دوامات العمل لاتنتهي, تنوء بحملك الثقيل, حقيبتك مهترئة, متخمة بالخطابات, تحملها من شارع الي شارع, حر برد مطر لايهم, المهم من وجهة نظر رئيسك أن تحافظ علي الأسرار التي تحملها. ولا عليك سوي أن تهز رأسك وتمثل تتمني أن تترك العمل بهيئة البريد لكن الأبواب موصدة.. اليوم, تشعر بسعادة عي غير العادة رغم أن صروف الحياة كما هي, تصحو من نومك مبتهجا كأنك عائد من رحلة غامضة حول الأرض في كبسولة, إحساسي قلقك لكنك فرح به. علي فورك, تقرر أن تتخلص من حملك اليومي, لن تذهب الي العمل, يوم واحد تشعر فيه بكسر الروتين ودوائره اللانهائية, ستخرج من حوائط شقتك الباردة, تتسعي أن تقوم بأي شئ تحبه من غير أوامر, تكبل يومك في شرنقة لاتستطيع اختراق خيوطها مهما حاولت, قبل أن تصفع باب شقتك, تتحسس جيبك, وتطمئن أنك لم تنس حافزك الشهري, ستصرفه بأكمله مهما كانت العواقب. مرة واحدة تفعل أمرا تحبه, تحفظ الشوارع بأشجارها وحفرها كل المعالم تضعها في رأسك, كل شارع له رائحة تختلف عن غيره, تميزه بمنخاريك, تكره شارعا تضطر أن تسير فيه لكن الآن لن تجبر علي شئ لاتحبه, أنفك يقودك الي شارع تحبه, تولع برائحته, لا تعرف بالتحديد ما هو السبب في شعورك الطاغي؟ كل ماتعيه أنك تحس إحساسا مختلفا عن معظم الشوارع التي تمر عليها يوميا تحلم ان تصبح الشورع مثل هذا الشارع الأثير لأنفك وروحك في آن. تتأمل الوجوه والأجساد المارة أمامك أو بجانبك, تملي عينيك بالجمال, الذي لاتراه في يومك المعتاد نهد يكاد ان يفط من مكمنه, بسمة لفتة, ضحكة, تشعر أنك انسان له قلب ومشاعر, يهفو الي حضن يضمه يطبطب عليه, يخفف عنه حمله الذي يزيد يوما وراء يوم. كثرة المشي, ترهقك تحتاج أن تجلس في مكان ما معدتك تؤلمك من الجوع لن تأكل ما تألفه كل يوم الفول, الطعمية والباذنجان المقلي, عندما تتصفح الجرائد من زملائك أثناء توزيع الخطابات, تلمح إعلانا عن البيتزا وخصائص المكونات وأسعارها التي تجعلك لاتفكر في تذوقها لكن اليوم لا أسعار ولاشئ يوقفك عن تجربة ماتريد. تدخل محل البيتزا تصطنع ابتسامة بلهاء تجلس علي أقرب منضدة صادفتك لم تهتم بالقعود وسط مدخنين أو غيره المهم ان ترتاح وتأكل تطلب بيتزا الخضراوات تجربها مرة في حياتك تعود الي تأملك تشعر أنك غريب وسط كائنات أخري, من يرد يرفع صوته أو ضحكاته الهستيرية لاغضاضة, من تريد أن تنام علي صدر من معها أو تحضنه لامانع, شاب يهدهد شفايف رفيقته بأصابعه يضع يده بين فخذيها.. تذوب وتذوب, وتتلاشي وسط الوجوه والمناضد, والضجيج. وائل وجدي القاهرة