شيء من العذاب هو عنوان حياتي ولولا بعض من صبر لما استطعت العيش, كيف لأم انخلع قلبها علي أعز الناس لديها يمكنها أن تعيش وتكابد الحياة فقدت ولدين في عمر الزهور إثر تناولهما دواء بشكل خاطئ أصابهما بتسمم وفي لحظات خاطفة انتهي كل شيء, ضاقت الدنيا بي واختنقت روحي, كنت أجلد نفسي إحساسا بالذنب وأني قتلتهما إهمالا وتقصيرا وبشق الأنفس استطعت تجاوز الأزمة فقد كانت أمي إلي جواري تواسيني وتزرع في نفسي الأمل صبرا وإيمانا وفي تلك الفترة كانت علاقتي بزوجي تسوء يوما بعد يوم فلم يكن يستشعر مسئولية في البيت حتي من قبل وفاة الولدين كان عاطلا عن العمل يعيش علي معونة والده ووالدتي, اجتهدت كي أغير منه, تجاوزت أحزاني, سعيت حتي أخلق جوا من الاستقرار والسعادة في البيت ورزقنا الله بحمل وجدت فيه العوض عن فلذتي كبدي اللذين رحلا ما كنت أدري أن سيناريو الأقدار كان يخفي لي حلقة جديدة من حلقات الألم, اشتدت الخلافات بيني وزوجي, ما أثر سلبا علي صحتي فتعرضت للإجهاض ما عرض حياتي للخطر وما أن استقرت حالتي الصحية حتي انفصلت عن زوجي وقررت أن أبدأ حياتي من جديد, رأيت أن الزواج التقليدي قد ينبني علي غير تكافؤ في الأرواح والطباع وانتظرت الحب يأتي ويأتي معه رجل يكون لي السند في الحياة أهبه قلبي ويهبني السعادة التي حرمت منها. ولم يطل بي الوقت طويلا وكأن الأقدار ضنت علي بالسكينة والاستقرار, حيث تعرفت علي رجل رأيت فيه سعادتي وأحلامي وكل شيء حرمت منه, كان رجلا عظيما محط أنظار كل من حوله, نشيطا, له نجومية وكاريزما تجذب الناس إليه, كنت أعمل معه ولقربي منه تعرفت عليه بشكل كبير ما جعلني أتعلق به, انشغلت به في ليلي ونهاري حتي نومي اقتحم مني أحلامي وشيئا فشيئا أخذ علي عقلي وقلبي وكل كياني, كنت أريد أن أفاتحه بمشاعري نحوه لا أدري أنه كان يفكر في ويبحث عن طريقة يفاتحني بها, ذهبت إليه تتراقص خيالات الهوي في عيني وقبل أن أنطق وجدته يخبرني بحبه ورغبته في الزواج مني, ولكنه كان مترددا لأنه متزوج وأكبر مني سنا ولديه أولاد أعمارهم تقارب سني ولكني لم أفكر في ذلك عندما أحببته ولقد كنت مرتبطة بشاب لم يملأ عيني ويجعلني أحترمه وكنت أري في حبيبي هذا والدي الذي رحل عني وأنا بعد لم أخط أعتاب الشباب, كنت متعلقة بوالدي إلي حد الجنون وكدت أموت وراءه من الحزن والألم النفسي, وبقي قلبي منكسرا لفراقه حتي بعد أن تزوجت وانفصلت إلي أن رأيت حبيبي, التأم القلب معه واتسعت الدنيا التي ضاقت علي رحابتها وتفتحت أذهار أيامي معه, قبلته وإن كان أكبر مني فهو الحبيب والأب, قبلته رغم زوجته وأولاده فيكفيني منه بعض وقت هو كل حياتي فقد عشت من قبله كل وقتي ولم أكن سعيدة. وتم زواجنا, وشعرت بين يديه أنني ملكة متوجة علي عرش من الحب والسعادة, لم يشعرني أني أعيش معه نصف حياة في كل شيء فهو له بيت آخر يخشي عليه ولم أرفض رغبته في عدم إعلان زواجنا في البداية مراعاة لبيته وأولاده, لم أفكر في أن في ذلك خطأ كبيرا أو تقليل من شأن نفسي بقدر ما كنت حريصة علي الزواج ممن أحببت رغم كل شيء, شربت من كأس أقداري وثملت بأحلام كانت أقرب للأوهام منها إلي الواقع, وسرعان ما انهار صرح المشاعر كبنيان الرمل تذروه الرياح لأصطدم بحلقة جديدة من الألم والمرارة في حياتي عندما علمت أني حامل وجريت إليه فرحة مستبشرة أزف إليه