في فبراير الماضي عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة استبعد الرئيس السوري بشار الاسد ان يتكرر ماحدث في مصر وتونس في بلاده. لكن بشار مازال يشبث بالحكم علي اعتبار انه مازال بعيدا عن دائرة الخطر وأن نهاية نظامه لن تكون مثل نظامي مبارك وبن علي. ثمة تحولات كثيرة علي الساحة السورية منذ اندلاع الانتفاضة منها الاعلان عن وجود معارضة سورية لنظام بشار عقدت مؤتمرها الأول في ايطاليا بتركيا ثم في قلب دمشق ثم التنازلات التي بدأ بشار يقدمها وغرور في استبعاد اي تهديدات لنظامه وبقائه السياسي مع مواصلة الثوار لثورتهم واتساعها في كل المدن السورية انطلاقا من يوم الجمعة الحاسم في ثورات الربيع العربي. وقوي المعارضة المستقلة التي عقدت مؤتمرها في فندق سميراميس في دمشق كسرت حاجز الخوف وعليها ان تطرح اجندة واضحة للتغيير وان تكون مقنعة للشعب السوري كخيار بديل لنظام الاسد وان تضطلع بمهمة التنسيق مع بقية القوي الوطنية وان تنأي بنفسها عن القوي الخارجية لان فوائد الخارج يفوق الداخل. والاعلان بشكل رسمي واضح عن وجود معارضة سوف يبعث برسالة قوية للشعب السوري كما ان وجود معارضة يعني وجود تغيير كبير في الخريطة السياسية السورية وعلي هذه الشخصيات المعارضة ان تبدأ حوارا مع الشخصيات الوطنية الأخري التي لها رصيد كبير في الشارع السوري دون التقليل من أهمية الحوار مع نظام الاسد تركز في المقام الأول علي وقف اراقة دماء السوريين وعلي التحول الديمقراطي وضرورة استغلال انشقاق عسكريين يرفضون سفك دماء السوريين بألة القتل العسكري ولاهمية هذا العامل في حسم نهاية النظام السوري. ويلعب الجيش عاملا كبيرا في السياسة السورية ووفقا لما توقعه فان دام السفر الهولندي السابق في دمشق والقاهرة وفي اطروحته لنيل درجة الدكتوراة من جامعة امستردام بحدوث انقلاب عسكري ينهي حكم العلويين ونظام آل الاسد. طبعا هناك فرق بين الجيش في مصر وسوريا, ففي الاخيرة الجيش جزء من نظام بشار يدافع عنه ويحارب شعبه ولايتوقف عن ممارسة اقسي انواع القمع الوحشي من قتل وتعذيب واعتقال واقتحام وحشي للمنازل, والجيش السوري لم يلتزم الحياد مثلما تصرف الجيش المصري وفقا لمسئوليته التاريخية وانحاز لرأي الشعب في تغيير نظام مبارك ونجح الجيش المصري في تفادي السيناريو الكارثي وهو الصدام الدموي الذي تشهده ليبيا بشكل مأساوي حيث ابواب الجحيم والحرب الأهلية مفتوحة بكاملها وعلي أوسع درجة وساهم في تفاقم الأمور التدخل العسكري من جانب حلف الناتو. فهل بدأت نذر النهاية لنظام بشار وحكم الاقلية العلوية لاغلبية مسلمة سنية هناك انباء عن بداية حدوث انشقاقات من ضباط وجنود سوريين, خاصة في مناطق الحدود مع لبنان وتركيا, حيث ان معظم الجنود والضباط من المسلمين السنة, ورفض بعضهم تنفيذ أوامر القادة باطلاق النار علي المتظاهرين حيث ان معظم القادة من اقارب الاسد. وهناك الضغط التركي, حيث ان غالبية الشعب التركي من المسلمين السنة وانهم ينظرون إلي النظام السوري الآن كأقلية من العلويين مصممة علي قتل وقمع المسلمين السنة, الذين خرجوا في مظاهرات سلمية للمطالبة بحقوقهم في حياة حرة وديمقراطية مما دفع رئيس الوزراء الطيب اردوغان إلي ممارسة ضغوط مكثفة علي الاسد, لوقف القمع الوحشي وقتل المتظاهرين وسمح لبلاده باستضافة آلاف اللاجئين من القمع بعبور الحدود إلي اراضيها, كما سمحت للمعارضة السورية بتنظيم مؤتمر لها. والموقف الأمريكي ينطلق من أن الشعب السوري هو الخيار الوحيد لحسم الوضع في سوريا, حيث لاتريد واشنطن استباق الاحداث فمع ان المتظاهرين السوريين لا زالوا صامدين, ورغم القمع والقتل, تراقب الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون وتقيم مدي قدرة الانتفاضة الشعبية وقوي المعارضة السورية علي التأثير في تغيير الوضع في سوريا, بالنظر إلي ان تونس أو مصر, حيث فرض العلويين مجتمعا مغلقا محاطا في كل مستوي بقوي الأمن والمخابرات, مما يجعل الموقف الحالي اشبه بمباراة طويلة غير محددة الزمن تنتظر من سيكون لها الغلبة, ولذلك لاتريد إدارة الرئيس اوباما تكرار ماحدث في ليبيا التي تنذر بالسقوط في مستنقع الحرب الأهلية وتم تأخير حسم الأمور رغم التدخل العسكري للتحالف الدولي. وسقوط نظام الاسد الذي شكل اهم محور للمقاومة الفلسطينية حيث يوجد زعماء حركة حماس واهمهم مشعل وداعما لحزب الله, سوف تكون له تداعيات بعيدة المدي فالنفوذ السوري والمساندة السورية لحزب الله, تجعل له عمقا استراتيجيا في سوريا, حيث تطور الامداد بالسلاح من قذائف الكاتيوشا ثم صواريخ ام600 وصواريخ سكود, وهي اسلحة تم تصنيعها او تعديلها في سوريا. فاذا سقط النظام السوري وحلت محله حكومة من الاخوان المسلمين فسيتوقف امداد سوريا لحزب الله بتلك الاسلحة ويتغير توازن القوي داخل لبنان, كما ان الغالبية السنية في سوريا قد لاتحبذ استمرار النفوذ الشيعي الإيراني في سوريا ويغيرون وجه المنطقة بل قد يتغير مسار الصراع العربي الإسرائيلي.