أولادكم يصلح الله من شأن حياتكم.