حذرت مجلة الايكونوميست الاقتصادية البريطانية من الانكماش الاقتصادي في مصر وقالت إنه يقوض التقدم نحو اقامةنظام ديمقراطي. وقالت المجلة إن الحكومة حاليا تقوم بإدارة جميع الانشطة الاقتصادية لكنها تفتقد الثقة الضرورية لحل المشكلات المزمنة. وأشارت إلي مؤشرات الازمة الاقتصادية في مصر مثل تراجع الدخل القومي من5% قبل الثورة إلي4% وتراجع الصناعة بنسبة12% وانهيار ايرادات السياحة مماوضع ضغوطا كبيرة علي ميزان المدفوعات وانخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي بمقدار9 مليارات دولار. وقالت إن التقديرات الحكومية تشير إلي مواجهة مصر فجوة التمويل الأجنبي بنحو11 مليار دولار في النصف الثاني من العام الحالي والنصف الأول من العام المقبل وقالت المجلة ان حجم الازمة الاقتصادية يتجسد في تدهور نسبة النمو في الدخل المحلي ب11% مقابل5% العام الماضي مما يعني ان نسبة الدخل المحلي وصلت إلي4% وهو اقل مما واجهته دول شرق اسيا خلال الازمة المالية العالمية. وقالت: إن الحكومة المصرية تواجه مشكلات مالية مباشرة وتهديدات من انهياركامل لسوق العملات الأجنبية. وقالت المجلة إن الحكومة تعلن انها تضع الاسس لاصلاحات اقتصادية في مرحلة من3 إلي5 سنوات لكنها في الحقيقة تقوم بعملية سد عجز إداري وعليها القيام بتغييرات رغم انه من المقرر ألا تكون في مكانها بعد الانتخابات المقررة في سبتمبر المقبل. وقالت إن الحكومة قامت بزيادة الضرائب علي الدخل لتحقيق احد اهداف الثورة وهو العدالة الاجتماعية ووضع حد ادني للاجور ب700 جنيه 118 دولارا شهريا مواز لخط الفقر كما اقترحت الحكومة خططا وبرامج للاسكان الشعبي كما تمت زيادة الانفاق الاجتماعي بنسبة20% علي التعليم والصحة خلال ال12 شهرا المقبلة. ونجحت الحكومة في تفادي الاسوأ حيث افتتحت البورصة بدون تهديدات ولم يتعرض الجنيه للانهيار وانخفض الاحتياطي النقدي بمقدار800 مليون دولار في مايو الماضي مقابل3 مليارات دولار في مارس الماضي كما نجحت الحكومة المصرية في جمع11 مليار دولار من مؤسسات مالية ومانحين أجانب منها دول الخليج التي تعهدت بتقديم20 مليار دولار في تصويت بالثقة ذي دلالة. وقالت المجلة إن الحكومة المصرية فشلت في استغلال لحظات التغيير والثورة حيث كان المصريون مستعدين لاي إجراءات مؤلمة في إطار سياسات اقتصادية حكومية وبدلا من ذلك؟ كان أول إجراء لها هو الموافقة علي زيادة الأجور للعاملين في الحكومة بنسبة15% وزيادة المعاشات وتثبيت450 الف عامل مما يعني زيادة الأجور بنسبة25%. ونقلت المجلة عن احمد جلال المدير السابق للمركز المصري للدراسات الاقتصادية قوله إن المشكلة لم تكن في تكاليف تلك الخطوات ولكن في الرسالة التي قدمتها الحكومة وهي في انها تسعي لبث السعادة في قلب كل مصري, وأشارت إلي التضارب في القرارات الاقتصادية باقتراح الضريبة العقارية ثم التراجع عنها وهو ماحدث علي الضرائب علي الارباح, واعتبر أحمد هيكل ان أكبر فشل كان بشأن دعم الوقود الذي يصل إلي8% من الدخل المحلي و2% لدعم الخبز وارتفاع الدعم لثلاثة اضعاف الانفاق علي التعليم رغم ان دعم الوقود يستفيد منه الغني أكثر من الفقير كما ان السياحة تستهلك20% من دعم السولار فيما لايجد الفقراء خبزا رخيصا, وأكدت المجلة صعوبة خفض الدعم لمساعدة الفقراء لكن رفع الدعم سيؤدي لرفع الاسعار ورغم اعلان الحكومة خفض الدعم واصلاحه إلا ان الموازنة الجديدة خلت من ذلك كما تفادت الحكومة اتخاذ قرارات صعبة لمعالجة مشكلتي البطالة والتضخم. وقارنت المجلة مصر بتركيا حيث عدد السكان واحد75 مليون نسمة كما ان الاداء الاقتصادي كان واحدا في التسعينيات من القرن الماضي لكن شهد الاقتصاد التركي نهضة ووصل متوسط الدخل السنوي ال13 الف دولار فيما شهدت معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا ووصل عدد السياحة لتركيا إلي28 مليون سائح سنويا مقابل11 مليون سائح لمصر رغم كنوزها الفرعونية ومعالمها وذلك بسبب خفض دور الدولة في تركيا وافساح المجال للقطاع الخاص وعجز في الموازنة وصل إلي3% في تركيا مقابل11% في مصر. من جانبها طالبت د. ماجدة قنديل مديرة المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالحسم وتوحيد القرارات الاقتصادية وتخطي ماحدث من خلافات حول خفض العجز في الميزانية من قروض خارجية تصل إلي3 مليارات دولار بتنفيذ سياسات محددة خلال عام وبشروط ميسرة منها فائدة1.5% مقابل11% للتمويل من الدين المحلي, وقالت إن هناك تذبذبا في القرارات الاقتصادية وعدم التنسيق بين الوزارات مشيرة إلي الشكوك التي ابداها وفد أمريكي بشأن مناقشة الأوضاع الاقتصادية الراهنة وضرورة لقاء مسئولي أربع وزارات مختلفة وطالبت الخبيرة الاقتصادية بتشكيل مؤسسة تكون مختصة بمعالجة مشكلة تمويل المشروعات وتتعامل مع المؤسسات الدولية والخارجية لتوحيد القرارات في لجنة ومؤسسة واحدة بدلا من عدد من الأجهزة الحكومية والوزارات مشيرة إلي سلسلة من التضارب في التصريحات والقرارات الحكومية سواء بشأن مشكلة الضرائب أو القروض حيث يرحب وزير ويرفض آخر مما يكشف عن الارتباك في السياسة الاقتصادية الذي يكون له اثر سلبي علي الصعيد الدولي خاصة بشأن ثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد المصري والاعتراف به. وأكدت ان تمويل العجز من الديون المحلية له تكاليف عالية وعبر سحب السيولة من البنوك كما ان له تداعيات سلبية علي القطاع الخاص والانتاج والاستثمار الأجنبي.