يخطط الرئيس السوري, بشار الأسد, بمساعدة حلفائه الروس والإيرانيين, لشن هجوم مسلح علي محافظة إدلب, التي كانت إحدي مناطق خفض التصعيد التي أقيمت العام الماضي بموجب اتفاق بين موسكو وطهران وأنقرة, بهدف استعادة السيطرة عليها باعتبارها آخر المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة, التي حاولت علي مدي السنوات السبع الماضية الإطاحة بالرئيس الأسد دون جدوي. ومع بدء النظام السوري بالتجهيز لتلك العملية بتحريك آلياته العسكرية علي تخوم المدينة حذر الرئيس الأمريكي, دونالد ترامب, الرئيس السوري وحلفاءه من أن الهجوم الذي يصفه بخطأ إنساني فادح. سيجعل الولاياتالمتحدة غاضبة جدا. وفي اجتماع لمجلس الأمن للأمم المتحدة بشأن احتمالات استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا حذرت سفيرة واشنطن بالمنظمة الأممية, نيكي هايلي, النظام السوري وحلفاءه بألا يراهنوا علي عدم رد واشنطن, وأن أي اعتداء علي إدلب يعد تصعيدا خطيرا للنزاع السوري, وأن عواقبه ستكون مريعة. وتتلخص أسباب الرفض الأمريكي لأي عمليةعسكرية سورية بمشاركة حلفائها علي محافظة إدلب في الآتي: أولا رفضاستخدام الأسلحة الكيميائية:يؤكد جيمس جيفري,المستشار الخاص لوزير الخارجيةالأمريكي, مايك بومبيو,لسوريامنذ17 أغسطس الماضي أن هناك أدلة كثيرة علي أن القوات الحكومية السورية تستعد لاستخدام أسلحةكيميائيةفي محافظة إدلب بشمال غرب سوريا. ويتحدث العديد من المسئولين الأمريكيينبحسب تقرير لصحيفة وولستريتعن إعطاءالرئيس السوري,بشار الأسد,الضوء الأخضر لاستخدام غاز الكلور ضد آخر معاقل الفصائل المسلحة في البلاد. ثانيا التخوف منخروج المتطرفين من إدلب,كانتالمدينةوجهة لعشرات الآلاف من المسلحين والمتطرفين التابعين لتنظيماتمسلحةتصنفها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون علي أنها منظمات إرهابية,مثل:هيئة تحرير الشام, وتنظيمداعش, وحركة أحرار الشام, وفليق الشام. ويشير مبعوث الأممالمتحدة إلي سوريا, ستيفان دي ميستورا, إلي أنهناكنحو10 آلاف إرهابي ينتمون لجبهة النصرة وتنظيم القاعدة يتمركزون في مدينة إدلب.وتشارك الولاياتالمتحدة حلفاءها الأوروبيينمخاوفهم منأنشن الهجوم علي إدلب سيعمل علي خروج الآلاف من المتطرفين إلي دول الجوار لسوريا, وتزايد احتمالات انتقالهم إليأوروبا, وتهديديهم أمن القارة. ثالثاتدهور الأوضاعالإنسانيةلسكان إدلب: تحذر المنظمات الدولية وعلي رأسها منظمة الأممالمتحدة من أسوأ كارثة إنسانية في القرن العشرين قدتحدث في مدينة إدلب في حال شن النظام السوري هجوما عسكريا عليها, إذ إنها تؤوي وفق بياناتها3 ملايين, من بينهم أكثر من مليون مدني نازح من أجزاء أخري من سوريا. رابعا: تداعيات إضعاف سوريا:تري الإدارة الأمريكية أن الهجوم المتوقع علي إدلب سوف يسهم في إضعاف الدولة السورية أكثر ويجعلها أكثر تدميرا,وهو الأمر الذيسيزيد من عدمأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط, وسيؤثر سلباعلي أمن ومصالح الولاياتالمتحدة وحلفائها بالمنطقة. والخيار العسكريلن يقتصر عليتوجيهالإدارة الأمريكيةضربة عسكرية ضد قوات نظام الأسد, ولكنهقديشمل استهدافالقوات الموالية للنظام,والتي دعمته في مثل هذا الهجوم. فضلا عن تخطيطالولاياتالمتحدةلفرض عقوبات اقتصادية علي عدد من المسئولين السوريين كالتي التي فرضتها علي مسئولين روس وأتراك, معإمكانتشاور واشنطن مع حلفائها الأوروبيينحولانتشار عسكري في سوريا في حال استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية مجددا. في التحليل الأخير,يأتي التحذير الأمريكي من شن هجوم سوري الذي سيكون مدعوما من إيران وروسيا في وقت تتبني فيه الإدارة الأمريكية خطة جديدة تجاه سوريا بعد تراجع الدور الأمريكي في الأزمةلإستراتيجيتها غير المتماسكة ونفوذها المحدود, حيث أوضحالمستشار الخاص لوزير الخارجية الأمريكيلسورياأنالرئيس الأمريكي وافق علي خطة جديدة تقضي ببقاء القوات الأمريكية في سوريا, ليس فقط لضمان هزيمة تنظيم داعش بشكل دائم, ولكن للتأكد من خروج جميع القوات والميليشيات الإيرانية, لكون الانسحاب الأمريكي من سوريا بنهاية العامكانسيترك الأخيرة عرضة لنفوذ إيراني وروسي كبير بما يتعارض مع المصالح والأمن القومي الأمريكي. وتكشف الخطة الأمريكية الجديدة عن دور أمريكي أعمق في الصراع السوري.