الخبر فما كان منه غير أن اقتضب وجهه وانطفأ نور الحب فيه, قال إنه لم يكن يريد أطفالا فلديه من الأولاد ما يكفيه ولكني في حاجة لأن أكون أما ويعوضني ربي عمن ثكلتهم وبصعوبة بالغة قبل الأمر ولكن معاملته لي تغيرت إلي حد العنف, ضاع الحب وتلاشي الحنان ووجدتني مع رجل غير الذي أحببت ووجدت فيه السكن حاولت جاهدة أن أستعيد حبه, ولكنه كان قد تبدل من حال إلي حال تعددت علاقاته النسائية ما كان يهين كرامتي وعبثا حاولت أن أثنيه عن غيه واشتد الخلاف بيننا حتي إنه ضربني بعنف وتسبب لي في إصابات بالغة وحررت محضرا بالواقعة وكاد أن يدخل السجن لولا أني تنازلت عن حقي حفاظا عليه وعلي ابنتنا خاصة أنني اكتشفت أني حامل للمرة الثانية واتسعت هوة الخلاف بيننا إلي حد بعيد حتي عندما ولدت ابنتي الثانية لم يكلف نفسه أن يأتي ليراهاوضغطت علي نفسي وذهبت له أكثر من مرة كي لا ينهار البيت ولا تعيش البنتان يتيمتين وأبوهما علي قيد الحياة ومع تدخلات أهل الخير تم الصلح بيننا شريطة أن تعيش الطفلتان مع أمي فهو لا يريدهما معه وقبلت علي أمل أن أغير من حاله ويستقيم الأمر, ولكنه لم يكن قد تغير واستمر علي غيه وعلاقاته المحرمة, وواجهته أكثر من مرة وفي كل مرة يعدني ألا يكررها ولا يفي بوعده ما جعلني أترك البيت ثانية, ولكني لا أدري ماذا أفعل, أنا لا أريد الانفصال عنه من أجل ابنتي ولكنه لا يعنيه ابنتاه ولو ضاعتا في الحياة. ش. القاهرة لولا الإيمان الراسخ في القلوب والقدرة علي الصبر يقينا في الله عز وجل ما كنا نستطيع تجاوز مقتضيات الحياة وعثراتها وما مررتي به في حياتك سيدتي ليس إلا امتحان صعب أشبه بالمستحيل, ولكنك صبرت صبر مؤمنة بقضاء الله وقدره في ولديها وعوضك عوض الصابرين في ابنتيك وأنا معك في إصرارك علي الحفاظ علي البيت بألا ينهار من أجل الطفلتين ومستقبلهما وإذا كان أبوهما لا يعرف حكمة أن يرزقه الله بطفلتين فيلفظهما متعللا أن لديه من الولد ما يكفي فهذا قصور ذهني ولا مبالاة مفرطة تسيطر عليه وعلي حياته التي يعيشها باستهتار يغب من متع الدنيا وشهواتها لا يدرك كيف أنه رجل عاقل وله مكانته في المجتمع ولم يجبره أحد علي الزواج من امرأة تصغره رأت فيه أبا رحل عنها وتفتقده, لم يكن مرغما علي الزواج والإنجاب كي يتخلي عن طفلتيه, بأي وجه تقابل ربك يوما ما وأنت له عاص ولنعمته رافض وقد رزقك الله بزوجة صالحة تريد أن تحافظ عليك وعلي بيتك وشرفك وابنتيك فتكافئها بأن تلفظها هي وابنتيك من حياتك, اتق الله يا أخي في نفسك وابنتيك. أما أنت سيدتي فلا مجال للومك الآن أنك أخطأت في حق نفسك من البداية باختيار خاطئ سواء في زواجك الأول أو في زواجك الثاني عليك فقط أن تحسبين لحياتك أنك تقفين علي أرض صلبة وتعرفين أي طريق تسلكين, سواء عاد زوجك لرشده, أو لم يعد, ولعله يرشد يوما ويحق فيه قول الله تعالي يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا. تعقل يا أخي إن لبيتك عليك حقا فلا تبخسهم حقهم فما خلقنا الله في الدنيا إلا لحكمة ولرسالة علينا أن نحملها أمانة وتكتمل وتلك الرسالة حددها الله بمسئوليات محددة في قوله تعالي من سورة الطلاق أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتي يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخري صدق الله العظيم والله ولي التوفيق.