يعيش الوسط الغنائي هذا الموسم حالة غريبة اجتمع عليها أغلب المطربين, بعد انفصالهم عن شركات الإنتاج التي تتولي إنتاج أعمالهم بسبب الخلافات المستمرة, وهو ما دفعهم للابتعاد عن فكرة الاحتكار خاصة بعد انهيار صناعة الأغنية وعدم تحقيق مبيعات تذكر بسبب إتاحة الأغاني علي الإنترنت. وبدأ المطربون في الاتجاه لإنتاج أعمالهم, لتقديم ما يرغبون من أغان دون فرض وصاية من أحد أو إجبارهم علي تنفيذ أعمال بعينها, ليكون إنتاج هؤلاء المطربين بين ألبومات تطرح بالكامل علي اليوتيوب أو أغانيات منفردة, علي أن يحاولوا فيما بعد أن يدر هذا العمل عائدا سواء من خلال الكول تون أو الحفلات دون مقاسمة من شركة الإنتاج. وكان أول من انتبهوا لأهمية هذا الأمر هو المطرب علي الحجار الذي أنتج لنفسه عام1981 بعد ألبوم أعذريني, كي لا يضطر الي الخضوع لشروط المنتجين, كذلك أنشأ ستوديو صوت لتسجيل الأغاني الخاصة به, الأمر تكرر مع المطربة أصالة التي اتجهت للإنتاج لنفسها, وإيهاب توفيق, والراحل عامر منيب. ومن أبرز المطربين الذين انتبهوا أخيرا لفكرة الإنتاج لأنفسهم, كان المطرب عمرو دياب الذي انفصل عن الشركة الخليجية المنتجة له بعد خلافات طويلة أدت إلي وجود دعاوي قضائية بين الطرفين انتهت بالانفصال, ليقرر إنتاج أعماله لنفسه وأخر أعماله هو ألبومه الجديد كل حياتي المقرر طرحه خلال الشهر الحالي, حيث طرح أغنية من الألبوم تحمل اسم ده لو اتساب علي قناته باليوتيوب, وهي تأليف أيمن بهجت قمر, ألحان محمد يحيي, وتوزيع أسامة الهندي. وانفصل أيضا تامر حسني عن الشركة نفسها ليؤسس شركة لنفسه تتولي إصدار ألبومه الجديد عيش بشوقك حيث صور جميع أغاني الألبوم وهو أمر كان من الصعب أن يحدث مع أي شركة إنتاج لما تتكبده من خسائر, كما ابتكر حسني أسلوبا جديدا لتسويق الألبوم من خلال طرحه علي فلاشة بدلا منCD لتكون أكثر عملية للجمهور. أما المطرب محمود العسيلي فقرر منذ عامين أيضا أن ينتج لنفسه وأن يبتعد أيضا عن تقديم ألبوم كامل, حيث يقدم أغاني منفردة بواقع أغنية كل شهرين وبالفعل قدم ما يقرب من10 أغنيات, وصور منهما9 أغنيات, كان أخرها أغنية حلم بعيد, إخراج إبراهيم حدرج, والكليب تم تصويره كاملا في فترة لم تتجاوز اليومين فقط في مدينة بوخاريست برومانيا, والأغنية من كلمات الشاعر الغنائي أمير طعيمة ومن ألحان محمود العسيلي وتوزيع الموزع الموسيقي علي فتح الله, وقد قام بطرح كليبين قبلها هما مش مضمون, وهي. وصور مكي أغنية جديدة من إنتاجه هي أخرة الشقاوة ويشاركه الغناء محمود الليثي, وتولي مكي كتابة كلمات الراب, ألحان وتوزيع شادي السعيد, وطرحها في هيئة كليب من الرسوم المتحركة. مكي قرر أيضا إصدار أغنية مصورة كل فترة ليبتعد عن المشكلات التي تتعرض لها الألبومات من ظلم في الدعاية كما أنها لا تحصل علي حقها في الاستماع, وقد أصدر الأغنية بعد أن طرح منذ فترة كليب أغنية ناصية