لم تنجب الفنانة الراحلة فردوس محمد أطفالا.. لكن الله خلقها أما بالفطرة, وعوضها عن عدم الإنجاب بأن جعلها أم السينما المصرية. تدين فردوس محمد, المولودة في مثل هذا اليوم من105 أعوام بهذا الدور إلي المخرج محمد كريم الذي قدمها لأداء دور الأم رغم صغر سنها وقتها(28 عاما), وذلك في فيلم دموع الحب. في هذا الفيلم تم اكتشاف ماما فردوس علي جميع المستويات, ورغم تقديرنا لتلقائية أداء فنانة مثل عبلة كامل, فإن تعريف التلقائية هو: أداء فردوس محمد في أي دور من أدوارها, خاصة ذلك المشهد الذي أدته أمام العملاق ستيفان روستي في فيلم سيدة القصر(1958, إخراج كمال الشيخ), عندما قال لها: مدام تسمحي لي بالرقصة دي؟ فأجابته كأنها تشرب الماء: وماله يا خويا ما ترقص هو حد حايشك؟ قبل أن يجيبها هو: كده؟ طب ثانية واحدة.. أتحزم وأجيلك. كان هذا المشهد أشبه بجملة هات وخد الشهيرة في لعبة كرة القدم, وبين لاعبين من أمهر اللاعبين( بركات وأبو تريكة مثلا). غير أن هناك حدثا آخر شهدته كواليس فيلم دموع الحب, جعل فرودس محمد ترتبط بدور الأم, وتقريبا يرتبط بها. ومهما تظهر أمهات يظل الأصل والسر عندها, فعندما سافر طاقم الفيلم إلي باريس لتصوير بعض اللقطات عامل الجميع الفتاة ذات ال28 ربيعا علي أنها أمهم, فكانت هي المسئولة عن ترتيب إقامتهم وكانت المسئولة يوميا عن إعداد وجبات الغداء لمجموعة الفيلم وفوجيء الجميع بأنها أحضرت معها من القاهرة الملوخية والبامية اليابسة وبالتالي لم يفقد الجميع خلال إقامتهم في باريس إحساسهم بالبيت وبالأكل المصري. لم تنجب فردوس محمد رغم أنها تزوجت مرتين, مرة وهي صغيرة وتم طلاقها سريعا, والثانية كانت عجيبة وتدخل تحت بند مواقف وطرائف. ففي أثناء عملها في أحد عروض فرق المسرح قبل ظهورها في السينما في مطلع الأربعينيات من القرن العشرين تلقت فرقتها دعوة لتقديم عروضها في فلسطين, لكن القوانين في مصر لم تكن تسمح في تلك الأيام بسفر الفنانات غير المتزوجات خارج القطر ووقعت الفرقة في ورطة إذ إن فردوس محمد كانت تقوم بدور رئيس في المسرحية, ولا يمكن إلغاؤه أو يستبدل بها أخري متزوجة. هنا تفتقت أفكار صاحب الفرقة فوزي منيب عن الحل وهو زواج فردوس محمد من أحد أعضاء الفرقة صوريا( كده وكده) ووافقت فردوس محمد علي الاقتراح فتم اختيار المونولوجست محمد إدريس لهذه المهمة وسافر الاثنان ضمن الفرقة إلي فلسطين, وقدمت الفرقة عروضها لأيام عديدة وفي إحدي الليالي, وبعد انتهاء العرض المسرحي قلبت الحكاية جد ووافقت فردوس محمد واحتفلت الفرقة بزفافها في الفندق الذي تقيم فيه وتحول الزواج الصوري إلي زواج حقيقي واستمر لمدة خمسة عشر عاما انتهي بوفاة محمد إدريس وربنا يرحم الجميع.