البادي للعيان أن الثورة باتت في مأزق وان أطرافا مختلفة تتحمل مسئولية تاريخية عنه. فألوف النشطاء السياسيين والحزبيين معتصمون في ميدان التحرير بالقاهرة وفي مدن أخري. ويطرحون مطالب يبدو تنفيذها الفوري كما يطلبون من الامور المستحيلة. بل ان بعض تلك المطالب يتصادم مباشرة مع القانون ومع الواقع مثل إملاء سير العدالة علي محاكم الجنايات التي لها اجراءاتها وتوقيتاتها, وبالتالي لايمكن أمرها بالاسراع بنظر قضايا هي صاحبة الولاية الكاملة عليها. ومن الواضح ان الحكومة التي لم تؤد واجباتها في الوقت المناسب هي أكثر الأطراف شعورا بالمأزق, وان كان الشعور به قويا لدي مختلف الأطراف. ومن قبل لبت الحكومة بعض مطالب المحتجين لكن ذلك لم يؤثر ايجابيا عليهم, بل كان العكس هو الصحيح في وقت تجاهلت فيه الحكومة في المرة السابقة جانبا من المطالب. وأمس لبي رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف أغلب المطالب المتبقية, فقال في بيان انه قرر اجراء تعديل وزاري خلال أسبوع وتعيين محافظين جدد قبل نهاية الشهر وتكليف وزير الداخلية بالاسراع باستبعاد ضباط الشرطة المشتبه بهم في قتل المتظاهرين. وقال في كلمة بثها التليفزيون انه كلف أيضا وزير الداخلية بالاسراع باجراءات إعادة الأمن والنظام. وقال بالنص انه قرر اجراء تعديل وزاري خلال أسبوع.. اجراء حركة محافظين قبل نهاية الشهر الحالي تتفق وتطلعات الشعب واضاف انه كلف وزير الداخلية بالاسراع في إعلان حركة وزارة الداخلية متضمنة استبعاد قيادات هيئة الشرطة الذين تورطوا في جرائم ضد الثوار في موعد اقصاه منتصف الشهر الحالي وكلفه بسرعة استعادة الأمن والانضباط للشارع المصري. وقال أيضا انه ناشد المجلس الأعلي للقضاء تطبيق مبدأ العلانية علي جميع محاكمات رموز النظام السابق وقتلة الثوار علي أن تكون المحاكمات منجزة ليطمئن الشعب وترتاح أسر الشهداء. وهذه هي النقطة الوحيدة التي لاقت استحسان المعتصمين في ميدان التحرير. أما فيما عداها فقد اتهموا الحكومة بأنها تتحداهم, واصروا علي مواصلة الاعتصام ليبقي المأزق قائما وليبقي علي الحكومة واجب إضافي, وهو واجب لابد ان يتسم بالايجابية الكبيرة وان يكون جذابا حقا للمعتصمين. وعلي الحكومة ان تحدد لنفسها كيف يكون ذلك.