زمان. وأيضا جاء التمرد علي شركات الإنتاج عربيا أيضا حيث طرح المطرب اللبناني وائل كافوري أغنية أخدت القرار علي قناته الرسمية من كلمات منير بو عساف, وألحان وتوزيع ملحم أبو شديد, وصورها فيديو كليبأيضا. وتعليقا علي ذلك قال الشاعر أمير طعيمة إن إنتاج المطرب لنفسه أمر موجود منذ فترة, ولكن الأزمة تتمثل في أن سوق الإنتاج لم يعد كالسابق, فالمنتج يقول للمطرب إنه لا يستطيع دفع المبلغ الخاص بالأداء الصوتي, فيقرر المطرب أن ينتج لنفسه, لأنه إذا كانت المسألة هي الصرف علي12 أغنية فالمطرب الكبير أفضل له أن ينتجها هو مادام لن يأخذ من الشركة المبلغ الذي يستحقه, ولن يجد المطرب صاحب التاريخ مشكلة في إدارة عمله لأنه فهم اللعبة, وبالتالي فأن الميزة الموجودة في شركة الإنتاج هو تحملها عبء إدارة العملية الإنتاجية, وأصبح المطرب بهذا الوضع يملك تاريخه الغنائي, فمثلا المطرب عمرو دياب بعد أن أنتج أخر البومين أصبح يملكهما, فعندما صور برنامج الحلم عن حياته ومشواره كمطرب كان منتجو أغانية يستطيعون منعه من استخدام الأغنية في البرنامج لأنهم يمتلكونها, لكن أي أغنية يصدرها الآن من إنتاجه كل عائدها المادي راجع له, ومن النهاية لا يوجد مطرب يجد شركة إنتاج تنتج له وتريحه من عبء إدارة العملية وتعطي له حق الأداء الصوتي الذي يستحقه ويتركها. وأضاف أمير أن المسألة أصبحت أن الشركة لا تستطيع أن تكسب من وراء مطرب كبير لأن الصناعة تنهار, لان المكسب يكون من الديجيتال ورنات التليفون خاصة أن المطربين لا يشاركون المنتج في عائد الحفلات, ويجد المنتج نفسه أمام ألبوم تم تسريبه وأصبحت أغانيه منشورة علي المواقع, ولن يذهب الجمهور لشراء الألبوم وهو أمامهم مجانا علي الانترنت فهناك مشكلة في حماية حقوق الملكية الفكرية, لذلك لا توجد سيطرة علي المطربين الكبار لأنهم علي دراية كبيرة بالسوق ويتحملون نجاح أو فشل الأغنية, أما المطربون الشباب الذين يخطون خطواتهم الأولي لا أظن أنه سيكون لديهم مشكلة مع وجود شركة إنتاج تكون رقيبه علي عملية إنتاج الألبوم. بينما قالت د.ياسمين فوراج أستاذ النقد الفني بأكاديمية الفنون انه من الأفضل للمطرب مادام تتوافر له المادة أن ينتج لنفسه خاصة أن هناك بعض شركات الإنتاج تقيد المطرب بسنوات محددة وعدد حفلات وباستوديهات تسجيل وأحيانا بملحنين وشعراء, موضحة أن إنتاج المطرب لنفسه أمر بات موجودا منذ فترة, لأن سوق الأغنية مضروب, فبسبب ضياع حقوق الملكية وتسريبات الألبومات دفعت الشركات لتوقع مع المطربين عدد سنوات كثيرة لكنها في الوقت نفسه لا تكسب. وأضافت في رأيي ألا يتجاوز عدد الأغاني في الألبومات12 أغنية بدلا مما نراه اليوم لأن الألبومات يجري تسريبها علي الإنترنت, وكلما امتدت فترة تسجيل الألبوم يتم تسريب الأغاني, علي العكس لا يحدث هذا مع الأغنية السينجل ولا تسبب له أي خسائر, لأنه بمجرد الانتهاء من تسجيلها يطرحها فورا.